اجمل كلمات احلى صور حلوة عليها كلام

مقالات اسلامية رائعة

مقالات اسلامية رائعة Aad8Bcb911269C76956A75A125917Fd9

مقالات اسلامية رائعة 20151130338

الحمدلله وبعد،،
هذه ليست ورقة بحثية، ولا مقالة منظمة، ولا حتى خاطرة ادبية، كلا، ليست شيئا من
ذلك كله، وانما هي (هم نفسي شخصي) قررت ان ابوح به لاحبائي واخواني، فهذه التي
بين يديك هي اشبه بورقة “اعتراف” تطوى في سجلات الحزانى.. اقراها ثم امحها من جهازك
ان شئت..

هذا الاحباط النفسي الذي يجرفني ليس وليد هذه الايام، وانما استولى علي منذ سنوات، لكن
نفوذه مازال يتعاظم في داخلي..

صحيح انني احيانا كثيرة انسى في اكتظاظ مهام الحياة اليومية هذه القضية، لكن كلما خيم
الليل، وحانت ساعة الاخلاد الى الفراش، ووضعت راسي على الوسادة، واخذت استرجع شريط اليوم ينبعث
لهيب الالم من جديد.. ويضطرم جمر الاحباط حيا جذعا..

ثمة قضية كبرى واولوية قصوى يجب ان اقوم بها ومع ذلك لازالت ساعات يومي تتصرم
دون تنفيذ هذه المهمة.. لماذا تذهب السنون تلو السنون ولازلت افشل في التنفيذ؟ لماذا تكون
المهمة امام عيني في غاية الوضوح ومع ذلك افلس في القيام بها؟

ويزداد الالم حين اتامل في كثير من الناس من حولي فلا ارى فيهم الا بعدا
عن هذا القضية، الا من رحم الله.. مجالس اجتماعية احضرها تذهب كلها بعيدا عن “الاولوية
القصوى”.. واتصفح منتديات انترنتية وصفحات تواصل اجتماعي (فيسبوك وتويتر) تمتلئ بالاف التعليقات يوميا.. واكثرها منهمك
في امور بعيدة عن “الاولوية القصوى” الا من رحم الله.. واطالع كتبا فكرية تقذف بها
دور النشر وتفرشها امامك معارض الكتب وغالبها معصوب العينين عن “الاولوية القصوى”..

فاذا اعدت كل مساء استحضار واقعي اليومي، وواقع كثير من الناس من حولي؛ تنفست الحسرات
واخذت اتجرع مرارتها .. واتساءل: لم؟ لم هذا كله؟ متى تنتهي هذه الماساة؟

دعني الخص لك كل الحكاية.. في كل مرة اتامل فيها القران اشعر انني لازلت بعيدا
عن جوهر مراد الله .. مركز القران الذي تدور حوله قضاياه لازلت اشعر بالمسافة الكبيرة
بيني وبينها..

يذكر الله في القران امورا كثيرة .. يذكر تعالى ذاته المقدسة باوصاف الجلال الالهية، ويذكر
الله في القران مشاهد القيامة من جنة ونار ومحشر ونحوها، ويذكر اخبار الانبياء واخبار الطغاة
واخبار الصالحين واخبار الامم سيما بنو اسرائيل وتصرفاتهم، ويذكر تشريعات عملية في العبادات والمعاملات، الخ
وفي كل هذه القضايا ثمة خيط ناظم يربط كل هذه القضايا .. تتعدد الموضوعات في
القران لكن هذا الخيط الناظم هو هو .. هذه القضية التي يدور حولها القران ويربط
كل شيء بها هي “عمارة النفوس بالله” ..

كنت اتامل –مثلا- في اوائل المصحف، في سورة البقرة، كيف حكى الله تعجب الملائكة (اتجعل
فيها من يفسد فيها؟)[البقرة، 30] ثم يربي الله فيهم تعظيم الله ورد العلم اليه (قال
اني اعلم ما لا تعلمون)[البقرة، 30]..

وكنت اتامل بعد ذلك في سورة البقرة نفسها كيف يعدد الله نعمه على بني اسرائيل
في ست ايات، فيها انه فضلهم على العالمين، وانه نجاهم من ال فرعون، وانه فرق
بهم البحر فاغرق ال فرعون، وانه عفى عنهم بعد اتخاذهم العجل، ثم بعد هذا التعديد
العجيب لقائمة النعم، يختم بوظيفة ذلك كله (لعلكم تشكرون) .. كل هذا السياق يراد به
عمارة النفوس بالله بان تلهج الالسنة والقلوب بتذكره وشكره تعالى..

بل يذكر الله تعالى في البقرة، واعاده في مواضع اخرى ايضا، كيف اقتلع تعالى جبلا
من الجبال ورفعه حتى صار فوق رؤوس بني اسرائيل، لماذا؟ ليربي فيهم شدة التدين والتعلق
بالله، يقول تعالى في البقرة (ورفعنا فوقكم الطور خذوا ما اتيناكم بقوة)[البقرة، 63]. وقال في
الاعراف (واذ نتقنا الجبل فوقهم كانه ظلة وظنوا انه واقع بهم خذوا ما اتيناكم بقوة)[الاعراف،
171].. كل هذا لتعمر النفوس بالتشبث بكلام الله تعالى ” خذوا ما اتيناكم بقوة” ..

وكنت اتامل كيف يصف القران حالة القلوب التي غارت ينابيع الايمان فيها وامحلت من التعلق
بالله، حتى قارنها الله باكثر الجمادات يبوسة في موازنة لا تخفي الاسى والرثاء.. يقول تعالى
(ثم قست قلوبكم من بعد ذلك فهي كالحجارة او اشد قسوة)[البقرة، 74] ثم يكمل في
تلك المقارنة المحرجة (وان من الحجارة لما يتفجر منه الانهار..) حتى الحجارة تلين وتخضع وتتفجر
وتتشقق وتهبط.. ومالمراد من هذا المثل؟ هو عمارة النفوس بالله (وان منها لما يهبط من
خشية الله)..

وكنت اتامل كيف ابتلى الله العباد بامور توافق هواهم، وبامور اخرى تعارضها، فامن بعض الناس
بما يوافق هواه وترك غيره، فلم يقل القران يشكر لهم ما امنوا به ويتغاضى عن
ما تركوا.. لا .. الله يريد ان تعمر النفوس بالله فتنقاد وتخضع وتنصاع لله في
كل شيء.. يقول تعالى (افتؤمنون ببعض الكتاب وتكفرون ببعض)[البقرة، 85] ثم يقول بعدها بايات معدودة
(افكلما جاءكم رسول بما لا تهوى انفسكم استكبرتم)[البقرة، 87].. لماذا شنع عليهم ربنا جل وعلا؟
لان المراد شيء اخر .. شيء اخر يختلف كثيرا عما يتصور كثير ممن تضررت عقولهم
بالثقافة الغربية المادية.. المراد عمارة النفوس بتعظيم الله والاستسلام المطلق له..

