العلوم الاسلامية في العصور الوسطى او عصر العلوم الاسلامية اوالعلوم الاسلامية. ما بين القرن السابع
الميلادي ونهاية القرن السادس عشر الميلادي كانت دمشق وحلب والكوفة وبغداد والقيروان وقرطبةوالقاهرة ومراكش وفاس
هي المراكز العلمية في العالم, وكانت جامعاتها مزدهرة وصناعاتها متقنة ومتقدمة والعلم في تطور مستمر
والعمران في ازدياد فكانت البلاد العربية محجا لطالبي العلم واعجوبة حضارية غير مسبوقة, كان للعلماء
شان عظيم يحترمهم العامة ويقدرهم الحكام, وكانت هذه الفترة هي فترة تاسيس العلم في العالم
فقبل ذلك كانت معارف لا ترتقي لمرتبة العلوم, فلم يبق مجال في العلم مما نعرفه
اليوم الا وكان العرب قد اسسوه
ابتكر المسلمون علوما جديدة لم تكن معروفة قبلهم وسموها باسمائها العربية كعلم الكيمياء وعلم الجبر
وعلم المثلثات. ومن مطالعاتنا للتراث العلمي الاسلامي نجد ان علماء المسلمين قد ابتكروا المنهج العلمي
في البحث والكتابة. وكان يعتمد على التجربة والمشاهدة والاستنتاج. وادخل العلماء المسلمين الرسوم التوضيحية في
الكتب العلمية ورسوم الالات والعمليات الجراحية. ورسم الخرائط الجغرافية والفلكية المفصلة. وقد ابتدع المسلمون الموسوعات
والقواميس العلمية حسب الحروف الابجدية. وكان لاكتشاف صناعة الورق وانتشار حرفة (الوراقة) في العالم الاسلامي
فضل في انتشار تاليف المخطوطات ونسخها. وقد تنوعت المخطوطات العربية بين مترجم ومؤلف, ولم تكن
المكتبات الاسلامية كما هي في عصرنا مجرد اماكن لحفظ الكتب، بل كان في المكتبة الرئيسية
جهاز خاص بالترجمة واخر خاص بالنسخ والنقل وجهاز بالحفظ والتوزيع. وكان المترجمون من جميع الاجناس
الذين كانوا يعرفون العربية مع لغة بلادهم. ثم كان يراجع عليهم ترجماتهم، علماء العرب لاصلاح
الاخطاء اللغوية. اما النقلة والنساخون فكانت مهمتهم اصدار نسخ جديدة من كل كتاب علمي عربي
حديث او قديم. وكانت اضخم المكتبات هي الملحقة بالجامعات والمساجد الكبرى. ففي دمشق وبغداد وفي
القاهرة وفي جامعة القيروان وقرطبة، وجامعة القرويين التي تعد اقدم الجامعات الموجودة في العالم، كانت
المخطوطات بهم بالالاف في كل علم وفرع من فروع العلم. وكانت كلها ميسرة للاطلاع او
الاستعارة. فكان يحق للقاريء ان يستعير اي كتاب مهما كانت قيمته وبدون رهن. لهذا كانت
نسبة الامية في هذا الوقت، تكاد تكون معدومة. وكان تعلم القران كتابة وقراءة الزاميا. بينما
كانت نسبة الامية في اوروبا فيما بين القرن التاسع وحتي القرن 12م اكثر من 95%.
ويقول المستشرق ادم متز في كتابه (الحضارة الاسلامية في القرن الرابع الهجري)، ان اوروبا وقتها
لم يكن بها اكثرمن عدد محدود من المكتبات التابعة للاديرة. ولا يعرف التاريخ امة اهتمت
باقتناء الكتب والاعتزاز بها كما فعل المسلمون في عصور نهضتهم وازدهارهم. فقد كان في كل
بيت مكتبة. وكانت الاسر الغنية تتباهي بما لديها من مخطوطات نادرة وثمينة. وكان بعض التجار
يسافرون الى اقصى بقاع الارض لكي يحصلوا على نسخة من مخطوط نادر او حديث. وكان
الخلفاء والاثرياء يدفعون بسخاء من اجل اي مخطوط جديد. وهذه قائمة ببعض المجالات التي برع
فيها العلماء العرب المسلمون:
الطب
شخص يقوم بتركيب دواء من عشبة برية.
