ظاهره دينيه ظواهر دينية

سعاد حمزة



فى الفكر العربي و ظاهره الدينلقد اثر الدين فالمعرفه و البحث فالمجتمع العربي من حيث اختيار النظريات و المناهج و الميادين. و وضع الحدود التي لا تتعارض مع تعاليم الدين و روحه. و فكرة العلم النافع و غير النافع التي ترد فالتراث عديدا تعبر عن تدخل الدين او توجيهة المعرفه المطلوبه حتي تاتى ملبيه الاشياء المجتمعيه و الفكرية، و لكي تحافظ على الوحده و التماسك فعديد من الاحوال. و ربما كانت كلمه العلم و العلماء، و ما زالت _فى بعض الحالات _ ترتبط بالمعارف الدينيه و اهلها. اما الظاهره الدينية، الموضوع، فقد ظلت خارج ميدان الدراسه العلميه لانها تتضمن فوق البشرى و المتعالي. و تنتهى حدود اي دراسه عن الدين عند الشرح او التاويل الذي ممكن الدين من مسايره مستجدات التاريخ و التطور.اخذت دراسه الظاهره الدينيه حيزا كبيرا فالفكر العربي _ الاسلامي المعاصر، و لكن علم الاجتماع فالوطن العربي بتعريفة و محاولاتة المعروفة فالجامعات و المؤسسات الاكاديميه و البحثيه لم يساهم بقدر و اف فدراسه الظاهره الدينيه بوسائلة و تحليلاتة الخاصة رغم اهمية الظاهرة.ايضا نعنى بالتفسير الاجتماعى _ التاريخى للظاهره الدينيه الاجابه عن نشاه الدين و وظائفة و توظيفه، بتتبع التطور الزمنى و السياق الاجتماعى و الثقافى للظاهرة. و نستطيع القول، بحسب الفهم المعروف لعلم الاجتماع و المقصود من الدراسه الاجتماعيه للدين، ان الميدان فكليتة ما زال بعيدا عن البحث و التناول رغم وجود دراسات كثيره بالذات الفلسفيه و الفكريه و السياسية فالفتره الاخيرة جاءت تبحث فعجله عن الواقع الذي تنامت ضمنة الاتجاهات و التيارات الدينية.هذا قصور فعلم الاجتماع العربي، و شكل من ملامح ازمتة الراهنة، اذ يفتقد التحليل السوسيولوجى ظاهره البعد التاريخى و الوعاء الاجتماعى الذي تتفاعل و تنمو الظاهره داخله، و تعالج غالبا كمقال لا تاريخي، مجرد خارج المجتمع. و دراسه الظاهره الدينيه اجتماعيا مثال ساطع على ذلك التناول الناقص الذي لا يتعرض للتاثير المتبادل بين الدين و بقيه الظواهر الاجتماعيه و المجتمع الكلي.يمكن ان نعيد سبب انتشار ذلك التناول التناقصى الى ظهور منهج او دعوه الى منهج يتضمن العقيده او الايديولوجيا الدينيه كجزء رئيسي. و ذلك يجعل من الدراسه الموضوعيه للدين امرا مستحيلا اذ يصبح الباحث ملاحظا مندمجا و ليس مجرد مشارك فالظاهرة، و بالتالي تاتى النتائج و الفرضيات تعبيرا ذاتيا. هنالك دعوه تجد قبولا و انتشارا فالاوساط العلميه تطالب بمنهج يبدا بالاقرار بحقيقة المفهوم المحورى فالايديولوجيا السائدة، ايديولوجيا الحضارة الاسلامية، و المفهوم المحورى عندها هو الايمان بالله الواحد الخالق. و يعتبر ذلك الاتجاة ان التسليم بتلك الحقيقة مهم لانة يلعب الدور نفسة الذي لعبتة الايديولوجيا الغربيه المضاده (الدنيوية) التي و ضعت الانسان فمركز المجتمع و الكون بدلا من الله تعالى و فق عقيده التوحيد الاسلامية. و رغم ان ذلك الاتجاة يقر بان الصيغه الاسلاميه هذي بها ميتافيزيقيا لا علمية، الا انه يري عدم تناقضها مع العقلانية. و هنا المفترق، فالعلم و من هذا علم الاجتماع، لا يدرس الميتافيزيقيا، كما ان للايديولوجيا الدينيه طرائقها و منهجها و لغتها الخاصة فتحليل الظواهر التي تختلف عن ادوات علم الاجتماع، مثلا.يصل المنهج السابق باصحابة الى القول: ان المجتمع الاسلامي يتميز عن جميع المجتمعات البشريه الثانية =و لا يخضع لما تخضع له من قوانين و تطور، و كهذا الفهم يرفع المجتمع الاسلامي، و بالتالي ظواهرة جميعا، عن مستوي البحث الانساني. و يقول احد الكتاب حرفيا: ان المجتمع فالاسلام انما ينبثق من التلازم الوثيق بين التصور الاعتقادى و طبيعه النظام الاجتماعي… هذا التلازم الذي لا ينفصل و لا يتعلق بملابسات العصر و البيئة… يتميز المجتمع الاسلامي عن المجتمعات الثانية =التي نشات و فق مقتضيات ارضيه و نتيجة صراع داخلي، و مصالح متعارضة… و لذلك فليس يندرج تحت تاريخ التطور الاجتماعى و لا تصدق عليه القوانين الاجتماعيه التي تصدق على اوروبا. فهو مجتمع شريعه كاملة. و لا يقتصر ذلك التعالى على دراسه الظاهره الدينية، و لكن جميع ظواهر المجتمع الاسلامي من سياسية و اقتصاديه و غيرها لا تصدق عليها قوانين اوروبا، ليس لانها اوروبيه و خاصة، و لكن لان المجتمع الاسلامي ذو طبيعه مختلفة اساسا عن بقيه المجتمعات و ظواهرة كاملة و سرمدية.يسعي البعض الى حل الاشكاليه بين العلم و الدين فمجال علم الاجتماع بمحاوله ايجاد علم اجتماع انسانى _ الهي، و هذا لان العلوم الاجتماعيه فالغرب، الاشتراكيه منها او الليبرالية، مبنيه على “تجاهل حقوق الله و حقوق الانسان الكاملة بجميع ابعادها الروحيه و من شانها ان تسبب عند دخولها فمجتمع تقليدى لا يزال مبنيا على القيم الدينيه و الاخلاقيه اهتزازا و اضطرابا و فقدان توازن، الامر الذي يحدث فالمجتمع انقساما يسبب عند الجماهير غير المتنوره رد فعل عنيف يلقى فيها فاحضان المتطرفين، فيجعلها تتشبث بتقاليد لا تمت الى الدين الحقيقي بصلة”. و ينفى كهذا الطرح عن علم الاجتماع علميتة و كان مهمتة جعل الجماهير تختار شكلا معينا من التدين. بعدها لا يقترح الكيفية العملية و المنهجيه التي تمكن من تاسيس علم اجتماع انسانى _ الهي، و يقترح على العالم الاجتماعى ان يستفيد من التراث الاسلامي لمحاوله دراسه الشخصيه مع ضروره تنقيه ذلك التراث و تمييز “ما هو ديني صرف و ما هو فارسى او تركي او مصري او فولكلورى الخ…”. ليست هذي مهمه الاجتماعي، و لكنها مهمه رجل الدين او الفقهاء. و ذلك يدل على استحالة قيام كهذا العالم الالهى _ الانساني. و فالفلسفه دعوه مماثله تحاول التوفيق بين الوحى و العقل. و تكتسب هذي الدعوه تاييدا و اسعا تحت اسم تكامل “الوحى و العقل” بهدف معالجه الازمه الفكريه التي يواجهها المجتمع العربي _ الاسلامي و هي تتخذ ابعادا متعدده اهمها “الغزو و التبديل الثقافى فمجال العلوم الانسانيه و الاجتماعيه بخاصة، هذا التبديل الذي جعل عقول ابناء الامه الاسلاميه تتخطي الفكر الاسلامي و التراث الاسلامي او تدرسة على انه ظواهر ربما اندثرت لا علاقه لها بالحياة المعاصره و لا حاجة اليها”. اما تكامل الوحى و العقل فيقوم على افتراض خطير يحرم العلم من اداه مهمه و هي العقل، فرغم الاعتراف بدورة الا ان اصحاب ذلك الاتجاة يقولون: “فالعقل الانسانى رغم جميع مكانتة و امكاناتة فحياة البشر _يظل محدودا جزئيا يعتمد الاستقراء و تراكمات المعرفه و الخبره لادراك مسيرتة و سبل ادائه. و جاء الوحى على ايدى المعصومين الصادقين من الانبياء و الرسل ليمد العقل الانسانى بالمدركات الكليه فعلاقات الكون و موضع الانسان منها و مهمه و جودة تجاهها و قواعد علاقاتة الانسانيه و الاجتماعيه الرئيسية اللازمه لترشيد سعية و تحقيق غايه و جوده”.2_ حاضر دراسه الدين و افقها اجتماعياظهر تياران فالعقدين الماضيين احدهما يبحث عن تفسير ايجابي للدين و يشترك به باحثون من غير الاجتماعيين _ بالمعني الحصري _ و يتضمن هذا الكتابة عن دور الدين فالتغيير الاجتماعى او التنمية، او فالضبط الاجتماعي. و ممكن ادراج كتابات “التراث و المعاصرة” و “الاصل و العصر” و “التجدد الذاتي” و “الهويه او الذاتيه و الاخر” ضمن ذلك التيار. و تسعي هذي الفئه الى ايجاد اسس مشتركه بين الواقع المتغير و النصوص، او التوفيق بين رؤية / عقيده و واقع. و اهتم التيار الثاني بما يسمي الصحوه الاسلاميه او الاحياء الديني، او الحركات الدينيه او الجماعات الاسلاميه المتطرفة. و تتسم كهذه الدراسات بطابع سياسى و اعلامي يلاحق الاحداث الانية، فهي فالواقع تنقب عن الدور السياسى _ تقدما او تراجعا _ للدين و بالذات الاسلام، و ذلك و ليد تحولات ايران بعد الشاة و تعاظم نفوذ الدول النفطيه _ الاسلاموية، و هي كتابات انطباعيه فالغالب.