وكنت اتامل كيف يذكر الله النسخ في القران، وهو مسالة مشتركة بين اصول الفقه وعلوم
القران، ثم يختم ذلك ببيان دلالة هذه الظاهرة التشريعية، وهي عمارة النفوس بتعظيم القدرة الالهية
(ما ننسخ من اية او ننسها نات بخير منها او مثلها الم تعلم ان الله
على كل شيء قدير)[البقرة، 106].. يا سبحان الله .. مسالة اصولية بحتة وتربط فيها القلوب
بتعظيم الله، وقدرة الله..

وكنت اتامل كيف ذكر الله مسالة من مسائل شروط الصلاة وهي (استقبال القبلة)، ثم تغييرها
بين بيت المقدس والكعبة، وبرغم كونها مسالة فقهية بحتة، الا ان القران ينبهنا ان وظيفة
هذه الحادثة التاريخية كلها هي “اختبار” النفوس في مدى تعظيمها واستسلامها لله؟ هذا جوهر القضية!
(وما جعلنا القبلة التي كنت عليها الا لنعلم من يتبع الرسول ممن ينقلب على عقبيه)[البقرة،
143] ..

وايات القصاص تختم ب”تقوى الله” كما يقول تعالى (ولكم في القصاص حياة يا اولي الالباب
لعلكم تتقون)[البقرة، 179] وايات الصيام تلحق ايضا بالتقوى في قوله تعالى (كتب عليكم الصيام كما
كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون)[البقرة، 183] وايات الوصية تختم كذلك بالتقوى في قوله
تعالى (ان ترك خيرا الوصية للوالدين والاقربين بالمعروف حقا على المتقين)[البقرة، 180] ..

ولما ذكر الله مناسك الحج واعمالها وشعائرها.. ووصل للحظة اختتام هذه المناسك وانقضائها، اعاد الامر
مجددا لربط النفوس بالله واحياء حضور الله في القلوب (فاذا قضيتم مناسككم فاذكروا الله)[البقرة، 200]
.. واعجباه .. تنقضي المناسك وما يعتري المرء فيها من النصب، لتربط النفوس مجددا بالله..
برغم ان الحج اصلا مبناه على ذكر الله بالتلبية والتكبير ونحوها، فالقلب في القران من
الله .. والى الله .. سبحانه وتعالى..

واخذت اتامل لما ذكر الله تعالى حكم (الايلاء) في القران، وذكر الله للرجال خيارين: اما
ان يتربصوا اربعة اشهر، او ان يعزموا الطلاق، وادركني العجب كيف يختم كل خيار فقهي
باوصاف العظمة الالهية، يقول تعالى في ايتين متتابعتين (للذين يؤلون من نسائهم تربص اربعة اشهر
فان فاءوا فان الله غفور رحيم ** وان عزموا الطلاق فان الله سميع عليم)[البقرة، 226-227]..
والله شيء عجيب ان تربط النفوس بالله بمثل هذه الكثافة في تفاصيل الاحكام الفقهية..

وكنت اتامل كيف ذكر الله حالة “الخوف” من الاعداء ونحوها، فلم يسقط الصلاة، بل امر
الله بها حتى في تلك الاحوال الصعبة، (حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين
** فان خفتم فرجالا او ركبانا)[البقرة، 238-239] حسنا هذا في حال الخوف فماذا سيكون في
حال الامن؟ تكمل الاية (فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون)[البقرة، 239]
..

رجعت مرة اخرى الى بداية الاية واخذت اتامل المحصلة، واذا بها في حال الامن والخوف
يجب ان يكون القلب معلقا بالله.. بالله عليك اعد قراءة الاية متصلة (فان خفتم فرجالا
او ركبانا فاذا امنتم فاذكروا الله كما علمكم ما لم تكونوا تعلمون)[البقرة، 239].. القران يريد
النفس البشرية مشدودة الارتباط بالله جل وعلا في جميع الاحوال.. يريد من المسلم ان يكون
الله حاضرا في كل سكنة وحركة..

وكنت اتامل كيف يذكر الله النصر العسكري ليربط النفوس بالله (ولقد نصركم الله ببدر وانتم
اذلة فاتقوا الله لعلكم تشكرون)[ال عمران، 123]..

وحتى حين ذكر الله المعاصي والخطايا اذ يقارفها ابن ادم فان القران يفتح باب ذكر
الله ايضا (والذين اذا فعلوا فاحشة او ظلموا انفسهم ذكروا الله..)[ال عمران، 135]

وذكر الله تبدلات موازين القوى عبر التاريخ، وربط الامر –ايضا- بان المراد اختبار عمق الايمان
والارتباط بالله (تلك الايام نداولها بين الناس وليعلم الله الذين امنوا ويتخذ منكم شهداء)[ال عمران،
140]..

وقص الله في القران قصة قوم قاتلوا مع نبيهم .. وحكى القران ثباتهم.. ومن الطف
ما في ذلك السياق انه اخبرنا بمقالتهم التي قالوها في ثنايا معركتهم.. فاذا بها كلها
مناجاة وتعلق بالله (وكاين من نبي قاتل معه ربيون كثير فما وهنوا لما اصابهم في
سبيل الله وما ضعفوا وما استكانوا والله يحب الصابرين ** وما كان قولهم الا ان
قالوا ربنا اغفر لنا ذنوبنا واسرافنا في امرنا وثبت اقدامنا وانصرنا على القوم الكافرين)[ال عمران،
146-147].. شئ مدهش والله من حال ذلك القوم الذين عرضهم الله في سياق الثناء. في
قلب المعركة .. وتراهم يستغفرون الله من خطاياهم، ويبتهلون اليه، ويظهرون الافتقار والتقصير وانهم مسرفون
.. يالتلك القلوب الموصولة بالله..

ولما ذكر الله الجهاد شرح وظيفته وانها اختبار ما في النفوس من تعلق بالله وايمان
به (قل لو كنتم في بيوتكم لبرز الذين كتب عليهم القتل الى مضاجعهم وليبتلي الله
ما في صدوركم وليمحص ما في قلوبكم)[ال عمران، 154].. وقال (وما اصابكم يوم التقى الجمعان
فباذن الله وليعلم المؤمنين)[ال عمران، 166]

ولما ذكر الله حب النفس البشرية للنصر على الاعداء لفت الانتباه الى المصدر الرئيسي للنصر
.. تامل بالله عليك كيف يضخ القران في النفوس التعلق المستمر بالله (ان ينصركم الله
فلا غالب لكم وان يخذلكم فمن ذا الذي ينصركم من بعده)[ال عمران، 160] ويقول تعالى
(ان تنصروا الله ينصركم ويثبت اقدامكم)[محمد، 7]..