لقد طور الاطباء المسلمون اساليب معالجة الجروح فابتكروا اسلوب الغيار الجاف المغلق. وفتائل الجراحة المغموسة
في عسل النحل لمنع التقيح الداخلي وهو اسلوب نقله عنهم الاسبان وطبقه الاوربيون في حروبهم.
وكان الجراحون المسلمون قد قفزوا بالجراحة قفزة هائلة ونقلوها من مرحلة نزع السهام كما كان
عند الاغريق الي مرحة الجراحة الدقيقة ومما سهل هذا اكتشافهم للتخدير قبل الجراحة، فتوصلوا الى
ما سموه المرقد (البنج عبارة عن اسفنجة تنقع في محلول من الاعشاب المركبة القنب (الحشيش)
والزوان والخشخاش (الافيون) وست الحسن. وتترك لتجف وقبل العملية توضع الاسفنجة في فم المريض فاذا
امتصت الاغشية المخاطية تلك العصارة استسلم للرقاد العميق لا يشعر معه بالم الجراحة.
ولم يقتصر اطباء المسلمين على طريقة الاسفنجة المخدرة فقط، بل كانوا يستعملونه لبوسا من الشرج
او شرابا من الفم. وعرف المسلمون التخديربالاستنشاق. وبين ابن سينا اثره بقوله: (من استنشق رائحته
عرض له سبات عميق من ساعته). وللافاقة من البنج كان الاطباء العرب يستخدمون اسفنجة اطلقوا
عليها الاسفنجة المنبهة المشبعة بالخل لازالة تاثير المخدر وافاقة المريض بعد الجراحة. وحدثنا ابن سينا
في كتابه “القانون” عن التخدير بالتبريد قائلا: (ومن جملة ما يخدر، الماء المبرد بالثلج تبريدا
بالغا). ووصف كيفية استعمال التبريد كمخدر موضعي كما في جراحة الاسنان.. ولقد كان الجراحون قبل
ذلك يتهيبون من الجراجة الداخلية، ويكتفون بعمليات البتر. ثم الكي بالنار لايقاف النزيف الداخلي. لكنهم
باكتشاف واختراع الرازي لخيوط الجراحة من امعاء الحيوان جعل بامكانهم خياطة اي عضو داخلي بامان
دون الحاجة الى فتحه من جديد لاخراج اسلاك الجراحة. وكان الجراحون يستعملون في خياطة جراحاتهم
الابر والخيوط من الحرير او من امعاء الحيوانات لربط الجروح الداخلية والخارجية او من خيوط
من الذهب لتقويم الاسنان.
ومع تطور الجراحة عند المسلمين بعد اكتشافهم للتخدير، ابتكروا الكثير من الات الجراحة التي لم
تكن معروفة قبلهم، فمنها الات من الفضة او الصلب اوالنحاس. وكانت اسماء الالات تدل على
مدي توسع الجراحة وتنوعها فهناك المشارط بانواعها للجراحة الخارجية والداخلية ومنها ذو الحد وذو الحدين
والمناشير الكبيرة للبتر والصغيرة لقص العظام الداخلية. والمباضع المختلفة الاشكال فمنها المباضع الشوكية والمعقوفة لقص
اللوزتين. والمجادع والمجادر والمبادر والكلاليب. ودست المباضع والمقصات الخاصة بعمليات العيون والجفوت باحجامها واشكالها المختلفة،
كالجفوت الكبيرة المستعملة في امراض النساء لاستخراج الجنين او تسهيل ولادته. او الجفوت المستعملة في
جراحة العظام لاستخراج بقايا العظم او السلاح داخل الجسم، او المستعملة في جراحة الاذن والانف
والعيون. والصنانير التي تدخل بين الاوعية والعروق والاعصاب وفي جراحة الاوعية الداخلية وخياطتها.