يفتقد التياران النظريه الاجتماعيه فتفسير الدين او الحركات الدينيه او الادوار الدينية. و عندما تبحث الكتابات عن نظرية، فهي لا تتعدي دوركايم، تنتقى منه المقولات و الفرضيات التي تودها، و تبتعد كلها عن معالجه الدين كنظام للمعني (Meaning System) يؤسسة الانسان، او بالاصح، المجتمع ليعطى اطارا شاملا للفعل و الفهم الانسانيين. حتي بالنسبة الى النموذج الدوركايمى فهو صالح فحال تعديله، بحيث يستوعب حقيقة ان الديناميه الداخلية محكومة بقوي و علاقات الانتاج اكثر من العوامل الديمغرافيه كنسب الاكل الى السكان. اضافه الى تعديل المنحي المثالى الذي يركز على الاستجواب الايديولوجى عما هو الخير و الحق (القيم)، ليعطى اعتبارا اكثر استجواب ما هو الادراك (Cognition) و ما هو الممكن او الخيال (Imagination). و ذلك تركيب للمنظور السوسيولوجى مع الماديه التاريخية. و هنالك نقاط التقاء عديدة بينهما، بالذات التطور التاريخى للظواهر بما بها الافكار و عملها فعلاقات بالظواهر الاخرى.نجد خارج التيارين السابقين كتابات حاولت ان تتخذ شكلا نقديا فالتعامل مع الظاهره الدينية، و لكن اغلب هذي الكتابات كانت معارك فكريه و كانها حوار عقول مع عقول، و لا تهتم عديدا بالاصول الاجتماعية. و ربما انتجت الفتره التي اعقبت حرب حزيران/ يونيو 1967 اعدادا من هذي الكتابات ابرزها كتاب صادق جلال العظم: نقد الفكر الدينى و ربما اثار ضجه كبار لدي صدوره. و هدف الكتاب كما حددة مؤلفه، هو التصدى “بالنقد العلمي و المناقشه العلمانيه و المراجعه العصريه لبعض نواحى الفكر الدينى السائد حاليا بصورة المختلفة و المتعدده فالوطن العربي”، و الكتاب لا يخلو من اشارات الى ان الفكر الغيبى هو تعبير عن الاوضاع الاقتصاديه و علاقات الطبقات المختلفة. و من الملاحظ ان المهتمين بالفلسفه و قضايا الفكر و الثقافه هم الذين حملوا عبء الكتابة عن الدين. و لكن يهمنا _رغم تقديرنا لتلك المساهمات القيمه _ التعرف الى الكتابات الاجتماعيه التي تطرح اسئله مثل: لماذا ساد كهذا النوع من الفكر او الحركة الدينيه فهذا الوقت بالذات و داخل ذلك المجتمع بعينه.3_ هل من الممكن دراسه الاسلام اجتماعيا؟يواجة المنهج الاجتماعى _ التاريخ فدراسه الدين اشكاليه العلاقه بين المتعالى او فوق الطبيعي او فوق البشرى و بين المجتمع المادى او الطبيعي او البشري. و فحالة الاسلام بين النص المقدس (القران الكريم و السنة) و بين ضرورات الحياة العاديه و ظروفها. و يعطى قول الشهرستاني: “ان النصوص متناهيه و ان الوقائع غير متناهيه و ان المتناهى لا يحكم غير المتناهي” اشاره الى امكانيه غلبه الواقع على النص. و لكن على كهذا القول ان يواجة مساله القول بصلاحيه النصوص لكل زمان و مكان. و هذي مهمه اي دراسه اجتماعيه للظاهره الدينية، اي البحث عن علاقه النصوص المقدسه بالواقع؛ و ذلك مدخل يسهل المهمه بتضييق الفجوه بين المطلق و النسبي. و يؤكد احد المفكرين الدينيين المستنيرين وجود علاقه عضويه بين الفكر و الواقع، و يري ان سبب نزول الايات دليل على وجود مشكلة او موقف و اقعى محدد جاءت الايات بشرحة و بيان طريقة التصرف فيه. ايضا يثبت التدرج فالنزول، و النسخ اضافه الى اللغه و الامثال المستعملة، وجود علاقه بين القران و الواقع المعاش. و لكن عالم الاجتماع لابد له من منهج دينامي متغير، و عندما يحلل الدين من منظور اجتماعى فهو ليس مطالبا ب “التركيز على النصوص المجرده او على التعاليم الدينيه بحد ذاتها بل على السلوك الدينى فالحياة اليومية و فمحتواة الاجتماعى التاريخى ضمن اطار الصراعات القائمة فالمجتمع”؛ لذا فانه اذا كان الاسلام يخرج واحدا كما تبرزة نصوص القران و السنة، فان الممارسات التاريخيه و الاجتماعيه لهذا الاسلام تتعدد و تختلف معتمدة على تفسيرها الخاص للنصوص لتسند موقفها و تعطية مشروعيه خاصة.بوسع الباحث ان يمسك بعديد من الخيوط التي تثبت اجتماعيه الظاهره الدينية، و لكن اغلب هذي المساهمات جاءت من مؤرخين. و من هذي التفسيرات الدراسات الخاصة بظهور الفرق و المذاهب الفكريه ضمن الاسلام. فهذا يؤكد ان الاسلام تاويل و قراءات تختلف بحسب القوي و الفئات الاجتماعيه التي تساند فهما بعينه. و من التبسيط ارجاع الاختلافات الى اراء اسلاميه فحسب، و لكنها مواقف سياسية _ اجتماعيه تتقنع بوجوة اسلامية. فجماعات كالخوارج و الشيعه و المعتزله لا تفهم بحسب التحليل السياسى او الفكرى فقط، و بالتالي البحث عن موقعها المجرد من السلطة، او البحث عن اصول فكرها و التاثيرات التي تعرضت لها. فاسم الخوارج _بحسب الخالدى _ يطلقة المؤرخون على فئات كثيره لها اراء اسلاميه ذات صبغه خاصة، و الاسم يشمل فئات اجتماعيه مختلفة جمعتها مصالح اقتصاديه و اجتماعيه ففترات معينة. فثورتهم على الامام على لها اضافه الى الاسباب الدينية، سبب ثانية =تتلخص فان هؤلاء المقاتلين رفضوا مركزيه الحكم و ارادوا الاستئثار بالاراضى التي فتحوها و الاستفاده منها. فالخوارج ظاهره عربية عسكريه تعتبر ان الغزو يمنح الغازى الحق فقطف ثمار غزوة و يعطية منزله خاصة فالمجتمع، بعدها تاتى النظره الدينيه لهذه الفئه الاجتماعيه لتبرر و تشرعن نظرتها الاجتماعيه او و ضعها الاجتماعي.هنالك جوانب ثانية =تؤكد اجتماعيه الظاهره الدينيه فالمجتمع العربي _ الاسلامي كالفقة و التشريع. فقد بدات المشكلات الحديثة تخرج بحده اثناء القرن الثالث، و احس الفقهاء بخطر التغيرات على تماسك المجتمع و الدولة. و يصف احد الكتاب التطور المجتمعى و اثرة فالفقة الاسلامي قائلا: “واستجابه لهذه المشكلات المتفاقمه ظهرت المنظومه الحقوقيه الاسلاميه التي سماها فقهاء الاحناف و المالكيه البديهيات الخمس: حق النفس، و حق الدين، و حق العقل، و حق العرض، و حق المال”. اما فالتشريع، فان الحديث عن مقاصد الشريعه و المصلحه يؤكد نسبيه بعض احكام الشريعة، لان بعض المقاصد و المصالح متغير بحسب الواقع.هنالك نقطه ثانية =تساعد فمقاربه الظاهره الدينيه فالمجتمع العربي _ الاسلامي، و هي خاصة بالسؤال السابق: لماذا تخرج افكار او عقائد معينة فزمان او مكان ما ؟ فالاسلام لم ينشا ففراغ، فقد جاء فبيئه محدده و فحقبه تاريخيه لها شروط خاصة. ذلك و ربما جاء الاسلام و الاحوال فمكه و الجزيره العربية تنبىء بالحاجة الى منقذ او مخلص، و هذي ظروف مرت فيها نشاه جميع الاديان. و ينجح الدين عندما تكون الظروف مهياه لقبول هذا المنقذ و الامتثال لتعاليمة التي تجيء تعبيرا عن الحاجة الروحيه و الماديه (اى السياسية و الاقتصادية) للجماعة التي ينتمى اليها. و يتضافر نضوج اللحظه التاريخيه مع عوامل كشخصيه المنقذ و مضمون التعاليم و طرق تطبيقها فعملية نجاح الدعوه الحديثة و استمرارها. و يضيق المجال هنا عن وصف مكه قبل الاسلام، و بالذات اوضاعها الاقتصاديه و المؤثرات الفكريه و العقيديه التي تتعرض لها، بعدها بحث الفئات الاجتماعيه التي ساندت الاسلام و تلك التي عارضت. ان التدرج فنزول الاحكام اضافه الى المحافظة على بعض المعتقدات و الممارسات قبل الاسلامية، و تمثل بعضها و دمجها فالدين الجديد _كل ذلك يعكس جانبا تاريخيا فالدين و يؤكد استمراريه تاريخ المنطقة، و ان الاسلام جاء ضمن سياق التطور التاريخى للجزيره العربية.تثبت ما جريات الامور، و بالذات فما يتعلق بالتطورات السياسية ذات الغطاء الايديولوجى الديني، تاريخيه الظاهره الدينيه الاسلامية. فابتداء من اجتماع السقيفه لاختيار خليفه للرسول، مرورا بالرده بعدها قيام الدولتين الامويه و العباسية، حتي الغاء الخلافه فعشرينات ذلك القرن، جميع هذي احداث و وقائع و صراعات انسانيه حكمتها المصالح و الاوضاع الاقتصاديه _ الاجتماعيه و المواقف السياسية و الفكرية. و رغم انها استندت جميعا الى التفسير الاسلامي، مع تعرض المعسكرين فعديد من الاحيان. و فرضت النواحى الاجتماعيه _ الاقتصاديه نفسها على كتابات مؤلفين ليسوا علماء اجتماع او ما ركسيين، و لكن بروز تاثيرها فالاحداث و تحريكها للواقع لفت انتباة هؤلاء المؤلفين. و اروع مثال لذا كتاب طة حسين عن الفتنه الكبرى، الذي جاء و صفا دقيقا للتطورات الاقتصاديه و الاجتماعيه و اثرها فحياة الصحابه و مواقفهم و كيفية ادارة الصراع.ليست الظاهره الدينيه الاسلاميه استثناء، فهي خاضعه للتحليل التاريخ _ الاجتماعي. و بالفعل ظهرت دراسات عالجت الدين كجزء من الايديولوجيا او من منظور ثقافى او انثروبولوجي، او علاقتة بالاخلاق الاقتصاديه اضافه الى الدين ضمن سيروره التغير الاجتماعى و الاحتكاك بالاخر (الغرب). و تعرض فيما يلى تعريفا مختصرا لاهم عناصر هذي المقاربات السوسيولوجيه فدراسه الاسلام.ا_ الاسلام جزء من الايديولوجيايجد رودنسون فتاريخ الاسلام فالقرون الوسطي و الاسلام الحديث منطلقا مفيدا. فهو يبدا بالقول بعدم وجود تشابة بين اسلام المجتمع فالعصر الوسيط و بين اسلام بدء الدعوه عند مولد الدين. لذا يعتبر ان ايديولوجيا هذي الفتره اجمالا ذات لون ديني، و تلتحق بصورة مصطنعه نوعا ما بنظام الافكار الذي طرحة مؤسس الاسلام و عرضة القران. و ذلك يقود الى نظام ايديولوجى غير متجانس، و لكنة ضروري، بل يعتبر رودنسون ان الطابع غير المتجانس للانظمه الايديولوجيه طبيعي تماما، لانة يؤدى و ظيفتة فالوحده و التماسك و بقاء الامه (الدوله الاسلامية). و تتسم الايديولوجيا بمرونه تصل الى حد التناقض كما يخرج ففتاوي العلماء. و تسمح الدوله بقدر من التجاوز للايديولوجيا لا يهدد و جودها و لكن يقوم بوظيفه التوازن (Equilibrium) تجنبا للصراع العدائي.يناقش مورو بيرغر الفكرة نفسها من منطلق مختلف لا يرتكز على المنهج الماركسى كرودنسون. فهو يري _استنادا الى شاخت _ ان القانون الاسلامي تطور ليس نتيجة ارتباطة بالتجربة، بل كتعبير عن كاعلي اسلامي مضاد للتجربة، لان رجال الدين حكموا على العادات الموجوده بتعاليم الاسلام. و نجم عن هذا وضع استمر حتي العصر الحديث يتسم بوجود فجوه بين المثل الاعلي و الواقع، و يري ان نتيجة هذا وجود ثلاثه توازنات او توترات فالاسلام التقليدى ما زالت تعمل عملها فالمجتمع العربي _ الاسلامي، و هي بين العناصر الدينيه و الدنيوية، و بين الفرد و الجماعة، و بين المثل العليا الصحراويه و المدنية. و نعتقد ان الملاحظه صحيحة الى حد ما ، و لكنها ربما تقع فالتحليل الاستاتيكى الذي يتبعة كثير من الباحثين حين يتعاملون مع المجتمع _الاسلامي ككيان ثابت و خالد او يكاد لا يتغير و لا يؤثر به التاريخ و لا ايقاعات الحياة الاجتماعيه المتحركة دوما.يحاول رودنسون البحث عن الكيفية التي تتلاءم بواسطتها الايديولوجيا مع التوترات او التغييرات الحادثة، و بالذات مواجهه التفوق الاوروبى الذي يعرض الايديولوجيا القائمة لاستجواب جديد. و يري من البداية انه ليس هنالك ايديولوجيا غير الدين ممكن تعميمها على المجتمع و تستطيع ان توحد الناس، فهو يعتبر العلمانيه ذات طابع نخبوي. و لكن الاسلام فنظرة لم يعد ايديولوجيا شموليه بخاصة بعد التيارات التي دخلتة منذ العصور الوسطى، و مع توقع تعدد الايديولوجيات الفرعيه ضمنه.ب_ البعد الثقافى لدراسه الاسلامهذا تيار كبير لانة يضم اعمال المستشرقين، الا اذا حددناة بالبعد الثقافى _ الانثروبولوجي. فقد اهتم المستشرقون بالاسلام كنمط ثقافى مميز و الصقوا فيه تسميات ثابته كالروحانيه و السحر و الغموض و اللفظيه و الشاعريه و الرومانسية و اللاعقلانية، و غيرها من المسميات التي لا تخلو من الاستعلاء و المركزيه الثقافيه و التي تطلق على ثقافات الشرق و من بينها _بل و اهمها _ الاسلام.دراسات الاستشراق الحديث التي بحثت الاسلام كثقافه لا تستوقفنا عديدا من ناحيتها الاجتماعيه و الانثروبولوجيه على الرغم من ان بعضها ككتابات غب (Gibb) و غرونباوم (Grunebaum) لامست موضوعات كالهويه الثقافيه و الاحتكاك بالغرب. و لكن و قعت فقصور كتابات المستشرقين نفسه. فالاسلام عند غب بنيه فوقيه لم تتغير عديدا طوال القرون السابقة، و ذلك غلو _كما يقول ادوارد سعيد _ خاص بالاستشراق فقط، و تتحدث اعمالة عن اسلام مجرد لا نعلم اين يحدث فالزمان و المكان المحسوسين. و فالمجري نفسة تاتى كتابات غرونباوم الذي يتحدث عن لعبه الروحانيه الشرقيه و الماديه الغربيه و عدم المس بالروحانيه او الاخذ من ما ديه الغرب بصورة “لا تتناقض مع روحانيتنا” (اى الشرقية)، و بالتالي عدم الشعور بالنقص تجاة الغرب كخداع سيكولوجي، و يؤخذ عليه مطابقتة التاريخ الواقعى و التراث كنظام ذهني، فهذا اختزال للواقع لانة ربما يصبح المطلوب او المكتوب شيئا و ما يحدث فعليا هو شيء اخر.يختلف منهج البعد الثقافى _ الانثروبولوجى عديدا عن المقاربات التي مثلنا لها اذ يعتمد على المقابله و يهتم بالتاريخ و الفلسفة، و بالتالي يصل الى نسبيه الثقافه فتطورها عندما تقارن مع نفسها فالماضى او بثقافات معاصره اخرى. و يعتبر غيرتز من اهم ممثلى ذلك الاتجاه، بخاصة و هو يصل الى ان الدين نظام للمعني او نسق للرموز ممكن بتحليلها فهم الدين انثروبولوجيا.