الحمد لله رب العالمين، الملك الحق المبين، امر بالصدق ورفع درجات الصادقين، احمد ربي واشكره
على نعمه الظاهرة والباطنة، واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له، القوي
المتين، واشهد ان نبينا وسيدنا محمدا عبده ورسوله الصادق الوعد الامين، اللهم صل وسلم وبارك
على عبدك ورسولك محمد، وعلى اله وصحبه اجمعين، اما بعد:
فاتقوا الله تعالى بامتثال امره، والبعد عن غضبه ومعصيته، فان التقوى باب كل خير، والفجور
باب كل شر.
واعلموا -عباد الله- ان منزلة العبد عند ربه هي بايمانه وخلقه، وقيمة الانسان عند الله
وعند الخلق هي بهذا الايمان والعمل الصالح، لا بماله ولا بقوته، قال الله تعالى: وما
اموٰلكم ولا اولٰدكم بٱلتى تقربكم عندنا زلفىٰ الا من ءامن وعمل صٰلحا فاولئك لهم جزاء
ٱلضعف بما عملوا وهم فى ٱلغرفٰت ءامنون [سبا:37].
الا وان الاعمال الصالحة تتفاضل في الثواب، والصفات الحميدة يزيد بعضها على بعض في الاجر
والمنازل، بحسب عموم نفعها لصاحبها وللخلق، كما ان الاعمال السيئة والافعال والصفات القبيحة يعظم عقابها
وجزاؤها الاليم بحسب ضررها، وطيران شررها لصاحبها وللخلق، قال الله تعالى: ولكل درجٰت مما عملوا
وليوفيهم اعمٰلهم وهم لا يظلمون[الاحقاف:19].
الا وان الصدق خلق كريم، ووصف حسن عظيم، لا يتصف به الا ذو القلب السليم،
امر الله به في كتابه فقال: يٰايها ٱلذين ءامنوا ٱتقوا ٱلله وكونوا مع ٱلصٰدقين [التوبة:119].
الصدق يكشف عن معدن الانسان وحسن سريرته، وطيب سيرته، كما ان الكذب يكشف عن خبث
الطوية، وقبح السيرة. الصدق منجاة، والكذب مرداة. الصدق محبوب ممدوح في العقول السليمة، والفطر المستقيمة،
حث على الصدق رسول الهدى ، فعن ابن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول
الله : ((عليكم بالصدق، فان الصدق يهدي الى البر، وان البر يهدي الى الجنة، ولا
يزال الرجل يصدق ويتحرى الصدق حتى يكتب عند الله صديقا، واياكم والكذب، فان الكذب يهدي
الى الفجور، وان الفجور يهدي الى النار، ولا يزال الرجل يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب
عند الله كذابا)) [رواه البخاري ومسلم].
وقد وعد الله على الصدق ثوابه العظيم، وجزاءه الكبير في الدنيا والاخرة، ففي الدنيا يرزق
صاحب الصدق حسن الاحدوثة، ومحبة الله، ومحبة الخلق، وتثمن اقواله، ويوثق به، ويؤمن جانبه، ويريح
الناس من شره، ويحسن الى نفسه والى غيره، ويعافى من الشرور والمهالك، التي تصيب الكذابين،
ويطمئن باله وقلبه، فلا يمزقه القلق والخوف، فعن الحسن بن علي رضي الله عنهما قال:
حفظت من رسول الله : ((دع ما يريبك الى ما لا يريبك، فان الصدق طمانينة
والكذب ريبة)) [رواه الترمذي وقال: حديث صحيح].
وتكون عواقب الصادق في حياته الى خير، كما في حديث كعب بن مالك رضي الله
عنه في قصة تخلقه عن غزوة تبوك، (قلت: يا رسول الله، اني -والله- لو جلست
عند غيرك من اهل الدنيا، لرايت اني ساخرج من سخطه بعذر، لقد اعطيت جدلا، ولكني
-والله- لقد علمت لئن حدثتك اليوم حديث كذب ترضى به عني، ليوشكن الله يسخطك علي،
وان حدثتك حديث صدق تجد علي فيه، اني لارجو فيه عقبى الله عز وجل) [رواه
البخاري ومسلم]، اي ارجو من الله تعالى العاقبة الحميدة في صدقي، وقد كان ذلك.