وكنت انظر كيف يصور القران اوضاع الجلوس والقيام والاسترخاء.. وكيف تكون النفس في كل هذه
الاحوال لاهجة بذكر الله (الذين يذكرون الله قياما وقعودا وعلى جنوبهم)[ال عمران، 191].. يذكر الله
وهو واقف .. يذكر الله وهو جالس .. يذكر الله وهو مضطجع.. اي تعلق بالله
.. واي نفوس معمورة بربها اكثر من هذه الصورة المشرقة.. سالتك بالله وانت تقرا هذه
الاية الا تتذكر بعض العباد المخبتين من كبار السن الذين لا تكف السنتهم عن تسبيح
وتحميد وتكبير .. هل ترى الله حكى لنا هذه الصورة عبثا؟ ام ان الله تعالى
يريد منا ان نكون هكذا .. نفوسا مملوءة بربها ومولاها لا تغفل عن استحضار عظمته
وتالهه لحظة واحدة..

وحتى في المشاعر بين الزوجين اذا سارت الامور في غير مجاريها فان القران يحرك في
النفوس استحضار الغيبيات والابعاد الايمانية حيث يقول تعالى (فان كرهتموهن فعسى ان تكرهوا شيئا ويجعل
الله فيه خيرا كثيرا)[النساء، 19]..

فان بلغت امور الزوجين الى الشقاق الزوجي شرع التحكيم بينهما .. وحتى في هذا التحكيم
الزوجي فان القران يلفت انتباه المنخرطين في هذه العملية الى ان مسارات التحكيم مرتبطة بما
قام في القلوب من العلاقة بالله (وان خفتم شقاق بينهما فابعثوا حكما من اهله وحكما
من اهلها ان يريدا اصلاحا يوفق الله بينهما ان الله كان عليما خبيرا)[النساء، 35]..

ولما ذكر الله البلد الذي لا يستطيع المؤمن فيها اظهار شعائره وامر بالهجرة الى بلد
اخر؛ لم يجعل الامر مجرد هجرة من مكان جغرافي الى اخر، بل جعل القضية “هجرة
الى الله” ذاته، كما يقول تعالى (ومن يخرج من بيته مهاجرا الى الله ورسوله ثم
يدركه الموت فقد وقع اجره على الله)[النساء، 100] .. فالامر في صيغته الحسية مجرد هجرة
من بلد الى بلد، لكنه في ميزان القران “هجرة الى الله ورسوله” ..

ومن اعجب مواضع القران في ربط النفوس بالله وعمارتها بربها، ولا اظن ان ثمة دلالة
اكثر من ذلك على هذا الامر: (صلاة الخوف حال الحرب)، هذه الشعيرة تسكب عندها عبرات
المتدبرين..

وقد تكفل القران ذاته بشرح صفتها، وجاءت في السنة على سبعة اوجه معروفة تفاصيلها في
كتب الفقه .. بالله عليك تخيل المسلم وقد لبس لامة الحرب، وصار على خط المواجهة،
والعدو يتربص، والنفوس مضطربة قلقة، والازيز يمخر الاجواء، والدم تحت الارجل.. ومع ذلك لم يقل
الله دعوا الصلاة حتى تنتهوا، بل لم يقل دعوا “صلاة الجماعة” ! وانما شرح لهم
كيف يصلوا جماعة في هذه اللحظات العصيبة (واذا كنت فيهم فاقمت لهم الصلاة فلتقم طائفة
منهم معك ولياخذوا اسلحتهم فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتات طائفة اخرى لم يصلوا فليصلوا
معك ولياخذوا حذرهم واسلحتهم)[النساء، 102]..

هل تعرف في الدنيا كلها شاهد على حب وتعظيم الله جل وعلا للارتباط بالله واستمرار
مناجاته اكثر من ذلك.. بل هل يوجد رجل فيه شئ من الورع وخوف الله يهمل
صلاة الجماعة وهو في حال الامن والرفاهية وعصر وسائل الراحة؛ وهو يرى ربه تعالى يطلب
من المقاتلين صلاة الجماعة ويشرح لهم تفاصيل صفتها بدقة، وهم تحت احتمالات القصف والاغارة؟!

هل تستيقظ نفوس افترشت سجاداتها في غرفها ومكاتبها تصلي “احادا” لتتامل كيف يطلب الله صلاة
“الجماعة” بين السيوف والسهام والدروع والخنادق..؟!

اترى الله يامر المقاتل الخائف المخاطر بصلاة الجماعة، ويشرح له صفتها في كتابه، ويعذر المضطجعين
تحت الفضائيات، والمتربعين فوق مكاتب الشركات؟! هل تاتي شريعة الله الموافقة للعقول بمثل ذلك؟!

ومن اللطيف ان الاية التي اعقبت الاية السابقة تكلمت عن حال اتمام الصلاة، حسنا ..
نحن عرفنا الان من الاية السابقة صفة الصلاة لحظة احتدام الصفين، فما هو التوجيه الذي
سيقدمه القران بعد الانقضاء من الصلاة؟ يقول تعالى (فاذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا
وعلى جنوبكم)[النساء، 103] ياسبحان ربي .. الان انتهى المقاتل من صلاة الجماعة، فيرشده القران لاستمرار
ذكر الله .. هل انتهى الامر هاهنا؟ لا، لم ينته الامر بعد، فقد واصلت الاية
الحديث عن انتهاء حالة الخوف، وبدء حالة الاطمئنان، ويتصل الكلام مرة اخرى لربط النفوس بالله
(فاذا اطماننتم فاقيموا الصلاة)[النساء، 103]..

صارت القضية كلها لله .. بالله عليك اعد قراءة الايتين متواصلتين (واذا كنت فيهم فاقمت
لهم الصلاة فلتقم طائفة منهم معك ولياخذوا اسلحتهم فاذا سجدوا فليكونوا من ورائكم ولتات طائفة
اخرى لم يصلوا فليصلوا معك ولياخذوا حذرهم واسلحتهم ود الذين كفروا لو تغفلون عن اسلحتكم
وامتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة ولا جناح عليكم ان كان بكم اذى من مطر او
كنتم مرضى ان تضعوا اسلحتكم وخذوا حذركم ان الله اعد للكافرين عذابا مهينا (102) فاذا
قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما وقعودا وعلى جنوبكم فاذا اطماننتم فاقيموا الصلاة ان الصلاة كانت
على المؤمنين كتابا موقوتا)[النساء، 102-103]..