حاول غيرتز تطبيق منهجة فاحد كتبة المهمه الذي تابع به التطور الدينى فمراكش و اندونيسيا، او روح (Ethos) المجتمع، بعدها اثر النصوص و التاريخ (هنا اثر الاستعمار) فالمؤسسات الدينيه و السياسية و فعقول الناس ايضا. و هذي عناصر نظريته، فهو يقول بان المطلوب ليس البحث عن تعريف للدين فلدينا العديد من التعريفات، و لكن المهم اي نوعيات الايمان و تحت اي ظروف. و يري ان الهدف من اي دراسه علميه منتظمه للدين ليس وصف الافكار و الافعال و المؤسسات، و لكن المطلوب كيف يحدد، و باى طريقة. ان بعض الافكار و الافعال و المؤسسات تثبت او تعجز عن تثبيت او حتي تعميق الايمان الديني. و ذلك يعني ببساطه ان نفرق بين الاتجاة الدينى نحو التجربه و بين نوعيات الاداه الاجتماعيه التي كانت اثناء زمان و مكان معينين ارتبطت عاده بدعم كهذا الاتجاه.يعبر غيرتز عن اجماعيه الدين و ارتباطة بالواقع بكيفية بليغه حين يقول: “قد يصبح الدين حجرا مقذوفا على العالم، و لكن لا بد من ان يصبح حجرا محسوسا و ان يقذفة شخص ما ” و يري انه مهما كانت مصادر الايمان عند الفرد او الجماعة فلا بد من ان تسند فهذا العالم باشكال رمزيه و تنظيمات اجتماعية؛ و ما هيه اي دين _او محتواة المحدد _ تتجسد فالتصورات و المجازات التي يستخدمها الاتباع فتميز الحقيقة. و ذلك المجال الدينى فتطورة التاريخى يقوم على المؤسسات التي تعطى اولئك الذين يوظفونها تلك التصورات و المجازات المتاحة. و لذا يقول بانه لا ممكن فهم الاسلام مع النبى من دون العلماء، و لا الهندوسيه من دون الطوائف اضافه الى الفيدا.درس غيرتز كيف تطور دين واحد له التعاليم نفسها بطريقتين مختلفتين بحسب الظروف التاريخيه _ الاجتماعية. ايضا كيف تؤثر الثقافه المحليه فالدين الواحد، اي العلاقه بين النص و الفعل. و يشير الى ازمه تتمثل فالصدام بين ما اوحي فيه القران او ما يري السنيون انه ربما اوحي به، و بين ما يؤمن فيه حقيقة من يسمون انفسهم مسلمين. و اختلفت كيفية معالجه ذلك التناقض فالمجتمعين. فقد كانت المعالجه بالنسبة الى المغرب تتسم بموقف غير مساوم و متشدد يحاول العوده الى اصول نقيه معتمدة على الكتاب و السنة. بينما كان رد الفعل الاندونيسى فمواجهه الازمه تكيفيا و عمليا و تدريجيا، و يعود هذا الى الحياة الاجتماعيه التي تعيشها جميع مجموعة. و يهتم بخصوصيه الظاهرة، و ذلك ممكن الباحث من التعميم لانة يدرس كيف عملت التعاليم الدينيه الواحده فبيئه ما بصورة مختلفة.يتميز منهج غيرتز بانه ربما ركز على الاجتماعى اذ انه جعل الظاهره الدينيه متفاعله بكيفية و ثيقه مع الواقع و التغيرات الاجتماعية. و يحاول ان يستفيد من معارف متشعبه تمكنة من الفهم، و لا يقطع ايضا صلتة بتراث شارك به عدد من علماء الاجتماع المهتمين بالدين و السحر و الطقوس، و بالذات فيبر و دوركايم و ما لنوفسكى و فرويد.من العلماء المتحمسين لهذا الاتجاة محمد اركون الذي يدعو الى ان يستفيد المنهج الثقافى الانثروبولوجى من علم النفس و اللغه و التاريخ و الفلسفه و اللاهوت. و يطالب بتطبيق فكرتين لم تسترعيا انتباة المستشرقين و دارسى الاسلام و هما: الشخصيه الرئيسية بحسب كاردينز و لينتون، و الوعى الميثى (الاسطوري؟) بالاستفاده من بنيويه ليفى شتراوس. و فمقدمه احد كتبة المهمه التي حاول بها بحث الفكر الاسلامي يبدا بالسؤال عن طريقة درس ذلك الفكر. و يجيب بضروره الانطلاق من القران و تجربه المدينه لانهما “ادخلا شكلا من الحساسيه و التعبير و مقولات فكريه و نماذج للعمل التاريخى و مبادىء لتوجية السلوك الفردي”. و يهتم بجانب ضروري و هو “وضع اللغه و كيفية التعبير السائده و المفردات المستخدمة و علاقه هذا بالزمن و مشروطيته”. فقد كانت اللغه و الفكر ففجر الاسلام حين نزول القران مرتبطين بشكل مباشر و وثيق بالواقع المعاش، و لكن التفاسير اضافت العديد نتيجة المؤثرات المتنوعه اضافه الى العناصر الاسطوريه و المخيال الشعبى الامر الذي اسباب تقنيع الحقائق و اعطاها هيبه متعالية، و ان كان اركون يعتبرها هيبه فوق فرديه و ليست فوق بشرية، اي كانها تمثل العقل الجمعى كما عند دوركايم. فكل مجتمع _بحسب اركون _ يفرز اساطير ملائمه لنقل تقاليدة و تلبى حاجاتة الماديه و الروحيه الراهنه و تتداخل مع المتطلبات العقليه بهدف حفظ توازن البنيه الاجتماعيه بايجادها التبرير المباشر للوعي.يدعو الباحث الى ما يسمية زحزحه (Deplacement) منهجيه و معرفيه تهدف الى الوصول الى حوافز السلوك الحقيقيه و نزع اي اقنعه تلبس البشر شعارات اسلامية. و يعني جميع ذلك ضروره معالجه التراث الاسلامي ضمن اطار التحليل و الفهم الانثروبولوجى الذي يتركز حول المنشا التاريخى للوعى الاسلامي، و تشكل بنيتة عبر عملية الخلق الجماعي. و ينتهى الباحث الى ان الفكر و الاجتهادات بالذات فالتراث الاسلامي تعبر عن متطلبات ايديولوجيه لطبقه او فئه اجتماعيه معينة. و الحقيقة _كما يرد _ تتجسد دائما، و فكل مكان، عن طريق الفاعلين الاجتماعيين، اي البشر، فهي شيء ملموس و محسوس. و يطرح المبادىء الاتية:1_ ليس هنالك من حقيقة غير الحقيقة التي تخص الكائن الانسانى المتفرد و المتشخص و المنخرط ضمن اوضاع محسوسه قابله للمعرفة.2_ ان الحقيقة موجهه لكي تعلن و تنشر ضمن و سط اجتماعى _ تاريخى يتنافس به اناس مختلفون من اجل الوصول الى السلطة و السيطره عليها.3_ اذا كانت الحقيقة بكل اشكالها تتجسد دائما عن طريق و ساطه الانسان فعمل لا ينفصم من التعبير و الذكاء و الارادة، فانها تتطلب مستويات كثيره من التحليل كاللغوى و التاريخى و السوسيولوجى و الانثروبولوجى و الفلسفي.يدعو اركون الى ما يسمية “الاسلاميات التطبيقية” التي تدرس الاسلام ضمن منظور المساهمه العامة لانجاز الانثروبولوجيا الدينية. و قام بعملية اعاده قراءه القران (الفاتحة)، تخضعة ل “محك النقد التاريخى المقارن، و التحليل الالسنى التفككي، و التامل الفلسفى المتعلق بانتاج المعني و توسعاتة و تحولاتة و انهدامه”. رغم مساهمات الباحث المهنيه المهمة، الا ان مجالة يتركز اكثر على الفكر او العقل او الوعى الاسلامي، فهو لا يهمل المجتمع و العلاقات الاجتماعيه تماما حيث يقول “انة يحاول فهم طريقة اختراق الدين و سطا اجتماعيا ما و مدي تمثلة به او مدي نجاحة او فشله، بعدها العكس، اي مدي تاثير ذلك الوسط فالدين الرسمي و كيف يعدلة و يحور به و يغيره”.