وفي كسور العظام كان الاطباء يستعملون انواعا من الجبائر من البوص او جريد النخل او
من الخشب. وكان المجبرون يعالجون خلع المفاصل وكسر العظام بالطرق اليدوية في خبرة ومهارة دون
حاجة الى الشق بالجراحة وفي كثير من الاحيان يستعملون الشد على المفصل لمنع تكرار الخلع،
كما انهم ابتكروا طريقة الرد الفجائي للخلع. وكان الكي بالمكاوي المختلفة، قد توارثه العرب منذ
فترة الجاهلية وقد استعمله المعالجون المسلمون كمسكن للالم للامراض المزمنة والمستعصية كعرق النساء واللمباجو والصداع
النصفي. وحددوا خرائط لجسم الانسان حددوا فيها مواضع الكي بالنسبة لكل مرض. وقد يكون الكي
في اكثر من موضع للمرض الواحد. وابتكر الاطباء المسلمون انواعا من المكاوي المحماة، من بينها
الابر الدقيقة ذات السن الواحد او شعبتين او ثلاثة. وصنعوها من الحديد او النحاس او
الذهب او الفضة وحددوا درجة الحرارة المناسبة لعلاج كل مرض. وحدد العالم ابن سينا في
كتابه “القانون” القواعد الرئيسية لجراحة السرطانات. في مراحل ثلاث هي: الاكتشاف المبكر، ثم الجراحة المبكرة،
فالاستئصال التام. وذكر الزهراوي علاج السرطان في كتابه “التصريف” قائلا: (متى كان السرطان في موضع
يمكن استئصاله كله كالسرطان الذي يكون في الثدي او في الفخد ونحوهما من الاعضاء المتمكنة
لاخراجه بجملته، اذا كان مبتدءا صغيرا فافعل. اما متى تقدم فلا ينبغى ان تقربه فاني
ما استطعت ان ابرئ منه احدا. ولا رايت قبلى غيري وصل الى ذلك). ووصف العملية
قائلا: (ثم تلقى في السرطان الصنانير التي تصلح له ثم تقوره من كل جهة مع
الجلد على استقصاء حتى لا يبقى شيء من اصوله واترك الدم يجري ولا تقطعه سريعا
بل اعصر المواضع ما امكنك).
وكان الزهراوي يجري عملية استئصال الغدة الدرقية. وهي عملية لم يجرؤ اي جراح في اوروبا
على اجرائها الا في القرن التاسع عشر بعده بتسعة قرون وقد بين هذه العملية بقوله:
(هذا الورم يسمى فيلة الحلقوم ويكون ورما عظيما على لون البدن وهو في النساء كثير.
وهو على نوعين اما يكون طبيعيا واما يكون عرضيا. فاما الطبيعي فلا حيلة فيه. واما
العرضي فيكون على ضربين احدهما شبيه بالسلع الشحمية والنوع الاخر شبيه بالورم الذي يكون من
تعقد الشريان وفي شقة خطر فلا تعرض لها بالحديد البتة), كما بين الزهراوي اوضاع المريض
في جراحة الامعاء بوضعه على سرير مائل الزاوية فاذا كانت الجراحة في الجزء السفلي من
الامعاء وجب ان يكون الميل ناحية الراس. والعكس صحيح والهدف من ذلك الاقلال من النزيف
اثناء العملية والتوسعة ليد الجراح. ونبه على اهمية تدفئة الامعاء عند خروجها من البطن اذا
تعسر ردها بسرعة، وذلك بالماء الدافيء حتى لا تصاب بالشلل. كما ابتكر (الزراقة) لغسيل المثانة
وادخال الادوية لعلاجها من الداخل. كما عملية تفتيت حصاة المثانة قبل اخراجها فقال: (ان كانت
الحصاة عظيمة جدا فانه من الجهل ان تشق عليها شقا عظيما لانه يعرض للمريض احد
امرين: اما ان يموت او يحدث له تقطير في البول والافضل ان يتحايل في كسرها
بالكلاليب ثم تخرجها قطعا).
