من قصص الجيل الفريد 1
حسين بن سعيد الحسنية
القصة :-
حدثنا محمد بن يوسف حدثنا سفيان عن حميد عن انس رضي الله عنه قال :
“قدم عبد الرحمن بن عوف المدينة فاخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين سعد
بن الربيع الانصاري فعرض عليه ان يناصفه اهله وماله فقال عبد الرحمن بارك الله لك
في اهلك ومالك دلني على السوق فربح شيئا من اقط وسمن فراه النبي صلى الله
عليه وسلم بعد ايام وعليه وضر من صفرة فقال النبي صلى الله عليه وسلم مهيم
يا عبد الرحمن قال يا رسول الله تزوجت امراة من الانصار قال فما سقت فيها
فقال وزن نواة من ذهب فقال النبي صلى الله عليه وسلم اولم ولو بشاة” البخاري
.
الفوائد :-
1. لما كان الحديث عن هجرة محمد عليه الصلاة والسلام واصحابه من بلاد الكفر الى
بلاد الاسلام كان لزاما ان نبين هجرة اخرى للعبد المؤمن ولكنها من نوع اخر صورتها
ان يهجر الذنوب والمعاصي والبيئات الفاسدة والرفقة السيئة الى فعل الصالحات والطاعات والى البيئات النافعة
والى الرفقة الطيبة ويكون ذلك بالتوبة الصادقة والتغيير الايجابي ولزوم جادة الحق , الم ترى
ان الله خاطب اهل الايمان بان يتوبوا الى ربهم لينالوا الفوز والفلاح فقال تعالى:”وتوبوا الى
الله جميعا ايها المؤمنون لعلكم تفلحون ” النور : 31
2. من اول الاعمال التي بدا بها الرسول عليه الصلاة والسلام حين وصوله الى المدينة
مؤاخاته بين المهاجرين والانصار وكان لهذه المؤاخاة اهدافا يريد عليه الصلاة والسلام تحقيقها ومن اهمها
: ا/ نشر الاطمئنان في المدينة ب/ احياء روح العمل الجماعي والشراكة المجتمعية ج/ الاستفادة
من القدرات والمواهب والافكار د/ اشاعة روع المحبة والايثار والتضحية عند الجميع , فعلى القدوات
في المجتمعات المسلمة ان يدعوا الى هذه العبادة العظيمة وهي المؤاخاة في ذات الله تعالى
لانها هي التي تبدا في الدنيا وتنتهي في الجنة باذن الله تعالى قال تعالى :
” الاخلاء يومئذ بعضهم لبعض عدو الا المتقين” الزخرف 67
3. في القصة بيان لمكانة الانصار رضي الله عنهم ومدى فضلهم وتضحياتهم لدين الله ,
فهم الذين اووا ونصروا ورحبوا وضيفوا والوا على انفسهم واثروا قال الله تعالى فيهم :
” … والذين اووا ونصروا اولئك هم المؤمنون حقا لهم مغفرة ورزق كريم ” الانفال
74 وقال تعالى:” ان الذين امنوا وهاجروا وجاهدوا باموالهم وانفسهم في سبيل الله والذين اووا
ونصروا اولئك بعضهم اولياء بعض ” الانفال 72 وقال الله تعالى “والذين تبوؤوا الدار والايمان
من قبلهم يحبون من هاجر اليهم ولا يجدون في صدورهم حاجة مما اوتوا ويؤثرون على
انفسهم ولو كان بهم خصاصة ومن يوق شح نفسه فاولئك هم المفلحون ) الحشر 9
4. التضحية من اجل الاسلام لها شان عظيم وهي تتنوع بحسب الامكانات والاشخاص , وفي
القصة يقدم سعد بن عبادة نوع عظيم من انواع التضحية ذلك لما عرض على عبد
الرحمن بن عوف بان ياخذ نصف ماله وان يطلق احدى زوجتيه فيتزوجها فاي تضحية بعد
هذا . والسؤال هنا لكل مسلم : ماذا قدمت لدينك من تضحيات ؟ وما هو
العمل الذي تشعر انك تعبت من اجله وضحيت لكي تقدمه لامتك وترجو ان تقابل الله
به ؟
5. في القصة بيان لفضل الاخوة في ذات الله والمحبة فيه , وان هذه الاخوة
لها حقوق جمة , واداب عدة علينا جميعا ان نتمثل بها وندعو لها , وهذا
النوع من الاخوة عروة من عرى الايمان , ودعامة رئيسة من دعائم الدين , وسبب
هام من اسباب نشر الامن والامان والحب بين افراد المجتمع المسلم , قال ابو سليمان
الداراني :اني لالقم اخا من اخواني فاجد طعمها في حلقي.وقال الامام الشافعي : لولا صحبة
الاخيار، ومناجاة الحق تعالى بالاسحار؛ ما احببت البقاء في هذه الدار , وقيل :من اراد
ان يعطى الدرجة القصوى يوم القيامة؛ فليصاحب في الله” .
6. فضل التوكل على الله والاعتماد عليه وصدق اللجا اليه سبحانه وتعالى , والتوكل كما
قال ابن رجب رحمه الله : “صدق اعتماد القلب على الله تعالى في استجلاب المصالح
ودفع المضار من امور الدنيا والاخرة ” وقال الجرجاني رحمه الله: ” التوكل هو الثقة
بما عند الله، والياس عما في ايدي الناس ” وقد علمنا هذا المفهوم الايماني الرائع
من خلال القصة عبد الرحمن بن عوف رضي الله عنه , فقد رفض كل تلك
العطايا المجزية من صاحبه ودعا له وطلب منه ان يدله على السوق , فالمعطي هو
الله , والرازق هو الله جل وعلا .
