خطبة دينية عن الصبر



ملخص الخطبه :


1- الدنيا دار امتحان و ابتلاء. 2- لا يسلم من مصائب الدنيا بشر. 3- احوال الناس عند نزول البلاء. 4- امور يسلو فيها المؤمن فمصيبته. 5- ثمرات الصبر علي الاقدار المؤلمة. 6- من سبب نزول البلاء. 7- و جوب التادب بالاداب الشرعيه عند حلول المصائب. 8- غفله الناس عن المصيبه فالدين.


الخطبه الاولي :


اما بعد: فاوصيكم ايها الناس و نفسى بتقوي الله عز و جل فالسر و العلن، و طاعتة فالمنشط و المكره، و ذكرة فالرخاء و الشدة، و الصبر علي طاعتة و عن معصيتة و علي اقدارة المؤلمة، (يا ايها الذين امنوا اصبروا و صابروا و رابطوا و اتقوا الله لعلكم تفلحون) [ال عمران:200]، (انما يوفي الصابرون اجرهم بغير حساب) [الزمر:10].

واعلموا رحمنى الله و اياكم انكم تعيشون بدار ابتلاء و امتحان، و تحيون حياة فتن و اختبار، رماح المصائب عليكم مشرعة، و سهام البلاء اليكم مرسلة، قضاء الله فيكم نافذ صائر، و حكمة فيكم حاصل سائر، لا راد لما قضاة و قدره، و لا ما نع لما ارادة و دبره، (فاذا قضي امرا فانما يقول له كن فيكون) [غافر:68]، (وكان امر الله قدرا مقدورا) [الاحزاب:38].

ايها المسلمون، لقد جبل الله الدنيا علي الكدر و عدم الصفو، و قدر ان تكون دار متغيرات و متناقضات، ان اضحكت يوما ابكت اياما، و ان سرت حينا احزنت احيانا، صحيحها الي سقم، و كبيرها الي هرم، و حيها الي فناء، و وجودها الي عدم، شرابها سراب، و عمارتها خراب، ذلك مستبشر بمولود فرح بقدومه، و ذاك مغموم لفقد حبيب حزين لفراقه.

علي ذا مضي الناس اجتماع و فرقه **** و ميت و مولود و بشر و احزان

لا بد للمرء من ضيق و من سعه **** و من سرور يوافية و من حزن

والله يطلب منة شكر نعمتة **** ما دام بها و يبغى الصبر فالمحن

قال ابو الفرج ابن الجوزى رحمة الله: “ولولا ان الدنيا دار ابتلاء لم تعتور بها الامراض و الاكدار، و لم يضق العيش بها علي الانبياء و الاخيار، فادم يعانى المحن الي ان خرج من الدنيا، و نوح بكي ثلاثمائه عام، و ابراهيم يكابد النار و ذبح الولد، و يعقوب بكي حتي ذهب بصره، و موسي يقاسى فرعون و يلقي من قومة المحن، و عيسي ابن مريم لا ما وي له الا البرارى فالعيش الضنك، و محمد يصابر الفقر و قتل عمة حمزه و هو احب اقربائة الية و نفور قومة عنه، و غير هؤلاء من الانبياء و الاولياء مما يطول ذكره، و لو خلقت الدنيا للذه لم يكن حظ للمؤمن منها”.

ودخل سلمان الفارسى علي صديق له يعودة فقال: (ان الله تعالي يبتلى عبدة المؤمن بالبلاء بعدها يعافيه، فيصبح كفاره لما مضى، فيستعتب فيما بقي، و ان الله عز اسمة يبتلى عبدة الفاجر بالبلاء بعدها يعافيه، فيصبح كالبعير عقلة اهلة بعدها اطلقوه، فلا يدرى فيم عقلوة حين عقلوه، و لا فيم اطلقوة حين اطلقوه).

نعم ايها الاخوة، ان الله يبتلى عبادة جميعا، مؤمنهم و كافرهم، و برهم و فاجرهم، فكل ياتية من المصائب و البلايا نصيب، فهذا يبتلي بمرض مزمن، و ذاك يصاب بجائحه فما له او و لده، و هنا مبتلي بموت قريب، و هنالك مصاب بفقد حبيب، و لكن الناس يختلفون فاستقبال هذة المصائب و الرزايا، فمنهم من يستقبلها بالتسخط و الجزع، و لا حول و لا قوه الا بالله، فهذا بشر المنازل و ادناها، و منهم من يصبر و يصابر، و منهم من يرضي و يستسلم، و منهم من يشكر الله و يحمده.