ولما ذكر الله الصلاة في سورة “طه” اشار الى غاية تغيب عن بال كثير من
المصلين فضلا عمن دونهم، ربما يتحدث الواحد منا عن عظمة الصلاة في الاسلام، وانها اعظم
ركن بعد الشهادتين، وانها الخط الفاصل بين الكفر والايمان، ونحو هذا من معاني مركزية الصلاة،
ولكن لماذا شرع الله الصلاة واحبها وعظمها سبحانه؟ انها بوابة استحضار الله وتذكره، يقول الله
سبحانه (واقم الصلاة لذكري)[طه، 14] هكذا بكل وضوح.. يقيم المسلمون الصلاة ليتذكرون الله جل وعلا..
يكبرونه ويسبحونه ويناجونه..

بل وحتى حين ذكر الله الجوارح المعلمة في الصيد لم يذكر تعليمها مغفلا هكذا ..
بل يربطه بالحقيقة العقدية الايمانية ليستمر القلب موصولا بعظمة الله .. تامل كيف ينبه المسلم
على ذلك (وما علمتم من الجوارح مكلبين تعلمونهن مما علمكم الله)[المائدة، 4] .. حتى تعليم
الجوارح والكلاب الصيد يجب ان يستحضر المؤمن انها تعليم مما علم الله .. ما اشد
كثافة حضور العلاقة بالله في القران..

واخذ القران مرة يستثير ذكريات للصحابة كاد الكفار فيها ان يفتكوا بهم، فينبش القران هذه
الوقائع التاريخية ليرتفع بالقلوب الى الله الذي نجاهم، يقول تعالى (يا ايها الذين امنوا اذكروا
نعمت الله عليكم اذ هم قوم ان يبسطوا اليكم ايديهم فكف ايديهم عنكم واتقوا الله
وعلى الله فليتوكل المؤمنون)[المائدة، 11].

وقد ذكر اهل التفسير فيها عدة وقائع تندرج في ذلك، كمحاولة الاعرابي غورث بن الحارث
ان يقتل رسول الله، كما في البخاري.. ومثل مؤامرة اليهود لقتل رسول الله –صلى الله
عليه وسلم- واصحابه فاوحى الله اليه وانكشفت المؤامرة، ونحوها من الاحداث..

ليس المهم تعيين هذه الاحداث التي فشلت فيها مؤامرات الكفار ضد الرسول والصحابة .. الاهم
والله حين يرى متدبر القران كيف يفاجئ القران الصحابة بذكر تلك القصص ليحيي علاقة القلب
بالله.. فينبههم ان الله سبحانه هو الذي كف ايدي الكفار عنكم، وانه يجب ان تتوكل
القلوب عليه سبحانه ..

ايات تنبش في اذهان الصحابة ذكريات احداث وخطوب سلموا فيها، لا تذكرها هذه الايات الا
لتصعد بالقلوب الى الخالق المتفضل سبحانه.. كان هذه الايات تقول: انتبهوا ان سلامتكم في تلك
الاحداث ليست امرا عابرا، بل هو فضل من الله ورحمة، فاذكروا هذا ولا تنسوه، وليكم
منكم على بال، ولتعشه القلوب وتلهج بشكر الله الالسنة والجوارح.. انظر كيف تكون وظيفة (السير
والمغازي) في كتاب الله، وقارنها بنمط تعاملنا معها ..

وتذكير القران للصحابة بغزواتهم في سورة الانفال يشبه قول الله في سورة ابراهيم عن موسى
(ولقد ارسلنا موسى باياتنا ان اخرج قومك من الظلمات الى النور وذكرهم بايام الله)[ابراهيم، 5]
فقال موسى مستجيبا في الاية التي تليها: (واذ قال موسى لقومه اذكروا نعمة الله عليكم
اذ انجاكم من ال فرعون)[ابراهيم، 6]

ولما ذكر الله تعالى قصة موسى –صلى الله عليه وسلم- اذ امر قومه بدخول (الارض
المقدسة) والتي ذكر بعض اهل التفسير انها الطور وما حولها، فتخاذل قوم موسى واعتذروا بان
فيها قوما جبارين لديهم امكانيات لا نستطيع مقاومتها، وفي هذه اللحظة وقف رجلان من قوم
موسى موقف الشجاع مستجيبين لامر موسى، ونبهوا قومهم انهم بمجرد الدخول على الجبارين فسينهزمون باذن
الله.. هذان الرجلان البطلان لم يذكرهما الله في كتابه وينسب الفضل لهما، بل نبه تعالى
ان موقفهم البطولي انما له خلفيات اخرى. بالله عليك تتبع نمط القران في عرض ذلك،
يقول الله حاكيا خطاب موسى:

(يا قوم ادخلوا الارض المقدسة التي كتب الله لكم ولا ترتدوا على ادباركم فتنقلبوا خاسرين
* قالوا يا موسى ان فيها قوما جبارين وانا لن ندخلها حتى يخرجوا منها فان
يخرجوا منها فانا داخلون * قال رجلان من الذين يخافون انعم الله عليهما ادخلوا عليهم
الباب فاذا دخلتموه فانكم غالبون وعلى الله فتوكلوا ان كنتم مؤمنين)[المائدة، 20-23]

لعلك لاحظت الامر، وكيف يلح القران على ابراز خلفيات العلاقة بالله، فهذا الرجلان لم يقفا
هذا الموقف الصواب الا لانهما يخافا من الله، وقد انعم الله عليهما بمقامات الايمان والديانة..
وحتى وصيتهما لقومهما كانت (وعلى الله فتوكلوا) والتوكل من ادق مقامات تعلق القلب بالله، بل
ان التوكل هو لحظة التعلق بالله فعلا..

هذه الوقائع والحوارات بين موسى وقومه لا يمكن ان تخرج منها بمبدا جوهري الا مركزية
التعلق بالله.. فموسى يذكرهم بالله لكي يدخلوا الارض المقدسة، وبطلا المشهد انما وقفا هذا الموقف
لان الله انعم عليهما بمقامات الايمان، ونصيحتهما الختامية هي (التوكل على الله) .. القصة كلها
ايمان في ايمان..

ثم يحدثك القران عن ظاهرة المصائب والاضرار التي تصيب الانسان في حياته الشخصية، وبالرغم من
ان الله شرع لنا اتخاذ الاسباب، كالادوية للشفاء من المرض، والتماس الرزق لرفع الفقر، الا
ان القران يكثف دائرة الضوء على امر اخر اهم وهو ان يرتبط الفؤاد بالله سبحانه
وتعالى وهو يصارع هذه البلاءات، تامل كيف يصوغ القران هذا المعنى، يقول الله:
(وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو وان يمسسك بخير فهو على كل
شيء قدير)[الانعام، 17]

ويقول ربنا في موضع اخر مشابه (وان يمسسك الله بضر فلا كاشف له الا هو
وان يردك بخير فلا راد لفضله يصيب به من يشاء من عباده وهو الغفور الرحيم)[يونس،
107]

لعلك لمحت معنى اخر، وهو ان الايتين كليهما لم يتحدثا فقط عن ان كاشف الضر
هو الله، بل المدهش انهما اشارتا كذلك الى ان من مسك بهذا الضر هو الله
سبحانه ايضا!

