الاسلام ضد العنف والارهاب



لقد حدث خلط فاضح و لبس خطير بين مفاهيم الاسلام و مفاهيم الثقافه الغربيه و بخاصه فمفهوم “الارهاب”. و لم يكن هذا نتيجه الصراع الحضارى و الفراغ العلمى و الفكرى فحاضر الامه الاسلاميه فحسب، بل يقف و راء هذا بعض القوي المعاديه للاسلام و ثقافتة و حضارتة و امجاد امتة و تاريخها المشرق بالاسهام الحضارى و الانجاز الثقافى المبدع.

لقد الصقت عن سبق اصرار بعض المفاهيم الشائنه و المستهجنه التي ترسبت فالبيئه الغربيه و تجذرت فتاريخها، و باتت رموزا و مصطلحات للافعال القبيحه الهمجيه و الشريرة، الصقت تلك المفاهيم البغيضه بالاسلام و اسقطت علي بعض مفاهيمة -كمفهوم “الجهاد” و ”الدعوة”- امعانا فتشوية صوره الاسلام، و استنزال امتة الي حلبه صراع مفتعل و مواجهه مدروسه بغيه النيل منها، و احلال ثقافه العولمه فنموذجها المغاير لحقائق الامه فقيمها الخلقيه و مبادئها الايمانيه و منطلقاتها و غاياتها، بل المناقض فعديد من الاحوال لاسسها التي قامت عليها، و اهدافها التي تضطلع فيها و تسعي لتحقيقها و فقا لرسالتها فالحياة. ان المقال جد طويل، بيد اننى ساركز الحديث هنا عن حقيقتين:

1- سماحه الاسلام

كون الاسلام دينا سماويا الهيا ربانيا، ينبذ العنف و الارهاب، و يامر بالرفق و الرحمه و العدل و الاحسان، شانة فذلك شان الاديان السماويه قبل ان يطرا عليها التحريف و التبديل، قال تعالى: (وما ارسلناك الا رحمه للعالمين)(الانبياء:107)، و قال: (ان الله يامر بالعدل و الاحسان و ايتاء ذى القربي و ينهي عن الفحشاء و المنكر و البغى يعظكم لعلكم تذكرون)(النحل:90).

هذة حقيقه نابعه من جوهر الاسلام و مثلة العليا، و صفه من صفاته، و سمه لازمه لعقيدتة و شريعتة و اخلاقة و مبادئة و قيمة و هدية و تعاليمة و ادابه، و هى ايضا حقيقه تاريخيه انطلق منها حمله الاسلام فشتي مجالات الحياة، و فعلاقاتهم بالاخر افرادا و جماعات و امما و شعوبا، بل و حتي مع موجودات الحياة و عناصر البيئه من حيوان و نبات و طير و حيتان و انهار و بحار و هواء و غابات و احراش، و مع منارات الارض و معالم الطبيعه و مكوناتها، و كانوا منضبطين فالتعامل مع هذا كلة بضوابط الاسلام الشرعيه و العقليه و المنطقية، بما حقق لها الانسجام مع نواميس الكون و طبائع الحاجات و سنن الفطرة. سواء ففتوحاتهم، او فتعاملاتهم التجاريه مع الشعوب المختلفة، او حين سياحتهم و تنقلاتهم و رحلاتهم ففجاج الارض و اقطارها و اقاليمها القريبه منهم و البعيدة، و نحو هذا من المظاهر التي صاحبت انتشار الاسلام و ظهورة و سيادته.

هذا هو المسار العام لتاريخ الاسلام و نشوء حضارته، و الطابع المميز لامه الاسلام و تاريخها سلما و حربا دعوه و جهادا. و لم يند عن هذا الا حالات شاذه و قليله لا يتاتي عليها القياس لا فالماضى و لا فالحاضر، و لا يصح ابدا ان يستدل فيها -فى عرف المنصفين و ذوى الالباب من مختلف الديانات و الثقافات- بما يعمد الية نفر نكره عن الاسلام و ثقافته، من الجهله و الموتورين و المحبطين و اليائسين و اصحاب السوابق الاجراميه و الافكار الشاذه المنحرفه الهدامة، الذين يحسبون علي الاسلام و ثقافتة -من المنظور الغربي- صلفا و اعتسافا، فحين انهم كانوا دوما -وسيظلون- اداه بيد القوي المعاديه للاسلام فالقديم و الحديث شعروا بذلك ام لم يشعروا، ادركوا هذا بطريق مباشر او غير مباشر ام لم يدركوا.