ج_ الاخلاقيه الاقتصاديه للدينيعتبر ما كس فيبر الرائد الحقيقي لمبحث الاخلاقيه الاقتصاديةوالدين. و فتعريف للمصطلح يستبعد فالبداية صله المفهوم بنظريات الاخلاق من منطلقها الدينى او اللاهوتى الصرف، و يقول ان المصطلح “يشير الى دوافع الفعل العملية التي نجدها فالنسيج النفسي و العلمي _ البراغماتى للاديان. هنالك اشكال تنظيم اقتصادى معين تتفق مع اخلاقيات اقتصاديه محددة، و الاخلاق الاقتصاديه ليست مجرد و ظيفه تشكل تنظيما اقتصاديا، و ليس العكس (…) فو جة مواقف الانسان من العالم _ كما يحددها الدين او اي عامل داخلى _ للاخلاق الاقتصادية، و هو يركز فنظرته، على فئات اجتماعيه معينة اثرت اكثر من غيرها فالاخلاق العملية فاديانها، و على الرغم من احتمال تغير الفئه تاريخيا، و لكنة يعني _كما يقول _ بالفئات التي ربما يصبح اثر اسلوب حياتها اكثر و ضوحا فاديان معينة. و مهما كان و قع الاثار الاجتماعيه المحدده اقتصاديا و سياسيا فالاخلاق الدينيه فهي _بحسب فيبر _ تتخذ طابعها الاساسى من مصادر اسلامية، كالبشاره و الوعد. و عديدا ما تعيد الاجيال تفسيرها بكيفية اصولية، و تعدل الاتهامات بحسب اشياء الجماعة الدينية. و يري ان القيم المقدسه هي فالواقع من هذي الدنيا كالصحة و الثروه و طول العمر، اما الزاهدون و المتصوفه فهم يتوقون الى قيم مقدسه فعالم اخر. و تتاثر القيم المقدسه بطبيعه المصالح و حياة الفئه الحاكمة، اي بالتراتب الاجتماعي.اشتهر فيبر بنظريتة عن دور البروتستانتيه فنشوء الراسمالية، و على الرغم من انه لم يعط علاقه سببيه بينهما، فقد قصد ان يقول _بحسب نظريتة عن الفهم “ان الذهنيه البروتستانتيه كانت احد مصادر عقلنه الحياة التي ساهمت فتكوين ما يسمية الروح الراسمالية، و لم تكن الاسباب =الوحيد او الكافى للراسماليه نفسها”. و ياخذ عليه البعض انه يوحى بان الحضارة الغربيه تتميز بذهنيه ذات درجه عاليه من العقلانية، هي التي انتجت ذلك النظام الاقتصادى بينما عجزت الاديان الاخرى، و من بينها الاسلام، عن ذلك. فقد يصبح الاسباب =ليس غياب العقلانيه عن تلك الاديان و لكنها بدت عاجزه عن ابتكار الادوات التقنيه و عن امتلاك الوسائل الروحانيه لتطور اكبر، و هو مطالب بتحديد سبب ذلك العجز. و العقلانيه مفهوم نسبي، و يرجع باحثون اخرون سبب تطور الراسماليه فالقرنين السادس عشر و السابع عشر بالذات فهولندا و انكلترا ليس الى القوي البروتستانتيه و لكن الى التحركات

اما تكامل الوحى و العقل فيقوم على افتراض خطير يحرم العلم من اداه مهمه و هي العقل، فرغم الاعتراف بدورة الا ان اصحاب ذلك الاتجاة يقولون: “فالعقل الانسانى رغم جميع مكانتة و امكاناتة فحياة البشر _يظل محدودا جزئيا يعتمد الاستقراء و تراكمات المعرفه و الخبره لادراك مسيرتة و سبل ادائه. و جاء الوحى على ايدى المعصومين الصادقين من الانبياء و الرسل ليمد العقل الانسانى بالمدركات الكليه فعلاقات الكون و موضع الانسان منها و مهمه و جودة تجاهها و قواعد علاقاتة الانسانيه و الاجتماعيه الرئيسية اللازمه لترشيد سعية و تحقيق غايه و جوده”.2_ حاضر دراسه الدين و افقها اجتماعياظهر تياران فالعقدين الماضيين احدهما يبحث عن تفسير ايجابي للدين و يشترك به باحثون من غير الاجتماعيين _ بالمعني الحصري _ و يتضمن هذا الكتابة عن دور الدين فالتغيير الاجتماعى او التنمية، او فالضبط الاجتماعي. و ممكن ادراج كتابات “التراث و المعاصرة” و “الاصل و العصر” و “التجدد الذاتي” و “الهويه او الذاتيه و الاخر” ضمن ذلك التيار. و تسعي هذي الفئه الى ايجاد اسس مشتركه بين الواقع المتغير و النصوص، او التوفيق بين رؤية / عقيده و واقع. و اهتم التيار الثاني بما يسمي الصحوه الاسلاميه او الاحياء الديني، او الحركات الدينيه او الجماعات الاسلاميه المتطرفة. و تتسم كهذه الدراسات بطابع سياسى و اعلامي يلاحق الاحداث الانية، فهي فالواقع تنقب عن الدور السياسى _ تقدما او تراجعا _ للدين و بالذات الاسلام، و ذلك و ليد تحولات ايران بعد الشاة و تعاظم نفوذ الدول النفطيه _ الاسلاموية، و هي كتابات انطباعيه فالغالب.يفتقد التياران النظريه الاجتماعيه فتفسير الدين او الحركات الدينيه او الادوار الدينية. و عندما تبحث الكتابات عن نظرية، فهي لا تتعدي دوركايم، تنتقى منه المقولات و الفرضيات التي تودها، و تبتعد كلها عن معالجه الدين كنظام للمعني (Meaning System) يؤسسة الانسان، او بالاصح، المجتمع ليعطى اطارا شاملا للفعل و الفهم الانسانيين. حتي بالنسبة الى النموذج الدوركايمى فهو صالح فحال تعديله، بحيث يستوعب حقيقة ان الديناميه الداخلية محكومة بقوي و علاقات الانتاج اكثر من العوامل الديمغرافيه كنسب الاكل الى السكان. اضافه الى تعديل المنحي المثالى الذي يركز على الاستجواب الايديولوجى عما هو الخير و الحق (القيم)، ليعطى اعتبارا اكثر استجواب ما هو الادراك (Cognition) و ما هو الممكن او الخيال (Imagination). و ذلك تركيب للمنظور السوسيولوجى مع الماديه التاريخية. و هنالك نقاط التقاء عديدة بينهما، بالذات التطور التاريخى للظواهر بما بها الافكار و عملها فعلاقات بالظواهر الاخرى.نجد خارج التيارين السابقين كتابات حاولت ان تتخذ شكلا نقديا فالتعامل مع الظاهره الدينية، و لكن اغلب هذي الكتابات كانت معارك فكريه و كانها حوار عقول مع عقول، و لا تهتم عديدا بالاصول الاجتماعية. و ربما انتجت الفتره التي اعقبت حرب حزيران/ يونيو 1967 اعدادا من هذي الكتابات ابرزها كتاب صادق جلال العظم: نقد الفكر الدينى و ربما اثار ضجه كبار لدي صدوره. و هدف الكتاب كما حددة مؤلفه، هو التصدى “بالنقد العلمي و المناقشه العلمانيه و المراجعه العصريه لبعض نواحى الفكر الدينى السائد حاليا بصورة المختلفة و المتعدده فالوطن العربي”، و الكتاب لا يخلو من اشارات الى ان الفكر الغيبى هو تعبير عن الاوضاع الاقتصاديه و علاقات الطبقات المختلفة. و من الملاحظ ان المهتمين بالفلسفه و قضايا الفكر و الثقافه هم الذين حملوا عبء الكتابة عن الدين. و لكن يهمنا _رغم تقديرنا لتلك المساهمات القيمه _ التعرف الى الكتابات الاجتماعيه التي تطرح اسئله مثل: لماذا ساد كهذا النوع من الفكر او الحركة الدينيه فهذا الوقت بالذات و داخل ذلك المجتمع بعينه.3_ هل من الممكن دراسه الاسلام اجتماعيا؟يواجة المنهج الاجتماعى _ التاريخ فدراسه الدين اشكاليه العلاقه بين المتعالى او فوق الطبيعي او فوق البشرى و بين المجتمع المادى او الطبيعي او البشري. و فحالة الاسلام بين النص المقدس (القران الكريم و السنة) و بين ضرورات الحياة العاديه و ظروفها. و يعطى قول الشهرستاني: “ان النصوص متناهيه و ان الوقائع غير متناهيه و ان المتناهى لا يحكم غير المتناهي” اشاره الى امكانيه غلبه الواقع على النص. و لكن على كهذا القول ان يواجة مساله القول بصلاحيه النصوص لكل زمان و مكان. و هذي مهمه اي دراسه اجتماعيه للظاهره الدينية، اي البحث عن علاقه النصوص المقدسه بالواقع؛ و ذلك مدخل يسهل المهمه بتضييق الفجوه بين المطلق و النسبي. و يؤكد احد المفكرين الدينيين المستنيرين وجود علاقه عضويه بين الفكر و الواقع، و يري ان سبب نزول الايات دليل على وجود مشكلة او موقف و اقعى محدد جاءت الايات بشرحة و بيان طريقة التصرف فيه. ايضا يثبت التدرج فالنزول، و النسخ اضافه الى اللغه و الامثال المستعملة، وجود علاقه بين القران و الواقع المعاش. و لكن عالم الاجتماع لابد له من منهج دينامي متغير، و عندما يحلل الدين من منظور اجتماعى فهو ليس مطالبا ب “التركيز على النصوص المجرده او على التعاليم الدينيه بحد ذاتها بل على السلوك الدينى فالحياة اليومية و فمحتواة الاجتماعى التاريخى ضمن اطار الصراعات القائمة فالمجتمع”؛ لذا فانه اذا كان الاسلام يخرج واحدا كما تبرزة نصوص القران و السنة، فان الممارسات التاريخيه و الاجتماعيه لهذا الاسلام تتعدد و تختلف معتمدة على تفسيرها الخاص للنصوص لتسند موقفها و تعطية مشروعيه خاصة.