وفي سنة 836 م امر الخليفة المعتصم ببناء مشرحة كبيرة على شاطيء نهر دجلة في
بغداد وان تزود هذه المشرحة بانواع من القرود الشبيهة في تركيبها بجسم الانسان وذلك لكى
يتدرب طلبة الطب على تشريحها. ولم يخل كتاب من مؤلفات المسلمين في الطب من باب
مستقل عن التشريح توصف فيه الاعضاء المختلفة بالتفصيل وكل عضلة وعرق وعصب باسمه وكانالرازي يقول
في كتابه: (يمتحن المتقدم للاجازة الطبية في التشريح اولا، فاذا لم يعرفه فلا حاجة بك
ان تمتحنه على المرضى). وكان المسلمون يعتمدون اول امرهم على ما كتبه الاغريق في تشريح
جسم الانسان وذلك تجنبا للحرج الدينى. ولكنهم اكتشفوا عن طريق التشريح المقارن (اي تشريح الحيوانات)
الكثير من الاخطاء في معلومات الاغريق فابتدؤوا الاعتماد على انفسهم. زمن خلال دراستهم للتشريع اكتشف
ابن النفيس على الدورة الدموية الصغرى. واكتشفوا ان الكبد يتكون من فصين وليس من خمسة
فصوص كما كان يعتقد الاغريق. واكتشف عبد اللطيف البغدادي المتوفى سنة 1231 م ان الفك
السفلي للانسان يتكون من عظمة واحدة وليس من عظمتين كما ذكر جالينوس بعد ان فحص
(2000) جمجمة بشرية. واكتشف ان عظمة العجز تتكون من قطعة واحدة وليس من ست قطع
كما ذكر جالينوس الاغريقي. وكان ابن الهيثم المتوفى سنة 1037م قد اكتشف تشريح طبقات العين
ووظائف كل طبقة؛ كالعدسة والحدقة والشبكية وتركيب الاعصاب المتصلة من العين الى المخ. كما اكتشف
ابن رشد وظائف شبكية العين.
وكان المسلمون يطلقون على طب العيون اسم الكحالة وقد اشتهر عدد من اطبائهم بلقب الكحال..
لبروزهم في هذا الفن.. ولا تقتصر الكحالة على العلاج بالكحل والقطور فحسب “فدرج الكحل” كان
يشمل الى جانب هذه الادوية على الالات الجراحية المتخصصة، وقد تطورت جراحة العيون في البلاد
التي تكثر فيها هذه الامراض مثل مصر والاندلس.
وفي علم طب الاعشاب اكتشفوا الوف النباتات التي لم تكن معروفة وبينوا فوائدها. وكانت معظم
الاعشاب تجرب على الحيوانات كالقرود اولا. وكان الطبيب المعالج هو الصيدلي او العشاب في ان
واحد. ثم انفصلت التخصصات واصبح الطبيب يكتب الوصفات وتسمى (الانعات). وكان يسلمها المريض الى العشاب
او العطار الذي يركبها له, وقد اشتهرت دمشق بطب الاعشاب وكان بها اشهر العطاريين والمعالجين
والعاملين بالاعشاب وكان العلماء المسلمون يتحايلون على الادوية المرة التي تعافها نفس المريض بطرق مختلفة,
فابن سينا اول من اوصى بتغليف الدواء باملاح الذهب او الفضة لهذا السبب, فاصبحت اقراص
الدواء عند المسلمين مغلفة ليس لها طعم. فكان ابن البيطار (شيخ العطارين) يجوب العالم ومعه
رسام يرسم له في كتبه النبات بالالوان في شتى احواله واطواره ونموه. وقد اكتشف وحده
300 نبات طبي جديد شرحها في كتبه واستجلبها معه. وقد الف كبار العشابين العديد من
الكتب والموسوعات العلمية في هذا العلم ومن اهم ابن البيطار مؤلف كتاب “مفردات الادوية”.