واذا كان الاسلام فحقيقتة ينبذ العنف و الارهاب و جميع اشكال القسوه و الظلم و العدوان، و يحث علي الرفق و التسامح و يامر بالعدل و الاحسان -وهذة الحقيقه من المسلمات المستقره فعقل جميع مسلم و وجدانه- فان ما يشاع عن الارهاب و علاقتة بالاسلام و امتة ربما ساعد علية عاملان مهمان:

الاول: كون الارهاب ربما الصق -ظلما و عدوانا- بالاسلام فالوقت الراهن عبر و سائل الاعلام الغربيه المختلفة، و بخاصه تلك الوسائل الموجهه لخدمه الاصوليات الدينيه و العنصريه و الصهيونية، و مما زاد الطين بله صله تلك الوسائل باصحاب القرار السياسي، و سعه نفوذها الفكرى و السياسى و الاقتصادي.

والثاني: ظهور بعض الجماعات المتطرفه و انتهاجها اساليب العنف و العدوان، و البحث عن مرجعيه فقهيه يستندون اليها و يفسرون فيها نصوص الكتاب و السنة، متجاهلين المناهج العلميه التي اصلها علماء الامه و ما تقتضية من علم شرعى و مشروعيه علي مستوي قيادات الامه الفكريه و السياسية، و مصالحها العليا و ظروفها التاريخيه و واقعها الثقافى و الحضاري. و مما يؤسف له ظهور انصاف المثقفين و المتعلمين الذين اقحموا انفسهم فالتنظير و التدليل بما يذكى نار الفتنه و يحرج الامة، حتي بلغ الامر ببعض الكتاب ان يكتب مقالا بعنوان “الاسلام دين الارهاب”، مؤصلا لما يعنية لفظ “الارهاب” فاللغه العربيه الاسلامية، متناسيا او متجاهلا ما يحدثة اتحاد اللفظ مع اختلاف المضامين، ناهيك عن الخلفيات و الايحاءات و التحرشات التي يعانى منها و اقع الامه الاسلاميه فصراعها و ازمتها الحضاريه فسياق اصبحت المصطلحات جزءا من هذا الصراع و تلك الازمة.

2- الارهاب مصطلح غربي

كون الارهاب ظاهره غربيه فجذورها و تطوراتها التاريخية، و فمنطلقاتها و اهدافها و غاياتها، و ايضا فو سائلها و اساليبها، و ذلك ما تؤكدة الدراسات و البحوث العلمية. ان المتامل فمفهوم الارهاب كطرح غربى يقف علي التالي:

اولا: قدم ذلك المفهوم كممارسه حدثت و تحدث علي مدار التاريخ الغربى منذ العهود الرومانيه و حتي العصر الحديث الا ما ندر. فقد استعمل حكام الرومان من امثال (Tiberius 14-37) و (Aligula 37-41) العنف و مصادره الممتلكات و الاعدام كوسائل لاخضاع المعارضين لحكمهم. ايضا الجماعات التي نشطت فالتاريخ الاوربى و انتهجت القرصنه و الارهاب، كجماعه “الفايكنج” التي نشطت ما بين القرن الثامن و الحادى عشر للميلاد، و بثت الارهاب و الرعب فمناطق و اسعه من اوربا. بعدها جاءت الحروب الصليبيه التي لم يشهد التاريخ كعدوانيتها، و مع هذا كانت تلك العدوانيه مقبوله فثقافه الغرب مدة بلغت من الطول حدا لا يسمح لها بالاختفاء علي حد تعبير “كارفين رايلي”. بعدها محاكم التفتيش التي قام فيها الاسبان ضد الاقليات الدينيه و المسلمين بخاصه كاهم المحطات الرئيسيه فتاريخ الثقافه الغربية، ناهيك عما احدثتة الحروب الصليبيه فبيت المقدس و ما حولة من الفظائع التي يندي لها الجبين فتاريخ العالم الغربى الديني.