بوسع الباحث ان يمسك بعديد من الخيوط التي تثبت اجتماعيه الظاهره الدينية، و لكن اغلب هذي المساهمات جاءت من مؤرخين. و من هذي التفسيرات الدراسات الخاصة بظهور الفرق و المذاهب الفكريه ضمن الاسلام. فهذا يؤكد ان الاسلام تاويل و قراءات تختلف بحسب القوي و الفئات الاجتماعيه التي تساند فهما بعينه. و من التبسيط ارجاع الاختلافات الى اراء اسلاميه فحسب، و لكنها مواقف سياسية _ اجتماعيه تتقنع بوجوة اسلامية. فجماعات كالخوارج و الشيعه و المعتزله لا تفهم بحسب التحليل السياسى او الفكرى فقط، و بالتالي البحث عن موقعها المجرد من السلطة، او البحث عن اصول فكرها و التاثيرات التي تعرضت لها. فاسم الخوارج _بحسب الخالدى _ يطلقة المؤرخون على فئات كثيره لها اراء اسلاميه ذات صبغه خاصة، و الاسم يشمل فئات اجتماعيه مختلفة جمعتها مصالح اقتصاديه و اجتماعيه ففترات معينة. فثورتهم على الامام على لها اضافه الى الاسباب الدينية، سبب ثانية =تتلخص فان هؤلاء المقاتلين رفضوا مركزيه الحكم و ارادوا الاستئثار بالاراضى التي فتحوها و الاستفاده منها. فالخوارج ظاهره عربية عسكريه تعتبر ان الغزو يمنح الغازى الحق فقطف ثمار غزوة و يعطية منزله خاصة فالمجتمع، بعدها تاتى النظره الدينيه لهذه الفئه الاجتماعيه لتبرر و تشرعن نظرتها الاجتماعيه او و ضعها الاجتماعي.هنالك جوانب ثانية =تؤكد اجتماعيه الظاهره الدينيه فالمجتمع العربي _ الاسلامي كالفقة و التشريع. فقد بدات المشكلات الحديثة تخرج بحده اثناء القرن الثالث، و احس الفقهاء بخطر التغيرات على تماسك المجتمع و الدولة. و يصف احد الكتاب التطور المجتمعى و اثرة فالفقة الاسلامي قائلا: “واستجابه لهذه المشكلات المتفاقمه ظهرت المنظومه الحقوقيه الاسلاميه التي سماها فقهاء الاحناف و المالكيه البديهيات الخمس: حق النفس، و حق الدين، و حق العقل، و حق العرض، و حق المال”. اما فالتشريع، فان الحديث عن مقاصد الشريعه و المصلحه يؤكد نسبيه بعض احكام الشريعة، لان بعض المقاصد و المصالح متغير بحسب الواقع.هنالك نقطه ثانية =تساعد فمقاربه الظاهره الدينيه فالمجتمع العربي _ الاسلامي، و هي خاصة بالسؤال السابق: لماذا تخرج افكار او عقائد معينة فزمان او مكان ما ؟ فالاسلام لم ينشا ففراغ، فقد جاء فبيئه محدده و فحقبه تاريخيه لها شروط خاصة. ذلك و ربما جاء الاسلام و الاحوال فمكه و الجزيره العربية تنبىء بالحاجة الى منقذ او مخلص، و هذي ظروف مرت فيها نشاه جميع الاديان. و ينجح الدين عندما تكون الظروف مهياه لقبول هذا المنقذ و الامتثال لتعاليمة التي تجيء تعبيرا عن الحاجة الروحيه و الماديه (اى السياسية و الاقتصادية) للجماعة التي ينتمى اليها. و يتضافر نضوج اللحظه التاريخيه مع عوامل كشخصيه المنقذ و مضمون التعاليم و طرق تطبيقها فعملية نجاح الدعوه الحديثة و استمرارها. و يضيق المجال هنا عن وصف مكه قبل الاسلام، و بالذات اوضاعها الاقتصاديه و المؤثرات الفكريه و العقيديه التي تتعرض لها، بعدها بحث الفئات الاجتماعيه التي ساندت الاسلام و تلك التي عارضت. ان التدرج فنزول الاحكام اضافه الى المحافظة على بعض المعتقدات و الممارسات قبل الاسلامية، و تمثل بعضها و دمجها فالدين الجديد _كل ذلك يعكس جانبا تاريخيا فالدين و يؤكد استمراريه تاريخ المنطقة، و ان الاسلام جاء ضمن سياق التطور التاريخى للجزيره العربية.تثبت ما جريات الامور، و بالذات فما يتعلق بالتطورات السياسية ذات الغطاء الايديولوجى الديني، تاريخيه الظاهره الدينيه الاسلامية. فابتداء من اجتماع السقيفه لاختيار خليفه للرسول، مرورا بالرده بعدها قيام الدولتين الامويه و العباسية، حتي الغاء الخلافه فعشرينات ذلك القرن، جميع هذي احداث و وقائع و صراعات انسانيه حكمتها المصالح و الاوضاع الاقتصاديه _ الاجتماعيه و المواقف السياسية و الفكرية. و رغم انها استندت جميعا الى التفسير الاسلامي، مع تعرض المعسكرين فعديد من الاحيان. و فرضت النواحى الاجتماعيه _ الاقتصاديه نفسها على كتابات مؤلفين ليسوا علماء اجتماع او ما ركسيين، و لكن بروز تاثيرها فالاحداث و تحريكها للواقع لفت انتباة هؤلاء المؤلفين. و اروع مثال لذا كتاب طة حسين عن الفتنه الكبرى، الذي جاء و صفا دقيقا للتطورات الاقتصاديه و الاجتماعيه و اثرها فحياة الصحابه و مواقفهم و كيفية ادارة الصراع.ليست الظاهره الدينيه الاسلاميه استثناء، فهي خاضعه للتحليل التاريخ _ الاجتماعي. و بالفعل ظهرت دراسات عالجت الدين كجزء من الايديولوجيا او من منظور ثقافى او انثروبولوجي، او علاقتة بالاخلاق الاقتصاديه اضافه الى الدين ضمن سيروره التغير الاجتماعى و الاحتكاك بالاخر (الغرب). و تعرض فيما يلى تعريفا مختصرا لاهم عناصر هذي المقاربات السوسيولوجيه فدراسه الاسلام.ا_ الاسلام جزء من الايديولوجيايجد رودنسون فتاريخ الاسلام فالقرون الوسطي و الاسلام الحديث منطلقا مفيدا. فهو يبدا بالقول بعدم وجود تشابة بين اسلام المجتمع فالعصر الوسيط و بين اسلام بدء الدعوه عند مولد الدين. لذا يعتبر ان ايديولوجيا هذي الفتره اجمالا ذات لون ديني، و تلتحق بصورة مصطنعه نوعا ما بنظام الافكار الذي طرحة مؤسس الاسلام و عرضة القران. و ذلك يقود الى نظام ايديولوجى غير متجانس، و لكنة ضروري، بل يعتبر رودنسون ان الطابع غير المتجانس للانظمه الايديولوجيه طبيعي تماما، لانة يؤدى و ظيفتة فالوحده و التماسك و بقاء الامه (الدوله الاسلامية). و تتسم الايديولوجيا بمرونه تصل الى حد التناقض كما يخرج ففتاوي العلماء. و تسمح الدوله بقدر من التجاوز للايديولوجيا لا يهدد و جودها و لكن يقوم بوظيفه التوازن (Equilibrium) تجنبا للصراع العدائي.يناقش مورو بيرغر الفكرة نفسها من منطلق مختلف لا يرتكز على المنهج الماركسى كرودنسون. فهو يري _استنادا الى شاخت _ ان القانون الاسلامي تطور ليس نتيجة ارتباطة بالتجربة، بل كتعبير عن كاعلي اسلامي مضاد للتجربة، لان رجال الدين حكموا على العادات الموجوده بتعاليم الاسلام. و نجم عن هذا وضع استمر حتي العصر الحديث يتسم بوجود فجوه بين المثل الاعلي و الواقع، و يري ان نتيجة هذا وجود ثلاثه توازنات او توترات فالاسلام التقليدى ما زالت تعمل عملها فالمجتمع العربي _ الاسلامي، و هي بين العناصر الدينيه و الدنيوية، و بين الفرد و الجماعة، و بين المثل العليا الصحراويه و المدنية. و نعتقد ان الملاحظه صحيحة الى حد ما ، و لكنها ربما تقع فالتحليل الاستاتيكى الذي يتبعة كثير من الباحثين حين يتعاملون مع المجتمع _الاسلامي ككيان ثابت و خالد او يكاد لا يتغير و لا يؤثر به التاريخ و لا ايقاعات الحياة الاجتماعيه المتحركة دوما.