وكان الطب العربي قد عني “بطب المسنين” وعرف “الطب النفسي العضوي” كطب المجانين والمسجونين وكان
ابن سينا اول من اشار الى اثر الاحوال النفسية على الجهاز الهضمي وقرحة المعدة وعلى
الدورة الدموية وسرعة النبض. وكان الاطباء العرب يتبعون الطب الوقائي والامراض المعدية. حبث كانوا يعرفوم
العدوى ودورها في نقل الامراض قبل اكتشاف الميكروسكوب والميكروبات بمئات السنين.. فبينوا اضرار مخالطة المريض
بمرض معد او استعمال انيته او ملابسه، ودور البصاق والافرازات في نقل العدوى. وكان ابن
ابن رشد قد اكتشف المناعة التي تتولد لدى المريض بعد اصابته بمرض معد مثل الجدري.
وبين انه لايصاب به مرة اخرى. وكانوا يصنعون نوعا من التطعيم ضد الجدري (اذ ياخذون
بعض البثور من مريض ناقه ويطعم به الشخص السليم بان توضع على راحة اليد وتفرك
جيدا او يحدثون خدشا في مكانها) وهي نفس فكرة التطعيم التي نسبت فيما بعد الى
اوروبا. وقد اهتم الامويون بتنظيم مهنة الطب وطرق العمل بها والمعالجة واصدروا التشريعات المنظمة لذلك
وللمعالجين والاطباء, وكان يوجد قانون تشريعي ينظم مزاولة مهنة الطب ففي عهد الخليفة المقتدر العباسي
صدر اول قانون للرخص الطبية وبموجبه لا يجوز ممارسة الطب الا بعد امتحان وشهادة. ووضعت
اداب واخلاقيات للمهنة. وكان كل من يقوم بممارسة مهنة الطب، يؤخذ عليه قسم الطبيب المسلم
والذي كان يعتمد على المحافظة على سر المريض وعلاجه دون تمييز وان يحفظ كرامة المهنة
واسرارها. وكان في سنة 833 م- 218 ه (14) في عهد الخليفة المامون قد صدر
اول قانون للرخص الصيدلية وبموجبه يجري امتحان للصيدلاني ثم يعطي بموجبه مرسوم يجيز له العمل.
واخضع القانون الصيدليات للحسبة (التفتيش). وكان الخليفة قد كلف الرازي شيخ الاطباء بتاليف كتاب بعنوان
“اخلاق الطبيب” ليدرس للطلبة.. وقد شرح فيه العلاقة الانسانية بين الاطباء والمرضى وبينهم وبين بعضهم
كما ضمنه نصائح للمرضى في تعاملهم مع الطبيب ووضع ايضا كتاب “طب الفقراء” يصف لهم
فيه الادوية الرخيصة للعلاج المنزلي.
البيطرة
مخطوطة عربية لتشريح حصان.
وكانت البيطرة قد اصبحت علما له قواعده واصوله لان الاسلام عني بالرفق بالحيوان وعلاجه وتغذيته
ونهانا عن تحميله ما لاطاقة له به او تعذيبه، ومنع قتله الا لضرورة. وحرم وشمه
او جدع انفه او وخزه بالة حادة. وقد حقق العرب قدرا عظيما من التطور العلمي
في ميدان الطب البيطري حيث عني بامراض الخيل، والمظهر الخارجي والصفات العامة المميزة للفرس والحمار
والبغل ووظائف الاعضاء الخارجية والعيوب الوراثية في الخيل.