وعلي نحو من ذلك، ما رست الدول الجديدة فالغرب الارهاب كخطه سياسيه للدولة، كدوله “هتلر” النازيه فالمانيا، و حكم “ستالين” فالاتحاد السوفيتي، حيث تمت ممارسه ارهاب الدوله تحت غطاء “ايديولوجي” لتحقيق ما رب سياسيه و اقتصاديه و ثقافية.

وعلي مستوي الجماعات و المنظمات، فان التاريخ الحديث للغرب شهد العديد من ذلك، كجماعه “بادر ما ينهوف الالمانية”، و منظمه “الالويه الحمراء الايطالية”، و ”الجيش الجمهورى الايرلندي”، و غيرها كثير.

ثانيا: و الانكي من هذا ان يرتكز العنف و الارهاب علي اصوليات اسلاميه و نصوص مقدسة، يقول “كارفين رايلي”: “لقد اكتسبنا القدره قبل الحروب الصليبيه بعهد طويل علي تبرير اشد افعالنا بربرية؛ باسم الله او باسم الحضاره المسيحيه او باسم العالم الحر، و هى الصوره العلمانيه لهذة الحضارة. فالثوره العبرانيه حامله بالفظائع التي اصر “شعب الله المختار” علي انها ترتكب باسم الرب، و قلما نجا المصريون او القبائل الكافره من انتقام “الرب الغيور”، و ربما ظل المسيحيون علي ايمانهم بهذا المنتقم. و فنهايه القرن الرابع ردد كثير من المسيحيين ف“روما” دعوه “امبروز” للدفاع عن “بلدهم” ضد البرابره منعدمى الانسانيه الذين لم يكونوا سوي “كلاب” علي حد تعبير اسقف اخر”.

مما يؤسف له، ان هذة الاصوليات تطفح فالعهد الراهن علي سطح السياسه الغربية، و تتنامي الاصوليات الاخري بدعم منها او تقليدا لها.

ثالثا: مما يلاحظ علي تاريخ الغرب ان ثقافتة ترتكز علي محفز حضارى يتمثل فتصور عدو متربص يتاهب بين الحين و الاخر للانقضاض علية و يستهدف منجزاتة الحضارية، كى يقوم بنسفها و ارهاب شعوبة و تصفيه قادتة و زعمائه. و بعمل ما كر لئيم من القوي المعاديه للاسلام، استغل الوضع الراهن و لا سيما بعد سقوط الشيوعيه و ما احدثة هذا من فراغ فتلك الجدليه الفكريه التاريخية، فدفع بالاسلام تحت مسمي “الخطر القادم”، و هب المغرضون و الناقمون و الماجورون للتنظير لذلك، و التدليل علية بما يرتكبة بعض الحمقي و الموتورين و المغفلين ممن ينتسب للاسلام، و تورط فانتهاج الارهاب و استحلالة ضد الاخرين و ضد ابناء ملته، و تطورت الاوضاع تحت انشطه مشبوهه و تحت مسميات مختلفه و مسوغات ملفقه يبرا منها الاسلام و امته، حتي كانت قاصمه الظهر (احداث الحادى عشر من سبتمبر 2001)، و اذا بالمواجهه مع الاسلام تحت مسمي “الحرب علي الارهاب” و اقع مفروض لا مفر منه، و اذا بالامه الاسلاميه تستنزل فميدان فرض عليها و بمنطق المتنفذ المتحفز للاخذ بالثار المخدوش فكرامتة و كبريائه. و ختاما اود التنبية الي النقاط التالية:

1- النظر فالمفاهيم و المصطلحات التي توظف فالمعترك الحضارى او يسوق لها سياسيا، كمفهوم العنف و الارهاب، بمنهجيه تختلف عن ما اعتادة الباحثون المسلمون من تاصيل المفاهيم المثاره فالساحه الفكريه من اثناء بحثها فاللغه العربية، بعدها فالقران الكريم، بعدها فالسنه النبوية، و ما تواضع علية العلماء المسلمون فصدر الاسلام و تاريخة الماضي… فعلي اهميه هذة المنهجيه فالتاصيل، الا انه ينبغى اعتماد المنهجيه الملائمه لمثل هذة المفاهيم و المصطلحات، بحيث تعتمد علي استقراء تلك المفاهيم فالساحه الفكرية، و فالاوساط الاعلاميه و السياسية، و المؤسسات العلميه الغربيه و المنظمات و الهيئات الرسميه و غير الرسمية، و الغوص فدلالاتها من اثناء البيئات التي نشات و تطورت فيها، و لها خلفياتها الدينيه و الثقافيه و التاريخيه فسياق الحضاره الغربية، بعدها مقارنه تلك المعانى و المفاهيم و الدلالات بما يقابلها فالحضاره الاسلاميه و ثقافتها، لئلا يقع المسلمون فشراك اختلاف المفاهيم و المضامين و الدلالات.

