تذكر مفارقة الأحباب والأصحاب، حين يوسد الوجه الجميل بالحجر، ويهال على الجسد الرقيق التراب، حين
تضيق القبور وتختلف الأضلاع، وتذكر أن القبر سيكون روضة من رياض الجنة لأناس صدقوا الله
فصدقهم، فثبتهم بالقول الثابت وعصمهم من العذاب. لتكن لك سويعة تخلو فيها مع نفسك والله
مطلع عليك، تراجع فيها عملك، فتحمده سبحانه على الخير وتتوب إليه من الذنب. لقد أوصانا
الله بأن نعتصم بحبله ونستمسك بوحيه، فلنحكم القبضة، ولنزدد من الخير لتزداد قبضتنا قوة، ولا
ننسى أو نتناسى الوصية فتخف قبضتنا أو نعجز عن القبض، فنهوى في الردى في أسفل
سافلين. هذا الدين بحاجة إلى دعاة إليه وإلى سواعد تحميه، وهذا القرآن بحاجة إلى من
يحمل نوره وينشر هديه، ولا يكون صاحب القرآن إلا أهلا لهذا الحمل : إخلاصا وصدقا
وفهما وطهرا وإقبالا على الله وبعدا عن معاصيه. إستشعر نفسك بين طريقين: أحدهما يشير إلى
الجنة، والآخر يشير إلى النار، وعلى كل طريق داعي، وأنت تارة تسير إلى هذه وتارة
إلى تلك، ثم تسير إلى الجنة، ولا يلبث داعي النار أن يغريك ويلبس عليك أمرك،
فأنت أشد ما تحتاج إليه هنا هو البصيرة وإدراك العاقبة والحزم في اتخاذ الموقف والعزم
في السير، وإياك والتردد فإنه للعاجز وصاحب الهمة الضعيفة التي سرعان ما تنهار أمام زخرف
الدنيا وزينتها.
- صورة الإسلام جميلة