فحين يتعمق المؤمن في اسرار هذه الايات فيمتلئ قلبه باليقين بان من مسه بالفقر او
المرض هو الله، وان من سيرفع هذا الضر، فيغنيه ويعافيه؛ هو الله ايضا، فصار مبتدا
الامر ومنتهاه من الله والى الله، فماذا بقي في القلب لغير الله!

الله وحده –جل جلاله- هو الذي اوقعه، والله وحده –جل جلاله- هو الذي سيرفعه! هكذا
يتبحر المؤمن في حقائق العلم بالله والايمان به وعمارة النفوس بمهابته سبحانه..

ثم ينتقل القران الى دائرة اوسع من دائرة (الفرد) وهمومه الشخصية، الى دائرة (المجتمع) وقضايا
الشان العام وما تكابده من ازمات، ماذا يريد الله جل وعلا بتقدير هذه الازمات المجتمعية؟
قطعا هناك حكمة الهية في تقدير هذه المصائب المجتمعية، فما هي يا ترى؟ انها ليست
شيئا اخر غير تلك الحقيقة الكبرى الناظمة للقران والتي رايناها تسري في شرايين الشواهد والنماذج
السابقة، بكل وضوح ومباشرة يكشف الله سبحانه عن حكمته في تقدير هذه الازمات المجتمعية فيقول:

(ولقد ارسلنا الى امم من قبلك فاخذناهم بالباساء والضراء لعلهم يتضرعون * فلولا اذ جاءهم
باسنا تضرعوا ولكن قست قلوبهم)[الانعام،42-43]
ويحدد ربنا في موضع اخر مشابه ذات الخلفية (ما ارسلنا في قرية من نبي الا
اخذنا اهلها بالباساء والضراء لعلهم يضرعون)[الاعراف، 94]
وتضيف اية اخرى مقاما ايمانيا بديعا مشابها للتضرع وهو “الاستكانة لله” يقول الله (ولقد اخذناهم
بالعذاب فما استكانوا لربهم وما يتضرعون)[المؤمنون، 76]
هذه التغيرات التي تطرا على الفرد والمجتمع بشكل عام يريد بها الله ان نعود اليه
كما يقول الله (وبلوناهم بالحسنات والسيئات لعلهم يرجعون)[الاعراف، 168]

هذا هو الدرس الاساسي في ظاهرة المصائب الجالبة للهموم الفردية والمجتمعية، كالفقر والمرض والازمات الاقتصادية
والكوارث الطبيعية، يريد الله جل وعلا ان تكون جسرا اليه سبحانه، يريد الله بها ان
توقظ قلوبنا فتستكين لله، وتتضرع له سبحانه، وتتعلق به جل وعلا، قارن هذا بنمط تعاملنا
مع هذه الظواهر يستبن لك بعدنا عن الحقيقة الكبرى الناظمة للقران..

ومن التعابير الشمولية التي استعملها القران لتربية هذه الحقيقة الكبرى في النفوس قول الله سبحانه
في خواتيم سورة الانعام (قل ان صلاتي ونسكي ومحياي ومماتي لله رب العالمين)[الانعام، 162]

فانظر كيف شملت هذه الاية اصول العبادات، والحياة، والممات؛ وجعلت كل ذلك لله سبحانه.. قد
يعرف الكثير من الناس اليوم كيف يصلي لله، وكيف يحج لله.. لكن القليل من الناس
يدرك كيف يحيا حياته لله، وكيف يموت لله؟! وهذه الاية العظيمة تزكي النفوس بهذا المقام
العظيم الذي هو لب القران..

ويحدثنا مطلع سورة الانفال عن ارهاصات معركة بدر، ثم تفاعلاتها وتطوراتها بين الاستيلاء على قافلة
قريش او المواجهة العسكرية، حتى يصل السياق الى النصر العظيم الذي حققه المسلمون في قتالهم
لجيش الكفار وسحقهم.. اتدري اين العجب في ذلك كله، ان القران بعد شرح هذه الاحداث
المتلاحقة يعقب تعقيبا مدهشا في تربية التعلق بالله ونسبة الفضل له سبحانه، بالله عليك تامل
هذا التعقيب القراني على غزوة بدر:
(فلم تقتلوهم ولكن الله قتلهم وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى)[الانفال، 17]

يالله العجب .. فالصحابة المجاهدون هم الذين قاتلوا، والنبي –صلى الله عليه وسلم- هو الذي
رمى التراب وقال “شاهت الوجوه”، ومع ذلك يقول القران: لا، لستم انتم الذين قتلتموهم، ولا
انت يارسول الله الذي رميت، ولكنه الله سبحانه هو الذي قتلهم، وهو الذي رمى، والمعنى
ان الله هو الذي اظفركم بهم، لكن من شدة نسبة الفضل الى الله نسب اليه
الفعل ذاته! فانظر كيف تشرع القلوب الى السماء وتتخلص من حبال التثاقل الى الارض..

واذا تامل متدبر القران هذه الاية (وما رميت اذ رميت ولكن الله رمى) لوجد فيها
اثباتا ونفيا، فاثبت لرسول الله رميا، ونفى عنه رميا اخر، فالمثبت هو الحذف والالقاء، والمنفي
هو الايصال والتبليغ، كما حرره ابو العباس ابن تيمية، وذكر –رحمه الله- في موضع اخر
في الاية ثلاثة اوجه وناقشها، وهي في الفتاوى(15/39) لمن اراد التوسع.

ويشبه هذا المعنى المذكور في سورة الانفال اية اخرى في سورة التوبة يقول الله فيها:

(قاتلوهم يعذبهم الله بايديكم)[التوبة، 14]
فانظر كيف نسب السبب لايدي الصحابة، ونسب الاثر لله سبحانه وتعالى! فصحيح انكم انتم الذين
تقاتلونهم لكن الله هو الذي يعذبهم بذلك!

لا يتوقف مشهد تعليق القلوب بالله في المجتمع المسلم، بل ان القران يوجه قارئه الى
تربية التعلق بالله في نفوس (الاسرى) .. انهم الاسرى الذين هم مجموعة من الكفار المحاربين
الذين تعذر عليهم اتمام مهمتهم الخبيثة! ومع ذلك يحثنا كتاب الله على تفقيههم في معاني
(اعمال القلوب) يقول الله في سورة الانفال:
(يا ايها النبي قل لمن في ايديكم من الاسرى ان يعلم الله في قلوبكم خيرا
يؤتكم خيرا مما اخذ منكم ويغفر لكم والله غفور رحيم)[الانفال، 70]
يجب ان يدرك الاسرى ان الموضوع كله متعلق بما في القلوب!