الرياضيات
شكل هندسي للرياضي ابي سهل الكوهي.
لما كان علم الحساب مستغلق على المبتدئ اذا كان من طريق البرهان، فان المسلمين كانوا
يعتبرون ان من احسن التعليم الابتداء بالحساب من طريق اعمال المسائل لانه معارف متضحة وبراهينه
منتظمة، فينشا عنه في الغالب عقل مضيء يدل على الصواب، ويقولون ان من اخذ نفسه
بتعلم الحساب اول امره يغلب عليه الصدق، لما في الحساب من صحة المباني ومنافسة النفس
فيصير له ذلك خلقا ويتعود الصدق ويلازمه مذهبا زادت حاجة المسلمين الى علم جديد من
علوم الحساب يساعدهم في معاملات البيع والشراء بين الشعوب مع اختلاف العملات والموازين ونظام العقود.
المامون يكلف الخوارزمي عالم الرياضيات، بالتفرغ لوضع وسيلة جديدة لحل المعادلات الصعبة التي تواجه المشتغلين
بالحساب. فوضع كتابه “الجبر والمقابلة” وبين اغراضه قائلا عند تقديمه: (يلزم الناس من الحاجة اليه
في مواريثهم ووصاياهم وفي مقاسمتهم واحكامهم وتجارتهم وفي جميع ما يتعاملون به بينهم من مساحة
الارضين وكرى الانهار والهندسة وغير ذلك من وجوهه وفنونه). وتناول الكتاب الحسابات وطرقها ابتداء من
حساب محيط في الكرة الارضية وقطرها وخطوط الطول والعرض في البلدان الى مساحات البلدان والمدن
والمسافات بينها. ثم مساحات الشوارع والانهار الى مساحات الضياع والبيوت.. وحساب الوصايا والمواريث وتقسيم التركات
المعقدة. والحسابات الفلكية، وحساب المعمار. وكلها كانت تواجه مشاكل وصعوبة في حسابها بطرق الاولين. وكان
علماء الرياضيات المسلمين قد بحثوا في مختلف جوانب علوم الحساب والهندسة والاعداد جمعا وتفريقا وتضعيفا
وضربا وقسمة وتوصلوا لكيفية اخراج الجذور في الاعداد الصحيحة وغير الصحيحة. وبينوا الكسور وصورها وطرق
جمعها وتفريقها وضربها وقسمتها واستخراج جذور الكسور التربيعية والتكعيبية والضرب والقسمة باستخدام الهندسة وحلوا مسائل
العدد ولبنوا خصائصه وتطبيقاته في المعاملات والصرف وتحويل الدراهم والدنانير والاجرة والربح والخسارة والزكاة والجزية
والخراج وحساب الارزاق والبريد والاعداد المضمرة وغيرها من علوم الحساب. وكانت لاهل المغرب طرق ينفردون
بها في الاعمال الجزئية من هذا العلم، فمنها قريبة الماخذ لطرق ابن الياسين ومنها بعيدة
كطرق الحضار كما جاء في كتاب مدينة العلوم. كما والارقام المستخدمة الان في المشرق هي
بالاصل ارقام هندية، بينما الارقام المستخدمة دوليا هي الارقام العربية التي وضعها المسلمون بناء على
طريقة الزوايا واضاف اليها المسلمون نظام الصفر، والذي لولاه لما استطعنا ايضا ان نحل كثيرا
من المعادلات الرياضية من مختلف الدرجات، فقد سهل استعماله جميع اعمال الحساب، وخلص نظام الترقيم
من التعقيد، ولقد ادى استعمال الصفر في العمليات الحسابية الى اكتشاف الكسر العشري الذي اكتشفه
العالم الرياضي جمشيد بن محمود غياث الدين الكاشي (ت 840 ه-1436 م)، كما ورد في
كتابه (مفتاح الحساب للعالم). وكان هذا مقدمة للدراسات والعمليات الحسابية المتناهية في الصغر.لقد كانت الارقام
العربية بصفرها وكسورها العشرية بحق هدية الاسلام الى اوروبا. هذا الكتاب تضمن الزيج وهو عبارة
عن جداول حسابية فلكية تبين مواقع النجوم وحساب حركاتها. ويعتبر ابراهيم الفزاري اول من صنع
الاسطرلاب. وهو الالة الفلكية التي تستخدم لرصد الكواكب.
