كثير منا يمر بظروف الحياة التي تجبره على ان يتخذ قرارات، واحيانا تكون هذه القرارات
بشكل يومي، وهناك قرارات وخيارات في الحياة تعرض لك كفرصة واحدة لا تتكرر، ومهما بلغ
الانسان من الحكمة والدراية والعلم فان قراراته لن تكون صائبة في معظم الاحيان خصوصا لعدم
معرفته بما سيترتب عليها من امور غيبية ليس لاحد الاطلاع عليها الا الله جل جلاله،
وقد شرع الله لنا ان نستشير من حولنا من اصحاب العقول الراشدة والصائبة، وان نستانس
بالحكمة والخبرة التي عندهم، فما ندم من استشار، وان لنا في رسول الله اسوة حسنة؛
حيث كان يستشير اصحابه في امور الدنيا، وهو رسول ونبي عظيم من انبياء الله الكرام،
وهذا درس لنا في ضرورة الشورى، فراي الجماعة اصوب من راي الفرد في طبيعة الحال.
ومن الامور التي نلجا اليها وهي بمثابة الحل الامن والخيار الصائب والعون الذي لا ينقطع
هي صلاة الاستخارة؛ فصلاة الاستخارة هي ركعتان يركعهما المسلم من غير الفريضة، ويدعو بعدهما بدعاء
ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو دعاء الاستخارة الذي سنذكره في موضوعنا
هذا. متى نقول دعاء الاستخارة؟ نقوم بتفصيل هذا الامر على نحوين، اما الاول فهو الظرف
والوقت اللذان يستدعيان منا ان نقول فيهما دعاء الاستخارة، والثاني هو وقت دعاء الاستخارة الفعلي؛
اي هل يكون وقت هذا الدعاء بالنسبة للصلاة قبلها ام بعدها؟ كان النبي صلى الله
عليه وسلم يعلم اصحابه الاستخارة، كما يعلمهم السورة من القران، ولا يوجد امر او ظرف
او وقت مخصوص لدعاء الاستخارة؛ بل نقولها في كل الظروف التي تستوجب ذلك، فكان بعض
الصحابة يستخير في شراء نعله، وعلى المسلم ان يقبل على الله جل جلاله بالاستخارة في
كل شان من شؤون حياته، ولا نخص امرا بعينه او وقتا بعينه لنقول فيه دعاء
الاستخارة. اما عن الوقت الذي نقول فيه دعاء الاستخارة؛ فهو بعد صلاة الاستخارة حسبما اجمع
عليه جمهور العلماء؛ وذلك لان النبي صلى الله عليه وسلم قال في حديث الاستخارة ((
فليركع ركعتين من غير الفريضة ثم ليقل: … الدعاء))، وكلمة (ثم) تعني الترتيب والتعقيب مع
التراخي، اي انها تكون بعد الصلاة. اما حديث الاستخارة وكيفية الصلاة فهي كما جاءت في
الحديث الصحيح في البخاري عن جابر رضي الله عنه قال: (كان رسول الله صلى الله
عليه وسلم يعلمنا الاستخارة في الامور كلها كالسورة من القران يقول: اذا هم احدكم بالامر
فليركع ركعتين من غير الفريضة، ثم ليقل: (اللهم اني استخيرك بعلمك، واستقدرك بقدرتك، واسالك من
فضلك العظيم، فانك تقدر ولا اقدر، وتعلم ولا اعلم، وانت علام الغيوب، اللهم ان كنت
تعلم ان هذا الامر (ويسميه) خير لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري، او قال: عاجل
امري واجله فاقدره لي، ويسره لي، ثم بارك لي فيه، وان كنت تعلم ان هذا
الامر شر لي في ديني ومعاشي وعاقبة امري، او قال: عاجل امري واجله، فاصرفه عني
واصرفني عنه واقدر لي الخير حيث كان، ثم ارضني به).