ولما ذكر الله قصة الثلاثة الذين خلفوا وهم كعب بن مالك وصاحبيه، وهي مروية بطولها
في صحيح البخاري، شرحت الايات حالة استغلاق الهم والغم الذي اصاب هؤلاء الثلاثة، ثم وصلت
الاية الى جوهرها وهو “الحالة الايمانية” التي يحبها الله سبحانه، وثمنها منهم، وجعلتها الاية ختام
المشهد، يقول الله سبحانه:
(وعلى الثلاثة الذين خلفوا حتى اذا ضاقت عليهم الارض بما رحبت وضاقت عليهم انفسهم وظنوا
ان لا ملجا من الله الا اليه ثم تاب عليهم ليتوبوا ان الله هو التواب
الرحيم)[التوبة، 118]

ارايت؟! ما ابدع عرض الاية لهذا المقام الايماني في سياق تفاعلات الهم والغم، فبعد ان
ضاق عليهم الخارج (الارض بما رحبت) وضاق الداخل (وضاقت عليهم انفسهم) تصل الاية الى ذروة
الايمان (وظنوا ان لا ملجا من الله الا اليه) ..

ليس العجب فقط انهم تعلقوا بالله.. بل العجب اشارة الاية الى المبدا والمنتهى، اعني اشارتها
الى انه لا نجاة من الله الا الى الله! فالله هاهنا هو المخوف، والله نفسه
هو الملاذ! هذه هي القلوب التي يحبها الله..

ومما يدلك على ان الله يريد من العبد ان يبقى قلبه متضرعا مستغيثا في حال
الازمة، وبعد تجاوزها.. وانه ليس من الادب ان تدعوا الله اثناء الازمة ثم تغفل عن
التعلق بالله بعد تحسن الاحوال، يصف الله هذا المشهد بقوله في سورة يونس:
(واذا مس الانسان الضر دعانا لجنبه او قاعدا او قائما فلما كشفنا عنه ضره مر
كان لم يدعنا الى ضر مسه كذلك زين للمسرفين ما كانوا يعملون)[يونس، 12]

تامل كيف وصفت الاية الضجر الذي يصيب الانسان اثناء المصيبة فيدعوا الله في كل احواله
قائما وقاعدا ومستلقيا، ثم اذا كشف الله مصيبته غفل ونسي تلك اللحظات التي كان يناجي
فيها ربه.. عزبت عن باله ذكرى تلك الابتهالات الى الله حال الكرب..

وهذا المشهد الاليم الذي ذكرته سورة يونس شرحته ايات اخرى لتؤكد اهمية الموضوع، يقول تعالى
في سورة الزمر:
(واذا مس الانسان ضر دعا ربه منيبا اليه ثم اذا خوله نعمة منه نسي ما
كان يدعو اليه من قبل)[الزمر، 8]

ويقول الله في سورة فصلت:
(واذا انعمنا على الانسان اعرض وناى بجانبه واذا مسه الشر فذو دعاء عريض)[فصلت، 51].
والله انني اشعر بالخجل وانا اعلق على هذه الايات.. ما اكثر ما يلح المرء على
ربه اذا عرضت له حاجة، فاذا تحققت حاجته وحصل غرضه طارت به الفرحة فانسته التبتل
بين يدي ربه شكرا وحمدا وثناء..

اليس هذا هو المرور كان لم يدع الله الى ضر مسه؟! اليس هذا هو نسيان
ما كان يدعوا اليه من قبل؟! اليس هذا هو الاعراض والناي بعد ذلك “الدعاء العريض”
؟! يارب عفوك وسترك..
والمراد انه اذا تامل متدبر القران كيف كرر الله في تصويرات متعددة ذم من يدعوا
الله في حال الضر، ويغفل في حال العافية؛ علم ان الله يريد ان يكون القلب
معلقا بالله في كل حال..

ساسالك يا اخي الغالي قارئ هذه السطور سؤالا تبوح به هذه الكلمات المكتوبة، ولكن اجعل
جوابه في صدرك، اجعلها مناجاة الاحبة بيني وبينك.. سؤالي هو: بالله عليك الم يمر بك
لحظة ركبت فيها (الطائرة) مسافرا الى سياحة او تجارة او غيرها، وكانت الامور على ما
يرام، ثم وانت في جوف السماء ارتعدت الطائرة لظروف جوية، او رايت طاقم الطائرة يلهثون
كانما يخفون امرا خطرا، فكيف كانت مشاعرك في تلك الحالة؟ الم تدع الله وجلا بالسلامة،
الم يركض امام عينيك سريعا شريط الخطايا والمعاصي؟ الم يستحوذ عليك احساس بانك ان سلمت
ستتوب بعد ان رايت الموت؟

مرت بك هذه اللحظة؟ اذن اقرا كيف يصور الله ذات المشهد لكن على وسيلة مواصلات
اخرى مشابهة، وتامل كيف يعاتبنا على ذلك، يقول الله في سورة يونس:
(حتى اذا كنتم في الفلك وجرين بهم بريح طيبة وفرحوا بها جاءتها ريح عاصف وجاءهم
الموج من كل مكان وظنوا انهم احيط بهم دعوا الله مخلصين له الدين لئن انجيتنا
من هذه لنكونن من الشاكرين * فلما انجاهم اذا هم يبغون في الارض بغير الحق
يا ايها الناس انما بغيكم على انفسكم متاع الحياة الدنيا ثم الينا مرجعكم فننبئكم بما
كنتم تعملون)[يونس، 22-23].

يا لبلاغة القران .. والله لا زال هذا المشهد يتكرر منذ انزل الله هذه الايات
الى يوم الناس هذا!

وهذا المشهد المذكور في سورة يونس شرحته اية اخرى مشابهة في سورة الاسراء، وكشفت اية
الاسراء جهل العقل البشري، وكيف يغفل عن اخطار اخرى حتى لو سلم في رحلته التي
نجا فيها، يقول الله مرة اخرى عن وسائل النقل:
(واذا مسكم الضر في البحر ضل من تدعون الا اياه فلما نجاكم الى البر اعرضتم
وكان الانسان كفورا * افامنتم ان يخسف بكم جانب البر او يرسل عليكم حاصبا ثم
لا تجدوا لكم وكيلا * ام امنتم ان يعيدكم فيه تارة اخرى فيرسل عليكم قاصفا
من الريح فيغرقكم بما كفرتم ثم لا تجدوا لكم علينا به تبيعا)[الاسراء، 67-69]

تامل كيف تشير الاية الى جهل الانسان حيث يظن انه اذا وصل البر امن ولذلك
يغفل! والقران ينبهه انه حتى لو نزل على الارض فقد يكون تحت خطر عقوبة اشد
كالخسف بالارض كما حصل لقارون، او الرمي بالحصباء كما حصل لقرية سدوم..

