إستشعر نفسك بين طريقين: أحدهما يشير إلى الجنة، والآخر يشير إلى النار، وعلى كل طريق
داعي، وأنت تارة تسير إلى هذه وتارة إلى تلك، ثم تسير إلى الجنة، ولا يلبث
داعي النار أن يغريك ويلبس عليك أمرك، فأنت أشد ما تحتاج إليه هنا هو البصيرة
وإدراك العاقبة والحزم في اتخاذ الموقف والعزم في السير، وإياك والتردد فإنه للعاجز وصاحب الهمة
الضعيفة التي سرعان ما تنهار أمام زخرف الدنيا وزينتها. هذا الدين لا ينتصر بالمعجزات ولا
بمجرد الدعاء، بل قضت حكمته سبحانه أن ينتصر الدين بجهد أبنائه، وقال تعالى : “ذلك
ولو يشاء الله لانتصر منهم ولكن ليبلو بعضكم ببعض”، فاسأل نفسك : ما هو الجهد
الذي بذلته وتبذله؟ إذا شعرت أنك لم توفق لإنجاز عمل خير ما، فإعلم أن هناك
ما يحول بينك وبينه : إما ظلمة المعصية، أو ضعف العزم، أو الإنشغال بالدنيا، أو
أن الشيطان بلغ منك مبلغه فغلبك بوساوسه وضعف نفسك تجاهه، فأنظر أين أنت وصحح النية
والمسير وأعد الكرة واستعن بالله. إذا طلبت من ربك شيئا فاستح منه، وقدم له شيئا
من العبادة والطاعة، فقد قدم الله ذكر العبادة على الاستعانة حين قال : “إياك نعبد
وإياك نستعين”. من أراد الصراط المستقيم فعليه بالقرآن، فإن الله لما ذكره في سورة الفاتحة
افتتح سورة البقرة بقوله : “ألم * ذلك الكتاب لا ريب فيه هدى للمتقين”، فالصراط
المستقيم هو هذا الكتاب، فلنقبل عليه. اعلم أن لك بيتا أنت مفارقه، وآخر صغيرا للبرزخ،
وثالثا أنت فيه مخلد، فهل يعقل أن ألهو بما هو زائل وأنسى ما هو باق!؟.
- صور اسﻻمية