7. ان التوكل لا ينافي اخذ الاسباب :عن انس بن مالك رضي الله عنه انه
قال: قال رجل: يا رسول الله اعقلها واتوكل، او اطلقها واتوكل؟ -لناقته- فقال صلى الله
عليه وسلم: «اعقلها وتوكل» الترمذي , وثبت في صحيح البخاري عن ابن عباس رضي الله
عنهما قال: كان اهل اليمن يحجون ولا يتزودون، ويقولون: نحن المتوكلون، فاذا قدموا مكة سالوا
الناس، فانزل الله تعالى: “وتزودوا فان خير الزاد التقوى” البقرة 197 وقال النبي صلى الله
عليه وسلم لمعاذ بن جبل رضي الله عنه : «لا تبشرهم فيتكلوا» دليل على انه
لابد من بذل الاسباب وعدم الاتكال , ففعل السبب مطلب ولو كان يسيرا او صغيرا
, ولكن على المؤمن ان يحذر من ان يجعل اعتماده على الاسباب فالمعتمد على مسبب
الاسباب سبحانه وتعالى .
8. في القصة ما يدل على فضل اكرام الضيف وانه هذا النوع من الاكرام يعد
من الاسلام وقد حثنا نبينا محمد صلى الله عليه وسلم على اكرام الضيف؛ فعن ابي
هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: “من كان يؤمن
بالله واليوم الاخر فليكرم ضيفه ” متفق عليه , ولاكرام الضيف اساليب متعددة لكي لا
يظن ان الكرم فقط يقتصر على الطعام والشراب , ومن صور اكرام الضيف ان تختار
له المكان المناسب لاقامته , وان تبين له مواطن الريبة والخطر في البلدة التي هو
فيها , وان تسعى في قضاء حاجته ان احتاج الى ذلك , وان تدله على
السوق ….الخ .
9. عبد الرحمن بن عوف يعتمد ايضا بعد الله على ثقته بنفسه فيكتشف موهبته وهي
القدرة على البيع والشراء , ويدرك قدراته في السعي والبذل والتفاوض , فيسال عن السوق
, وهنا علينا ان نعود الى ذواتنا ونكتشف ما وهبنا الله تعالى من قدرات ومواهب
ومن ثم نسعى ونجتهد , وان لا نعتمد على الاحلام والاماني كثيرا , وان لا
نركن للتواكل والدعة والترف .
10. بيان فضل التجارة ومن ذلك العمل باسباب الحصول على الرزق , والاعتماد على الله
تعالى ثم على النفس , وفيه البعد عن سؤال الناس واتقاء منتهم , وصيانة المؤمن
لدينه ونفسه من الوقوع في الحرام , وفيه ايضا تحقيق لمعنى التوكل على الله قال
عليه الصلاة والسلام : ” لو انكم تتوكلون على الله حق توكله لرزقكم كما يرزق
الطير تغدو خماصا وتروح بطانا” الترمذي , لكن على المؤمن ان يتقي الله تعالى في
طلبه للرزق فلا يكذب او يغش او يبيع حراما وان لا تكون تجارته ودنياه ملهية
له عن اخرته وان يؤمن ان الرزق بيد الله تعالى فلا يجزع ولا يسخط ان
لم يؤتيه الله ما اراد من الرزق .
11. اهتمام الرسول عليه الصلاة والسلام باصحابه وسؤاله عنهم دائما ففي القصة يسال عن صفرة
لاحظها على عبد الرحمن بن عوف , وهكذا على القدوة والمربي ان يهتم بقضايا ابناءه
وطلابه وان يشعرهم بقربه منهم , وان يسعى لتعزيز الجوانب الايجابية في اخلاقهم وتعاملاتهم وعلاقاتهم
وان يقضي على الجوانب السلبية فيها , وهذه من صفات القدوة الناجح الذي يريد ان
يبني جيل الشباب على ما جاء في كتاب الله تعالى وفي سنة محمد عليه الصلاة
والسلام .
12. في القصة ما يدل على استحباب تخفيض الصداق والتقليل منه وعدم المبالغة فيه لما
في المغالاة فيه من اضرار مالية على المتزوج تتمثل في كثرة الديون عليه وعدم مقدرته
على تسيير اموره الحياتية .
13. اعلان النكاح ودعوة الناس للاجتماع له واظهار الفرح به كل ذلك يسن فعله بدون
اسراف او تبذير او حضور للمنكرات كالغناء والموسيقى والرقص الماجن وغيرها .
والله اعلم وصل اللهم على سيدنا محمد وعلى اله وصحبه وسلم تسليما كثيرا
حسين بن سعيد الحسنية
23/1/1435ه
خميس مشيط
- صور قصص مؤثرة
- صور قصص إسلامية مؤثرة
- قصص دينيه ومواعظ
- قصص اسلامية مؤثرة جدا
- قصص دينية صور
- صور قصص دينه وضحه
- صور اقوال مؤثرة جدا
- صور لقصص دينه
- قصص مأتوره في الاسلام
- قصة دينية رائعة