الفيزياء
ويشمل علم الفيزياء علم الحيل وعلم البصريات, في علم الحيل اشتهر اولاد موسى بن شاكر
في القرن التاسع ميلادي، وقد الفوا كتاب “الحيل النافعة” وكتاب “القرطسون” -القرطسون ميزان الذهب- وكتاب
“وصف الالة التي تزمر بنفسها صنعة بني موسى بن شاكر”. ومن مختراعاتهم الة رصد فلكي
ضخمة وكانت تعمل في مرصدهم وتدار بقوة دفع الماء وكانت تبين كلالنجوم في السماء وتعكسها
على مراة كبيرة واذا ظهر نجم رصد في الالة واذا اختفى نجم او شهاب رصد
في الحال وسجل.
علم الحيل
صورة من كتاب الجزري “الجامع بين العلم والعمل النافع في صناعة الحيل”.
علم الحيل النافعة او (الميكانيكا), ابتكر العرب بعلم الحيل النافعة وطوروه الى درجة رفيعة من
الاتقان. وكان الهدف من هذا، الاستفادة منه وتوفير القوة البشرية والتوسع في القوة الميكانيكية والاستفادة
من المجهود البسيط للحصول على حهد اكبر من جهد الانسان والحيوان. فاعتبره العلماء طاقة بسيطة
تعطي جهدا اكبر. فارادوا من خلاله تحقيق منفعة الانسان واستعمال الحيلة مكان القوة والعقل مكان
العضلات والالة بدل البدن. والاستغناء عن سخرة العبيد ومجهودهم الجسماني.
فلجؤوا للطاقة الميكانيكة للاستغناء عن الطاقة الحيوية التي تعتمد على العبيد والحيوانات، ولاسيما وان الاسلام
منع نظام السخرة في قضاء الامور المعيشية التي تحتاج لمجهود جسماني كبير. كما حرم ارهاق
الخدم والعبيد والمشقة على الحيوان بعدم تحميلهم فوق ما لا يطيقونه، لذلك اتجه المسلمون الى
تطوير الالات لتقوم عوضا عنهم بهذه الاعمال الشاقة.
وعلم الحركة حاليا، يقوم على ثلاثة قوانين رئيسية، كان قد وضعها العالم الانجليزي نيوتن في
اوائل القرن 18،عندما نشرها في كتابه الشهير “الاصول الرياضية للفلسفة الطبيعية”. وكان نيوتن في هذه
القوانين قد قام بتجميع المعلومات العربية القديمة مما كتبه العلماء العرب عن الحركة للاشياء قبل
عصره بسبعة قرون. الا انه صاغها في قالب معادلات رياضية. واخذ تعريفاتهم لهذه القوانين الثلاثة
ونسبها اليه. ففي القانون الاول عن الحركة قال: (ان الجسم يبقى في حالة سكون او
في حالة حركة منتظمة في خط مستقيم مالم تجبره قوى خارجية على تغيير هذه الحالة).