علي ذلك، فان المتتبع لمعني الارهاب -بخاصه فالثقافه الغربيه سواء فالقديم او الحديث- يجد انه يختلف عن معني الارهاب الوارد فالقران الكريم و السنه النبويه و المعانى المعهوده فالثقافه الاسلامية، و ان ما يقابلة فالحضاره الاسلاميه هو الاجرام المركب من “الفساد فالارض، و الحرابة، و الظلم و العدوان”، و جميع ذلك يحرمة الاسلام و يجرمة اشد التجريم و يفرض علي مرتكبية عقوبات صارمة.

2- اهميه الانصاف و النزاهه و الايجابيه فالنظر لتاريخ الامم و الشعوب، و عدم التوافر علي صفحات دون اخري سواء السلبيه او الايجابية. فان النظره الشموليه الموضوعيه العلميه المنهجيه النزيهه جديره بالانصاف و التعقل، و ”الحكم علي الشيء فرع عن تصوره”.

الاهم من ذلك، العمل الايجابى علي ابراز القدر المشترك بين الامم و الشعوب فثقافاتها و ادابها و ركائزها الانسانيه النبيله و السامية، ليتاتي للبشر العيش بسلام و تعاون فظل نظام عالمى متحد فاطارة الحضاري، متنوع فثقافاته، يحفظ لكل امه ذاتيتها المتميزه بعقيدتها و شريعتها و ادابها و اخلاقياتها و تراثها الحضارى الخاص، و يوحد بينها فيما تفرضة حضاره العصر و منجزاتها التي هى فالحقيقه موروث بشرى عام اسهمت فية الامم و الحضارات و قامت بالاسهام الحضارى للاسلام و امتة -الذى يعترف بة المنصفون-ان يؤهل المسلمين للفاعليه الحضاريه من جديد، و يؤكد علي احقيتهم فالملكيه الفكرية، و انهم فصميم التاريخ الحضارى و فبنيتة الاساس، و ليسوا شعوبا خامله عاشت و تعيش علي هامش التاريخ و الحضارة.

3- اذا كان ذلك الموضوع ربما ركز علي حقيقتين مهمتين هما: سماحه الاسلام و براءتة من الارهاب، و الارهاب مصطلح غربى نشا فالغرب و تطور فيه، فان القصد من هذا اضاءه لما غيبتة التيارات المناوئه للاسلام و امته، و ليس القصد و صم الغرب بالارهاب، اذ جاءت الحضاره الغربيه بمعطيات حضارية، و ارتكزت علي قيم انسانيه افادت الانسان و نهضت به، و لها تطبيقاتها الديمقراطيه و ايجابياتها المعتبره فمجال حقوق الانسان و رعايتها و تحقيق العداله من اثناء اجراءات قانونيه و انظمه مدنيه راقية. بيد ان الخلل يكمن فالمتامرين علي السلام من اصحاب المصالح الشخصيه و المطامع الذاتيه التي لا تقنع بالمشروع و لا تعترف بالاخر. و لكن لا يحيق المكر السيئ الا باهله، حمي الله الاسلام و حفظ المسلمين و وفقهم لما فية صلاح انفسهم و صلاح البشر.

  • الاسلام والارهاب
  • قصص اسلاميه ضد الارهاب
  • صور لمسيرة اطفال ضد الارهاب
  • الاسلام والعنف
  • صورة كلمات اسلامية عن المسيحيينن
  • معنى العنف والإرهاب
  • الاسلام دين الارهاب
  • الارهاب والتطرف في الاسلام
  • الارهاب ضد الاسلام في كومبىا
  • العنف في الاسلام


الاسلام ضد العنف والارهاب