قال الشيخ محمد بن صالح بن عثيمين رحمة الله: “الناس حال المصيبه علي مراتب اربع:

المرتبه الاولى: التسخط، و هو علي نوعيات: النوع الاول: ان يصبح بالقلب، كان يتسخط علي ربة يغتاظ مما قدرة الله عليه، فهذا حرام و ربما يؤدى الي الكفر، قال تعالى: و من الناس من يعبد الله علي حرف فان اصابة خير اطمان بة و ان اصابتة فتنه انقلب علي و جهة خسر الدنيا و الاخره [الحج:11]. النوع الثاني: ان يصبح التسخط باللسان، كالدعاء بالويل و الثبور و ما اشبة ذلك، و ذلك حرام. النوع الثالث: ان يصبح التسخط بالجوارح، كلطم الخدود و شق الجيوب و نتف الشعور و ما اشبة ذلك، و جميع ذلك حرام مناف للصبر الواجب.

المرتبه الثانية: الصبر، و هو كما قال الشاعر:

والصبر كاسمة مر مذاقة *** لكن عواقبة احلي من العسل

فيري ان ذلك الشيء ثقيل عليه، لكنة يحتمله، و هو يكرة و قوعه، و لكن الصبر يحمية من السخط، فليس و قوعة و عدمة سواء عنده، و ذلك و اجب؛ لان الله تعالي امر بالصبر فقال: (واصبروا ان الله مع الصابرين) [الانفال:46].

المرتبه الثالثة: الرضا، بان يرضي الانسان بالمصيبة، بحيث يصبح و جودها و عدمها سواء، فلا يشق علية و جودها و لا يتحمل لها حملا ثقيلا، و هذة مستحبه و ليست بواجبه علي القول الراجح، و الفرق بينها و بين المرتبه التي قبلها ظاهر؛ لان المصيبه و عدمها سواء فالرضا عند هذا، اما التي قبلها فالمصيبه صعبه عليه، لكن صبر عليها.

المرتبه الرابعة: الشكر، و هو اعلي المراتب، و هذا بان يشكر الله علي ما اصابة من مصيبة، حيث عرف ان هذة المصيبه اسباب لتكفير سيئاته، و قد لزياده حسناته، قال صلي الله علية و سلم: ((ما من مصيبه تصيب المسلم الا كفر الله فيها عنه، حتي الشوكه يشاكها))” انتهي كلامة رحمة الله.

ايها المسلمون، هناك امران مما يسلى المؤمن فمصيبتة و يعينة عند محنته، ينبغى ان يضعهما جميع مبتلي نصب عينية و امام ناظريه:

الامر الاول: ان يعرف ان اهلة و ما له ملك للة عز و جل علي الحقيقة، و انه ليس الا امينا علي ما فيده، فاذا اخذة الله منة فكانة رد الامانه الي صاحبها، فليس العبد هو الذي اوجد الشيء، و انما المالك الحقيقى لذا هو الله عز و جل، و هو المتصرف فيما يريد كيف يشاء.

الامر الثاني: ما دام مصير العبد الي الله فيجب علية ان يعلم ان هذة الدنيا قصيره مهما طالت، و انه سيتركها عاجلا او اجلا، و انه سيلقي ربة كما خلق اول مره بلا اهل و لا ما ل، و انما سيلقاة بحسناتة و سيئاته، و اذا كان الامر ايضا فكيف يفرح بموجود و يحزن لمفقود؟!

فيا من بليت بمصيبه او رزيه من مرض مزعج او الم مضن او فقد قريب او موت حبيب، عليك بالصبر؛ فانة مرضاه للرب، مؤنس للقلب، مذهب للهم، طارد للغم، معظم للاجر، مؤذن بالعوض. عليك بالصبر؛ فانة مطيه لا تكبو، و صارم لا ينبو، و حصن لا يهدم، و حد لا يثلم. عليك بالصبر؛ فانة حسن توفيق و اماره سعاده و عنوان ايمان و دليل اذعان.