يحاول رودنسون البحث عن الكيفية التي تتلاءم بواسطتها الايديولوجيا مع التوترات او التغييرات الحادثة، و بالذات مواجهه التفوق الاوروبى الذي يعرض الايديولوجيا القائمة لاستجواب جديد. و يري من البداية انه ليس هنالك ايديولوجيا غير الدين ممكن تعميمها على المجتمع و تستطيع ان توحد الناس، فهو يعتبر العلمانيه ذات طابع نخبوي. و لكن الاسلام فنظرة لم يعد ايديولوجيا شموليه بخاصة بعد التيارات التي دخلتة منذ العصور الوسطى، و مع توقع تعدد الايديولوجيات الفرعيه ضمنه.ب_ البعد الثقافى لدراسه الاسلامهذا تيار كبير لانة يضم اعمال المستشرقين، الا اذا حددناة بالبعد الثقافى _ الانثروبولوجي. فقد اهتم المستشرقون بالاسلام كنمط ثقافى مميز و الصقوا فيه تسميات ثابته كالروحانيه و السحر و الغموض و اللفظيه و الشاعريه و الرومانسية و اللاعقلانية، و غيرها من المسميات التي لا تخلو من الاستعلاء و المركزيه الثقافيه و التي تطلق على ثقافات الشرق و من بينها _بل و اهمها _ الاسلام.دراسات الاستشراق الحديث التي بحثت الاسلام كثقافه لا تستوقفنا عديدا من ناحيتها الاجتماعيه و الانثروبولوجيه على الرغم من ان بعضها ككتابات غب (Gibb) و غرونباوم (Grunebaum) لامست موضوعات كالهويه الثقافيه و الاحتكاك بالغرب. و لكن و قعت فقصور كتابات المستشرقين نفسه. فالاسلام عند غب بنيه فوقيه لم تتغير عديدا طوال القرون السابقة، و ذلك غلو _كما يقول ادوارد سعيد _ خاص بالاستشراق فقط، و تتحدث اعمالة عن اسلام مجرد لا نعلم اين يحدث فالزمان و المكان المحسوسين. و فالمجري نفسة تاتى كتابات غرونباوم الذي يتحدث عن لعبه الروحانيه الشرقيه و الماديه الغربيه و عدم المس بالروحانيه او الاخذ من ما ديه الغرب بصورة “لا تتناقض مع روحانيتنا” (اى الشرقية)، و بالتالي عدم الشعور بالنقص تجاة الغرب كخداع سيكولوجي، و يؤخذ عليه مطابقتة التاريخ الواقعى و التراث كنظام ذهني، فهذا اختزال للواقع لانة ربما يصبح المطلوب او المكتوب شيئا و ما يحدث فعليا هو شيء اخر.يختلف منهج البعد الثقافى _ الانثروبولوجى عديدا عن المقاربات التي مثلنا لها اذ يعتمد على المقابله و يهتم بالتاريخ و الفلسفة، و بالتالي يصل الى نسبيه الثقافه فتطورها عندما تقارن مع نفسها فالماضى او بثقافات معاصره اخرى. و يعتبر غيرتز من اهم ممثلى ذلك الاتجاه، بخاصة و هو يصل الى ان الدين نظام للمعني او نسق للرموز ممكن بتحليلها فهم الدين انثروبولوجيا.حاول غيرتز تطبيق منهجة فاحد كتبة المهمه الذي تابع به التطور الدينى فمراكش و اندونيسيا، او روح (Ethos) المجتمع، بعدها اثر النصوص و التاريخ (هنا اثر الاستعمار) فالمؤسسات الدينيه و السياسية و فعقول الناس ايضا. و هذي عناصر نظريته، فهو يقول بان المطلوب ليس البحث عن تعريف للدين فلدينا العديد من التعريفات، و لكن المهم اي نوعيات الايمان و تحت اي ظروف. و يري ان الهدف من اي دراسه علميه منتظمه للدين ليس وصف الافكار و الافعال و المؤسسات، و لكن المطلوب كيف يحدد، و باى طريقة. ان بعض الافكار و الافعال و المؤسسات تثبت او تعجز عن تثبيت او حتي تعميق الايمان الديني. و ذلك يعني ببساطه ان نفرق بين الاتجاة الدينى نحو التجربه و بين نوعيات الاداه الاجتماعيه التي كانت اثناء زمان و مكان معينين ارتبطت عاده بدعم كهذا الاتجاه.يعبر غيرتز عن اجماعيه الدين و ارتباطة بالواقع بكيفية بليغه حين يقول: “قد يصبح الدين حجرا مقذوفا على العالم، و لكن لا بد من ان يصبح حجرا محسوسا و ان يقذفة شخص ما ” و يري انه مهما كانت مصادر الايمان عند الفرد او الجماعة فلا بد من ان تسند فهذا العالم باشكال رمزيه و تنظيمات اجتماعية؛ و ما هيه اي دين _او محتواة المحدد _ تتجسد فالتصورات و المجازات التي يستخدمها الاتباع فتميز الحقيقة. و ذلك المجال الدينى فتطورة التاريخى يقوم على المؤسسات التي تعطى اولئك الذين يوظفونها تلك التصورات و المجازات المتاحة. و لذا يقول بانه لا ممكن فهم الاسلام مع النبى من دون العلماء، و لا الهندوسيه من دون الطوائف اضافه الى الفيدا.درس غيرتز كيف تطور دين واحد له التعاليم نفسها بطريقتين مختلفتين بحسب الظروف التاريخيه _ الاجتماعية. ايضا كيف تؤثر الثقافه المحليه فالدين الواحد، اي العلاقه بين النص و الفعل. و يشير الى ازمه تتمثل فالصدام بين ما اوحي فيه القران او ما يري السنيون انه ربما اوحي به، و بين ما يؤمن فيه حقيقة من يسمون انفسهم مسلمين. و اختلفت كيفية معالجه ذلك التناقض فالمجتمعين. فقد كانت المعالجه بالنسبة الى المغرب تتسم بموقف غير مساوم و متشدد يحاول العوده الى اصول نقيه معتمدة على الكتاب و السنة. بينما كان رد الفعل الاندونيسى فمواجهه الازمه تكيفيا و عمليا و تدريجيا، و يعود هذا الى الحياة الاجتماعيه التي تعيشها جميع مجموعة. و يهتم بخصوصيه الظاهرة، و ذلك ممكن الباحث من التعميم لانة يدرس كيف عملت التعاليم الدينيه الواحده فبيئه ما بصورة مختلفة.يتميز منهج غيرتز بانه ربما ركز على الاجتماعى اذ انه جعل الظاهره الدينيه متفاعله بكيفية و ثيقه مع الواقع و التغيرات الاجتماعية. و يحاول ان يستفيد من معارف متشعبه تمكنة من الفهم، و لا يقطع ايضا صلتة بتراث شارك به عدد من علماء الاجتماع المهتمين بالدين و السحر و الطقوس، و بالذات فيبر و دوركايم و ما لنوفسكى و فرويد.من العلماء المتحمسين لهذا الاتجاة محمد اركون الذي يدعو الى ان يستفيد المنهج الثقافى الانثروبولوجى من علم النفس و اللغه و التاريخ و الفلسفه و اللاهوت. و يطالب بتطبيق فكرتين لم تسترعيا انتباة المستشرقين و دارسى الاسلام و هما: الشخصيه الرئيسية بحسب كاردينز و لينتون، و الوعى الميثى (الاسطوري؟) بالاستفاده من بنيويه ليفى شتراوس. و فمقدمه احد كتبة المهمه التي حاول بها بحث الفكر الاسلامي يبدا بالسؤال عن طريقة درس ذلك الفكر. و يجيب بضروره الانطلاق من القران و تجربه المدينه لانهما “ادخلا شكلا من الحساسيه و التعبير و مقولات فكريه و نماذج للعمل التاريخى و مبادىء لتوجية السلوك الفردي”. و يهتم بجانب ضروري و هو “وضع اللغه و كيفية التعبير السائده و المفردات المستخدمة و علاقه هذا بالزمن و مشروطيته”. فقد كانت اللغه و الفكر ففجر الاسلام حين نزول القران مرتبطين بشكل مباشر و وثيق بالواقع المعاش، و لكن التفاسير اضافت العديد نتيجة المؤثرات المتنوعه اضافه الى العناصر الاسطوريه و المخيال الشعبى الامر الذي اسباب تقنيع الحقائق و اعطاها هيبه متعالية، و ان كان اركون يعتبرها هيبه فوق فرديه و ليست فوق بشرية، اي كانها تمثل العقل الجمعى كما عند دوركايم. فكل مجتمع _بحسب اركون _ يفرز اساطير ملائمه لنقل تقاليدة و تلبى حاجاتة الماديه و الروحيه الراهنه و تتداخل مع المتطلبات العقليه بهدف حفظ توازن البنيه الاجتماعيه بايجادها التبرير المباشر للوعي.