ويقول هذا اخوان الصفا، في رسائلهم الشهيرة: (الاجسام الكليات كل واحد له موضع مخصوص ويكون
واقفا فيها لا يخرج الا بقسر قاسر). ويقول ابن سينا المتوفى سنة 1037م. في كتابه
“الاشارات والتنبيهات”: (انك لتعلم ان الجسم اذا خلى وطباعه ولم يعرض له من الخارج تاثير
غريب لم يكن له بد من موضع معين وشكل معين. فان من طباعه مبدا استيجاب
ذلك. اذا كان شيء ما يحرك جسما ولا ممانعة في ذلك الجسم كان قبوله الاكبر
للتحريك مثل قبوله الاصغر، ولا يكون احدهما اعصى والاخر اطوع حيث لا معاوقة اصلا). ثم
ياتي بعد ابن سينا علماء مسلمون على مر العصور يشرحون قانونه ويجرون عليه التجارب العملية،
وفي ذلك يقول فخر الدين الرازي المتوفى سنة 1209م بكتابه “المباحث المشرقية”: (انكم تقولون طبيعة
كل عنصر تقتضي الحركة بشرط الخروج عن الحيز الطبيعي. والسكون بشرط الحصول على الحيز الطبيعي).
وفي كتابه “المباحث الشرقية في علم الالهيات والطبيعيات” يقول ابن سينا : (وقد بينا ان تجدد
مراتب السرعة والبطء بحسب تجدد مراتب المعوقات الخارجية والداخلية). اما قانون نيوتن الثاني في الحركة
فنصه : (ان تسارع جسم ما اثناء حركته، يتناسب مع القوة التي تؤثر عليه، وفي تطبيق
هذا القانون على تساقط الاجسام تحت تاثير جاذبية الارض تكون النتيجة انه اذا سقط جسمان
من نفس الارتفاع فانهما يصلان الى سطح الارض في نفس اللحظة بصرف النظر عن وزنهما
ولو كان احدهما كتلة حديد والاخر ريشة، ولكن الذي يحدث من اختلاف السرعة مرده الى
اختلاف مقاومة الهواء لهما في حين ان قوة تسارعهما واحدة).
ويقول الامام فخر الدين الرازي في كتابه “المباحث المشرقية”: (فان الجسمين لو اختلفا في قبول
الحركة لم يكن ذلك الاختلاف بسبب المتحرك، بل بسبب اختلاف حال القوة المحركة، فان القوة
في الجسم الاكبر ،اكثرمما في الاصغر الذي هو جزؤه لان ما في الاصغر فهو موجود
في الاكبر مع زيادة)، ثم يفسر اختلاف مقاومة الوسط الخارجي كالهواء للاجسام الساقطة فيقول: (واما
القوة القسرية فانها يختلف تحريكها للجسم العظيم والصغير. لا لاختلاف المحرك بل لاختلاف حال المتحرك،
فان المعاوق في الكبير اكثر منه في الصغير).
القانون الثالث لنيوتن ينص على ان لكل فعل رد فعل مساوي له في المقدار ومضاد
له في الاتجاه). وابو البركات هبة الله البغدادي المتوفى سنة 1165 م. في كتابه “المعبر
في الحكمة” قال بما يفيد بهذا المعنى: (ان الحلقة المتجاذبة بين المصارعين لكل واحد من
المتجاذبين في جذبها قوة مقاومة لقوة الاخر. وليس اذا غلب احدهما فجذبها نحوه تكون قد
خلت من قوة جذب الاخر، بل تلك القوة موجودة مقهورة، ولولاها لما احتاج الاخر الى
كل ذلك الجذب)، ويقول الامام فخر الدين الرازي في كتابه “المباحث المشرقية”: (الحلقة التي يجذبها
جاذبان متساويان حتى وقفت في الوسط لا شك ان كل واحد منهما فعل فيها فعلا
معوقا بفعل الاخر). هذه القوانين الثلاثة للاستقرار والحركة ورد الفعل هي القوانين الاساسية التي ترتكز
عليها حاليا كل علوم الالات والاشياء المتحركة.
- تنيزيل علوم دينيه رائعه
- علوم دينية