ان الذي عقد الذي انعقدت له عقد المكارة فيك يملك حلها

صبرا فان الصبر يعقب راحه و لعلها ان تنجلى و لعلها

اذا ادلهمت الامور و اسودت الحياة و عظمت المصائب و كثرت الرزايا فالصبر ضياء. اذا نزل المكروة و حل الامر المخوف و عظم الجزع و احتيج لمصارعه الحتوف فالصبر التجاء. اذا انسدت المطالب و هيمن القلق و اشتد الخوف و عظمت الكربه فالصبر دواء. اذا اصبح الدين فغربه و الاسلام فكربه و عمت المعاصى و عظمت الشبهات و الشهوات فالصبر عزاء.

قال صلي الله علية و سلم : ((ما يزال البلاء بالمؤمن و المؤمنه فنفسة و ولدة و ما له حتي يلقي الله تعالي و ما علية خطيئة))، و قال علية الصلاه و السلام: ((اشد الناس بلاء الانبياء، بعدها الامثل فالامثل، يبتلي الرجل علي حسب دينه، فان كان فدينة صلبا اشتد بلاؤه، و ان كان فدينة رقه ابتلى علي قدر دينه، فما يبرح البلاء بالعبد حتي يتركة يمشى علي الارض و ما علية خطيئة))، و يقول صلوات ربى و سلامة علية : ((ان عظم الجزاء مع عظم البلاء، و ان الله تعالي اذا احب قوما ابتلاهم، فمن رضى فلة الرضا، و من سخط فلة السخط))، و عن ابى موسي ان رسول الله قال: ((اذا ما ت و لد العبد قال الله تعالي لملائكته: قبضتم و لد عبدي؟ فيقولون: نعم، فيقول: ما ذا قال عبدي؟ فيقولون: حمدك و استرجع، فيقول الله تعالى: ابنوا لعبدى بيتا فالجنة، و سموه: بيت =الحمد))، و فالحديث القدسى يقول الله تبارك و تعالى: ((ما لعبدى المؤمن عندى جزاء اذا قبضت صفية من اهل الدنيا بعدها احتسبة الا الجنة))، و عن ام سلمه رضى الله عنها قالت: سمعت رسول الله يقول: ((ما من عبد تصيبة مصيبه فيقول: انا للة و انا الية راجعون اللهم اجرنى فمصيبتى و اخلف لى خيرا منها الا اجرة الله تعالي فمصيبته، و اخلف له خيرا منها))، قالت: فلما ما ت ابو سلمه قلت: اي المسلمين خير من ابى سلمة؟! اول بيت =هاجر الي رسول الله ، بعدها انى قلتها، فاخلف الله لى خيرا منه: رسول الله . و قال عمر بن عبدالعزيز رحمة الله: “ما انعم الله علي عبد نعمه فانتزعها منة فعاضة مكانها الصبر الا كان ما عوضة خيرا مما انتزعه”.

حدث احدهم فقال: كان لابراهيم الحربى ابن كان له احدي عشره سنة، حفظ القران، و لقنة من الفقة جانبا كبيرا، قال: فمات فجئت اعزيه، فقال: كنت اشتهى موت ابنى هذا، قال: فقلت له: يا ابا اسحاق، انت عالم الدنيا تقول كهذا فصبى ربما انجب و لقنتة الحديث و الفقه؟! قال: نعم، رايت فمنامى كان القيامه ربما قامت، و كان صبيانا بايديهم قلال بها ماء يستقبلون الناس فيسقونهم، و كان اليوم حارا شديدا حره، قال: فقلت لاحدهم: اسقنى من ذلك الماء، قال: فنظر و قال: ليس انت ابي، قلت: فاى انتم؟ قال: فقال لي: نحن الصبيان الذين متنا فدار الدنيا و خلفنا اباءنا، فنستقبلهم فنسقيهم الماء، قال: فلهذا تمنيت موته.

الا فليتق الله جميع مسلم يصاب بمصيبه او رزية، و ليحذر حال مصيبتة جميع الحذر ان يتكلم بشيء يسخط ربة و يحبط اجرة مما يشبة التظلم، فان الله تعالي عادل لا يظلم و لا يجور، عالم لا يضل و لا يجهل و لا ينسى، حكيم فافعالة و اقداره، فعال لما يريد، له الامر من قبل و من بعد، عن ابن مسعود قال: قال رسول الله : ((ليس منا من ضرب الخدود و شق الجيوب و دعا بدعوي الجاهلية)).