واما ثواب الصدق في الاخرة فرضوان الله تعالى، والدرجات العلى في الجنة، التي فيها ما
لا عين رات، ولا اذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، ففي القران العظيم قال
الله: هٰذا يوم ينفع ٱلصٰدقين صدقهم لهم جنٰت تجرى من تحتها ٱلانهٰر خٰلدين فيها ابدا
رضى ٱلله عنهم ورضوا عنه ذٰلك ٱلفوز ٱلعظيم [المائدة:119]، وقال تعالى: ومن يطع ٱلله وٱلرسول
فاولئك مع ٱلذين انعم ٱلله عليهم من ٱلنبيين وٱلصديقين وٱلشهداء وٱلصٰلحين وحسن اولئك رفيقا [النساء:69].
فما حقيقة هذا الصدق الذي وعد الله عليه احسن الثواب، ونجى صاحبه من العذاب؟
الصدق: صدق قول وصدق فعل.
فصدق القول: ان يقول الحق بتبليغ كلام الله تعالى، او كلام رسول الله ، او
يامر بحق، او ينهى عن باطل، او يخبر بما يطابق الواقع، قال الله تعالى: وٱلذى
جاء بٱلصدق وصدق به اولئك هم ٱلمتقون [الزمر:33]، وفي الحديث عن النبي : ((المؤمن اذا
قال صدق، واذا قيل له يصدق)).
والصدق في الفعل: هو معاملة الله تعالى بصدق نية، واخلاص، ومحبة، ويقين، واتباع لشرع رسول
الله ، ومعاملة الخلق بصدق ورحمة ووفاء، قال الله تعالى: ولٰكن ٱلبر من ءامن بٱلله
وٱليوم ٱلاخر وٱلملئكة وٱلكتٰب وٱلنبيين وءاتى ٱلمال علىٰ حبه ذوى ٱلقربىٰ وٱليتٰمىٰ وٱلمسٰكين وٱبن ٱلسبيل
وٱلسائلين وفي ٱلرقاب واقام ٱلصلوٰة وءاتى ٱلزكوٰة وٱلموفون بعهدهم اذا عٰهدوا وٱلصابرين فى ٱلباساء وٱلضراء
وحين ٱلباس اولئك ٱلذين صدقوا واولئك هم ٱلمتقون [البقرة:177]، وقال تعالى: من ٱلمؤمنين رجال صدقوا
ما عٰهدوا ٱلله عليه فمنهم من قضىٰ نحبه ومنهم من ينتظر وما بدلوا تبديلا [الاحزاب:23].
والايمان اصله الصدق والتصديق، فالصدق اذا يكون بالاقوال، ويكون بالافعال، وقد كان السلف رضي الله
عنهم اشد الناس تمسكا بخلق الصدق مع ربهم، ومع عباد الله، عن سعد بن مالك
رضي الله عنه قال: (قلت: يا رسول الله، ان الله تعالى انما انجاني بالصدق، وان
من توبتي ان لا احدث الا صدقا ما بقيت، فوالله ما علمت احدا من المسلمين
ابلاه الله تعالى في صدق الحديث منذ ذكرت ذلك لرسول الله احسن مما ابلاني الله
تعالى، والله ما تعمدت كذبة منذ قلت ذلك لرسول الله الى يومي هذا، واني لارجو
ان يحفظني الله تعالى فيما بقي) [رواه البخاري ومسلم].
ووصف الله المهاجرين الاولين بخلق الصدق فقال تعالى: للفقراء المهٰجرين الذين اخرجوا من ديٰرهم واموٰلهم
يبتغون فضلا من ٱلله ورضوٰنا وينصرون ٱلله ورسوله اولئك هم ٱلصٰدقون [الحشر:8].
بارك الله لي ولكم في القران العظيم، ونفعني واياكم بما فيه من الايات والذكر الحكيم،
ونفعنا بهدي سيد المرسلين، وبقوله القويم.
اقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه، انه هو
الغفور الرحيم.
- الصدق
- خطبة قصيرة جدا عن الصدق
- خطبة عن الصدق قصيرة جدا
- خطبة عن الصدق قصيرة
- خطبة قصيرة عن الصدق
- خطبة الصدق
- خطبة دينية قصيرة عن الصدق
- خطبة عن الصدق
- صور عن الصدق
- خطب عن الصدق