يدعو الباحث الى ما يسمية زحزحه (Deplacement) منهجيه و معرفيه تهدف الى الوصول الى حوافز السلوك الحقيقيه و نزع اي اقنعه تلبس البشر شعارات اسلامية. و يعني جميع ذلك ضروره معالجه التراث الاسلامي ضمن اطار التحليل و الفهم الانثروبولوجى الذي يتركز حول المنشا التاريخى للوعى الاسلامي، و تشكل بنيتة عبر عملية الخلق الجماعي. و ينتهى الباحث الى ان الفكر و الاجتهادات بالذات فالتراث الاسلامي تعبر عن متطلبات ايديولوجيه لطبقه او فئه اجتماعيه معينة. و الحقيقة _كما يرد _ تتجسد دائما، و فكل مكان، عن طريق الفاعلين الاجتماعيين، اي البشر، فهي شيء ملموس و محسوس. و يطرح المبادىء الاتية:1_ ليس هنالك من حقيقة غير الحقيقة التي تخص الكائن الانسانى المتفرد و المتشخص و المنخرط ضمن اوضاع محسوسه قابله للمعرفة.2_ ان الحقيقة موجهه لكي تعلن و تنشر ضمن و سط اجتماعى _ تاريخى يتنافس به اناس مختلفون من اجل الوصول الى السلطة و السيطره عليها.3_ اذا كانت الحقيقة بكل اشكالها تتجسد دائما عن طريق و ساطه الانسان فعمل لا ينفصم من التعبير و الذكاء و الارادة، فانها تتطلب مستويات كثيره من التحليل كاللغوى و التاريخى و السوسيولوجى و الانثروبولوجى و الفلسفي.يدعو اركون الى ما يسمية “الاسلاميات التطبيقية” التي تدرس الاسلام ضمن منظور المساهمه العامة لانجاز الانثروبولوجيا الدينية. و قام بعملية اعاده قراءه القران (الفاتحة)، تخضعة ل “محك النقد التاريخى المقارن، و التحليل الالسنى التفككي، و التامل الفلسفى المتعلق بانتاج المعني و توسعاتة و تحولاتة و انهدامه”. رغم مساهمات الباحث المهنيه المهمة، الا ان مجالة يتركز اكثر على الفكر او العقل او الوعى الاسلامي، فهو لا يهمل المجتمع و العلاقات الاجتماعيه تماما حيث يقول “انة يحاول فهم طريقة اختراق الدين و سطا اجتماعيا ما و مدي تمثلة به او مدي نجاحة او فشله، بعدها العكس، اي مدي تاثير ذلك الوسط فالدين الرسمي و كيف يعدلة و يحور به و يغيره”.ج_ الاخلاقيه الاقتصاديه للدينيعتبر ما كس فيبر الرائد الحقيقي لمبحث الاخلاقيه الاقتصاديةوالدين. و فتعريف للمصطلح يستبعد فالبداية صله المفهوم بنظريات الاخلاق من منطلقها الدينى او اللاهوتى الصرف، و يقول ان المصطلح “يشير الى دوافع الفعل العملية التي نجدها فالنسيج النفسي و العلمي _ البراغماتى للاديان. هنالك اشكال تنظيم اقتصادى معين تتفق مع اخلاقيات اقتصاديه محددة، و الاخلاق الاقتصاديه ليست مجرد و ظيفه تشكل تنظيما اقتصاديا، و ليس العكس (…) فو جة مواقف الانسان من العالم _ كما يحددها الدين او اي عامل داخلى _ للاخلاق الاقتصادية، و هو يركز فنظرته، على فئات اجتماعيه معينة اثرت اكثر من غيرها فالاخلاق العملية فاديانها، و على الرغم من احتمال تغير الفئه تاريخيا، و لكنة يعني _كما يقول _ بالفئات التي ربما يصبح اثر اسلوب حياتها اكثر و ضوحا فاديان معينة. و مهما كان و قع الاثار الاجتماعيه المحدده اقتصاديا و سياسيا فالاخلاق الدينيه فهي _بحسب فيبر _ تتخذ طابعها الاساسى من مصادر اسلامية، كالبشاره و الوعد. و عديدا ما تعيد الاجيال تفسيرها بكيفية اصولية، و تعدل الاتهامات بحسب اشياء الجماعة الدينية. و يري ان القيم المقدسه هي فالواقع من هذي الدنيا كالصحة و الثروه و طول العمر، اما الزاهدون و المتصوفه فهم يتوقون الى قيم مقدسه فعالم اخر. و تتاثر القيم المقدسه بطبيعه المصالح و حياة الفئه الحاكمة، اي بالتراتب الاجتماعي.اشتهر فيبر بنظريتة عن دور البروتستانتيه فنشوء الراسمالية، و على الرغم من انه لم يعط علاقه سببيه بينهما، فقد قصد ان يقول _بحسب نظريتة عن الفهم “ان الذهنيه البروتستانتيه كانت احد مصادر عقلنه الحياة التي ساهمت فتكوين ما يسمية الروح الراسمالية، و لم تكن الاسباب =الوحيد او الكافى للراسماليه نفسها”. و ياخذ عليه البعض انه يوحى بان الحضارة الغربيه تتميز بذهنيه ذات درجه عاليه من العقلانية، هي التي انتجت ذلك النظام الاقتصادى بينما عجزت الاديان الاخرى، و من بينها الاسلام، عن ذلك. فقد يصبح الاسباب =ليس غياب العقلانيه عن تلك الاديان و لكنها بدت عاجزه عن ابتكار الادوات التقنيه و عن امتلاك الوسائل الروحانيه لتطور اكبر، و هو مطالب بتحديد سبب ذلك العجز. و العقلانيه مفهوم نسبي، و يرجع باحثون اخرون سبب تطور الراسماليه فالقرنين السادس عشر و السابع عشر بالذات فهولندا و انكلترا ليس الى القوي البروتستانتيه و لكن الى التحركات الاقتصاديه الكبرى، و بخاصة الكشوفات الجغرافيه و نتائجها.اما بالنسبة الى وضع الاسلام ضمن العلاقه بين الاخلاق الاقتصاديه و الدين، فهنالك ملامح نظريه تنطبق على جميع الاديان العالمية، و هي ان الوصايا الدينيه عن السلوك بالذات تلك الاكثر و اقعيه ربما يصبح لها اثر مباشر فالنشاطات الاقتصادية، كما ان المجموعات الدينيه ممكن ان توجة الدوافع و الاهتمامات الانسانيه نحو عدد من الاهداف ربما يصبح من بينها هدف اقتصادي، مثلا. من ناحيه الاختلاف بين الاسلام و البروتستانتيه بالذات، فقد اخطا فيبر حين تحدث عن اخلاقيه مقاتلين فالاسلام لونت رؤية المسلمين للعالم. فقد عدل المحاربون _حسب فيبر _ تاويل الرساله المحمديه لتلبى اشياء حديثة هي فتح البلدان الاخرى. فالجهاد مبدا ديني، و لكنة وضع فسياق تبريرى و تسويغ مختلف. و هو لا يرجع العجز العقلانى فالمجتمع الاسلامي الى سبب نفسيه بل الى البناء الذي ظهرت به الدول الاسلاميه و الجماعات الاجتماعيه التي سادت. و الاسباب =الاخر المقابل لتفسير المحاربين للدين هو موقف الصوفيه الانسحابي، و فالحالتين يفتقد الاسلام الاخلاقيه المساعدة فنشوء الراسمالية. و اثرت الاخلاق المقاتله فالمؤسسة السياسية (نظام السلطنة) و فشكل المدينه (معسكر) التي ظلت تنتج اشياء الدوله فحسب _كل ذلك اثر فاحتمالات اي تطور اقتصادى _ اجتماعى عقلانى ربما يقود الى الراسمالية.
ومن الواضح غياب الصراع و التناقضات فالصورة التي قدمها فيبر عن المجتمعات الاسلاميه تاريخيا.هنالك محاوله موازيه لتحليلات فيبر للاسلام تسعي من زاويه مختلفة الى فهم العلاقه بين الاسلام و الاقتصاد، و يخرج داخلها نقد لفرضيات فيبر. يري رودنسون ان فيبر اخطا حين اعتبر ان الايديولوجيا الاسلاميه تتعارض مع العقلانيه اللازمه لنشوء الراسمالية، لان اسباب هذا ليس فالاسلام و لكن فالعوامل التي تكون اساس تلك الايديولوجيا “اى فجماع الحياة الاجتماعيه للعالم الاسلامي، و فالعقائد السابقة، بما فذلك المسيحيه فصيغتها الشرقية”.
ويري ان الاسلام لم يكن فجوهرة عقبه فسبيل نمو اخلاقيه تتجة نحو الراسمالية، و نجد الدليل فمجموعات كسكان الزاب فجنوب الجزائر المنتمين الى الشيعه الاباضيه التي تشبة فعديد من النواحى الكالفينيين، مؤسسى الراسماليه عند فيبر، لذا فالعله ليست فافكار جماعة ما و لكن فو ضعها الاجتماعي.

  • دراسات دينيه
  • ظاهرة دينيه
  • ظواهر اجتماعية دينية
  • ظواهر دينية
  • ظواهر دينيه


ظاهره دينيه ظواهر دينية