ثم ينبه القران تنبيها اعجب وهو انه يامن نجوت هذه المرة من الخطر ووصلت البر،
قد تعود مرة اخرى الى وسيلة النقل ذاتها فتهلك هلاكا اشد حين تقصم الريح مراكبك..

وتشير اية اخرى الى تفاوت الناس بعد زوال لحظة الخطر على وسيلة النقل: (واذا غشيهم
موج كالظلل دعوا الله مخلصين له الدين فلما نجاهم الى البر فمنهم مقتصد وما يجحد
باياتنا الا كل ختار كفور)[لقمان، 32]

هذه الصورة التي يكررها القران عن السفر بالسفن واليخوت انقلها بحذافيرها الى وسيلة نقل مشابهة
كالطائرة او القطارات او السيارات وتامل كيف يكون الانسان فيها قلقا، وخصوصا اذا مر بظروف
طبيعية، كرياح تثير الاضطراب، ثم اذا نزل على الارض نسي استكانته وتضرعه وعزيمته على الاستقامة..
تذكر هذه الصورة التي نمر بها واعد قراءة اية يونس واية الاسراء السابقتين تنكشف لك
من معاني الايمان والتعلق بالله مالم يخطر ببالك..
والمقصود ان ينظر متدبر القران كيف يريد الله قلوبا تستديم التعلق به في حال الخطر
والسلامة.. انه الخيط الناظم والحقيقة الكبرى في القران، وهو استمرار حركة القلب بالايمان بالله والتعلق
به سبحانه..

ربما لو جلست مجلسا وسالت من فيه ما هو تعريف “الصحبة الصالحة”؟ لربما طافت بك
التعريفات في صفات دنيوية، وخصوصا بعد غلبة المنظور الغربي لمفهوم (تطوير الذات) فصارت تسري في
مفاصل هذه الكتب المعايير المادية في النظرة للحياة والنجاح.. لكن متدبر القران يجد في سورة
الكهف تعريفا مدهشا للصحبة الصالحة، يقول الله –تبارك وتعالى- لنبيه:
(واصبر نفسك مع الذين يدعون ربهم بالغداة والعشي)[الكهف، 28]

سالتك بالذي خلقك هل تجد اليوم في خطاباتنا الفكرية والنهضوية من يعرف الشخصية المتميزة بهذا
التعريف؟! انظر كيف تحدد سورة الكهف “خاصية” الشخص المتميز .. انه الذي “يدعوا ربه بالغداة
والعشي” .. واخجلاه من زمان صرنا نستحي فيه من حقائق القران!

ولما كلف الله موسى –صلى الله عليه وسلم- بالرسالة، طلب موسى من الله ان يجعل
له وزيرا يعينه على مهمة الرسالة وهو اخوه هارون، لكن ما هو المقصود الابعد من
هذا التعاون والتعاضد بين الاخوين؟ شاهد كيف يشرح موسى وظيفة الاستعانة باخيه هارون في سورة
طه:
(واجعل لي وزيرا من اهلي * هارون اخي * اشدد به ازري * واشركه في
امري * كي نسبحك كثيرا * ونذكرك كثيرا)[طه، 29-34]
اظنك لاحظت هذا الحضور العجيب ل(ذكر الله) في بنية الرسالة، موسى يقول لربه اجعل معي
هارون كي نسبحك ونذكرك كثيرا! من اجل التسبيح والذكر!

هل انتهى الامر عند هذا الحد؟ لا، بل ان الله تعالى يرسل موسى وهارون الى
فرعون ويوصيهما مرة اخرى بلهج اللسان بذكر الله، فيقول الله في نفس السورة، سورة طه،
بعد الموضع السابق بايات معدودة:
(ذهب انت واخوك باياتي ولا تنيا في ذكري)[طه، 42]

موسى يريد توزير اخيه ليتعاونا على تسبيح الله وذكره، وربهما يرسلهما ويقول لا تنيا اي
لا تفترا ولا تضعفا ولا تكسلا عن ذكري .. لاحظ المهمة الجسيمة التي سيتحملانها وهي
مواجهة اعتى نظام مستبد في التاريخ بما يستفز كبرياءه، ومع ذلك يقول الله لهما “ولا
تنيا في ذكري”..

لو قدم اليوم بعض الدعاة نصيحة للثوار على الحكومات العربية الفاسدة بان يكثروا من (ذكر
الله) لعد كثير من المستغربين ذلك دروشة وسذاجة! برغم ان موسى يجعل ذكر الله مظلة
لمهمته الكبرى، والله جل جلاله يؤكد عليهما بان لا يفترا عن الذكر.. فما اكثر الشواهد
المعاصرة على غربة مفاهيم القران، وبعد كثير من شباب المسلمين عنها الا من وفق الله..

ثم يتحدث القران في سورة الحج عن طريقة تلقي المؤمن لايات الوحي، وانه ليس المطلوب
فقط تنفيذ احكام القران، بل لابد ان يقوم في القلب معنى اخر يظهر به “ذل
العبودية” لله سبحانه وتعالى، وهو طاطاة القلب ورقته فور تلقيه القران، يقول الله:
(وليعلم الذين اوتوا العلم انه الحق من ربك فيؤمنوا به فتخبت له قلوبهم)[الحج، 54]
وقد ذكر بعض اهل التفسير ان معنى الاخبات هاهنا “اي ترق للقران قلوبهم”.

ثم ينتقل بنا المسار الى سورة (المؤمنون)، وفيها مشهد بديع لعمارة النفوس بالله، ذلك ان
كثيرا من الناس يتصور ان المؤمن يجب ان يخاف من الله حال (المعصية)، اما حال
(الطاعة) فتذهل كثير من العقول عن مقام الوجل من الله، لكن ميزان القران يختلف، يختلف
جذريا، انه يريد شعب الايمان مستوفزة متلهفة في كافة الاحوال، مشدودة الى خالقها، تامل كيف
يصور القران المؤمن وهو في لحظة العمل الصالح:
(والذين يؤتون ما اتوا وقلوبهم وجلة انهم الى ربهم راجعون)[المؤمنون،60]

يمد يده بالصدقة وقلبه يرتجف من الله! بالله هل رايت اقبالا على الله وذهولا عما
سواه اشد من ذلك؟! فاذا كان هذا هو المطلوب القراني حال (الطاعة) فكيف يكون حال
(الخطيئة)؟!