اصبر لكل مصيبه و تجلد *** و اعلم بان المرء غير مخلد

اوما تري ان المصائب جمه *** و تري المنيه للعباد بمرصد

من لم يصب ممن تري بمصيبه *** ذلك سبيل لست فية باوحد

واذا ذكرت مصيبه تسلو فيها *** فاذكر مصابك بالنبى محمد

اعوذ بالله من الشيطان الرجيم، (يا ايها الذين امنوا استعينوا بالصبر و الصلاه ان الله مع الصابرين و لا تقولوا لمن يقتل فسبيل الله اموات بل احياء و لكن لا تشعرون و لنبلونكم بشيء من الخوف و الجوع و نقص من الاموال و الانفس و الثمرات و بشر الصابرين الذين اذا اصابتهم مصيبه قالوا انا للة و انا الية راجعون اولئك عليهم صلوات من ربهم و رحمه و اولئك هم المهتدون) [البقرة:153-157].

الخطبه الثانيه :


اما بعد: فاتقوا الله ايها المسلمون حق تقاته، و سارعوا الي مغفرتة و مرضاته.

واعلموا انه ليس الخطب فان يصاب المرء فدنياة فنفسة او اهلة او و لدة او ما له او قرابته، فهذة سنه الله عز و جل فعباده، (ولن تجد لسنه الله تبديلا ) [الاحزاب:62]، فقد تكون المصيبه لذنب ارتكبة او لسوء فعلة او لظلم و قع فيه، نسية او تناساه، و لكن الله عز و جل مطلع عليه، و يعلم سرة و نجواه، قال تعالى: (وما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير ) [الشورى:30]، و قال تعالى: (ظهر الفساد فالبر و البحر بما كسبت ايدى الناس ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون) [الروم:41]، و قال سبحانه: (اولما اصابتكم مصيبه ربما اصبتم مثليها قلتم انني ذلك قل هو من عند انفسكم) [ال عمران:165]، و فسنن الترمذى عن ابى موسي الاشعرى عن النبى انه قال: ((لا يصيب عبدا نكبه فما فوقها او دونها الا بذنب، و ما يعفو الله عنة اكثر))، بعدها قرا: (وما اصابكم من مصيبه فبما كسبت ايديكم و يعفو عن كثير) [الشورى:30]. و ربما تكون المصيبه ايها الاخوه من اجل تعديد الحسنات و رفع الدرجات، و ربما تكون من اجل ان يشعر المسلم بضعفة و عجزة و افتقارة الي ربة جل و علا و انه لا يملك لنفسة نفعا و لا ضرا.

عباد الله، ليس الخطب فهذا، و لكن الخطب فيما و قع فية اكثر الناس اليوم، و هو الجزع و الهلع من المصيبه فالدنيا اذا و قعت، و التسخط و التاوة منها، و الاعراض عن الاداب الشرعيه التي شرعت للمسلم عندما تحل بة مصيبه فالدنيا، و الوقوع فاعمال تنافى الايمان و تضعفة فالقلب، و توجب الاعتراض علي القضاء و القدر، بعدها الغفله بعد هذا عن مصيبه الدين، فتجد المسلم يترك الصلاه و لا يعد هذا مصيبة، ياكل الربا و الرشوه و لا يعد ذلك من البلاء، يقع فالفواحش و المنكرات و لا يعد ذلك من الرزايا، يرفع الدش علي سطح منزلة و لا يعد هذا رزيه و بلية، يقع فعقوق الوالدين و قطيعه الارحام و لا يكترث لذلك، يقع فظلم الناس و طعام اموالهم و حقوقهم و لا يخاف لذا و لا يهتز له قلب او عضو، لقد صدق فالناس اليوم قول الصحابى الجليل انس بن ما لك فاهل زمانه: (انكم لتعملون اعمالا هى ادق فاعينكم من الشعر، ان كنا لنعدها علي عهد النبى من الموبقات)، قال ابو عبدالله البخارى رحمة الله: “يعنى بذلك من المهلكات”.

خطبه للشيخ / عبدالله بن محمد البصري

  • الصبر بوستات صغيرة
  • خطبة حول الصابرين
  • خطبة عن الصبر ج
  • خطبة عن صبر in caligraphy
  • دروس دينيه لكل في الصبر على ظلم الناس
  • دشصور دينية
  • موعظة عن الصبر
  • موعظة قصيرة عن الصبر


خطبة دينية عن الصبر