وفي سورة النور لما ذكر الله الانشطة التجارية لم يتحدث عن اهميتها، او فنونها، بل
التحذير من ان تشغل القلب عن الانكباب على الله (رجال لا تلهيهم تجارة ولا بيع
عن ذكر الله)[النور، 37] فاذا كان هذا حالهم اثناء التجارة المنهكة فكيف يكون اثناء الفراغ؟!

ومن المعاني القرانية التي نبهت الى تعلق القلب بالله وانصرافه عما سواه مفهوم (اقامة الوجه
للدين) (واسلام الوجه لله) .. وهي تعابير لها دلالاتها القلبية العميقة.. تامل هذه الطائفة من
الايات: يقول الله (وان اقم وجهك للدين حنيفا)[يونس، 105]، وقال الله (فاقم وجهك للدين حنيفا)[الروم،
30] ، ويقول سبحانه (فاقم وجهك للدين القيم من قبل ان ياتي يوم لا مرد
له من الله)[الروم، 43] ، ويقول ايضا (ومن يسلم وجهه الى الله وهو محسن فقد
استمسك بالعروة الوثقى)[لقمان، 22]

وقد قرات لعدد من اهل العلم عن اكثر امر ردده القران بعد التوحيد ما هو؟
ورايتهم ذكروا امورا لكني اختبرتها فوجدتها غير دقيقة، واما الذي رايته شخصيا فلا اعرف مطلوبا
عمليا ردده القران بعد التوحيد مثل موضوع (ذكر الله) سواء كلام القران عن (جنس الذكر)
كحديث القران عن الذاكرين الله كثيرا والذاكرات، والذكر قائما وقاعدا ومضجعا، وذكر الله اناء الليل
والنهار، وتحريم امور لانها تصد عن ذكر الله، والتحذير من قسوة القلوب من ذكر الله،
وخشوع القلب لذكر الله، ونحو هذه المعاني التي تتحدث عن جنس الذكر، او كلام القران
عن (احاد الذكر) مثل التسبيح والتحميد والتهليل والتكبير ونحوها، كتسبيح الكائنات، واستفتاح السور بالحمد، ونحوها.
هذا هو اكثر مطلوب عملي رايته في كتاب الله، اما المطلوب الخبري بعد التوحيد فربما
كان (المعاد) والله اعلم.

هذه الظاهرة في القران -اعني ظاهرة كثرة الحديث عن ذكر الله- لا اظنه سيخالف فيها
من تاملها باذن الله، ويستطيع متدبر للقران ملاحظتها بسهولة، وانما الشان في تفسير هذا الموضوع،
او على الاقل محاولة ادراك العلاقة بين (ذكر الله) و (القلب البشري).. فما العلاقة بين
الذكر والقلب ياترى؟ هناك ايتان عظيمتان في كتاب الله اشارتا الى سر هذه العلاقة، يقول
الله في سورة الانفال:
(انما المؤمنون الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم)[الانفال، 2]
ويقول الله في سورة الحج: (وبشر المخبتين* الذين اذا ذكر الله وجلت قلوبهم)[الحج، 34-35]
لا اظنه فاتك هذا السر الذي نبهت اليه الايتان، انظر كيف يربط القران بين الذكر
وحركة القلب “اذا ذكر الله وجلت قلوبهم” .. بالله عليك الا تدهشك هذه العلاقة؟

على اية حال .. تلاحظ اننا ابتدانا هذه الخواطر بمشاهد من السبع الطوال اول المصحف..
ثم انتقلنا الى مشاهد اخرى من اواسط المصحف.. دعنا نغادر الان الى مشاهد مماثلة من
خواتيم القران وقصار السور..

من النماذج الملفتة في اواخر القران سورة تحدث الله فيها عن مشاعر المؤمن بعد ان
يلقي عنه عناء الجهاد فيتحقق النصر .. لقد كان القران طوال حياة النبي –صلى الله
عليه وسلم- يعلق القلوب بالله لتنتصر، فماذا بعد النصر؟ يقول الله:
(اذا جاء نصر الله والفتح * ورايت الناس يدخلون في دين الله افواجا * فسبح
بحمد ربك واستغفره انه كان توابا)[النصر، 1-3].

ومن اساليب القران العجيبية في وصل النفوس بخالقها ان القران لا يكتفي بذكر التعلق بالله،
بل ينوع اسماءه سبحانه في الموضع الواحد لتتعدد موارد التعلق! انظر كيف يتقلب الفؤاد في
مدارج العبودية وهو يسمع (قل اعوذ برب الناس* ملك الناس * اله الناس)[الناس، 1-3]

يامرنا الله ان نلجا ونستعيذ به بموجب ربوبية الله للناس (قل اعوذ برب الناس) ،
فاذا تشبع القلب بذلك، انفتح عليه مشهد ملك الله العظيم للناس ( ملك الناس)، فيزداد
تمسك القلب واستعاذته بمقتضى ملكية الله، ثم يكشف للقلب موردا اخر وهو الوهية الله للناس
(اله الناس)، فلا تزال حبال الاستعاذة تشد قلب متدبر القران الى السماء، بمقتضيات وموارد وموجبات
تتكشف له من معاني الاسماء الالهية العظيمة..

وهكذا يريد القران – من مفتتحه الى مختتمه- ان تكون قلوب العباد..

وهذه مجرد نماذج ومنتخبات التقطتها من اجزاء القران، وتركت اضعاف اضعافها لئلا يطول الحديث وينتشر
الموضوع، ويستطيع متدبر القران ان يلاحظ هذه القضية وهي (عمارة النفوس بالله) في كل اية
من كتاب الله، فما من اية من ايات القران الا وفي جوفها معارج تسري بالقلوب
الى مقلب القلوب..

وقد انعكست هذه الهدايات القرانية على تعاليم سيد ولد ادم –صلى الله عليه وسلم- فنبهت
احاديث النبي –صلى الله عليه وسلم- على انكباب القلوب على الله جل وعلا، واظن من
اكثرها لفتا للانتباه الحديث الشهير الذي رواه البخاري ومسلم عن السبعة اللذين يفوزون بظل الله
يوم لا ظل الا ظله، وذكر منهم (ورجل قلبه معلق في المساجد، اذا خرج منه
حتى يعود اليه)[البخاري660 ، مسلم1031].

شاهد كيف يربي النبي –صلى الله عليه وسلم- في نفوس اصحابه التعلق بالمسجد، وقارنه ببعض
المنتسبين للدعوة الذي صاروا يعلقون الناس بما هو خارج المسجد!
قارن الخطاب النبوي بمنتسبين للدعوة صاروا من الزاهدين في سكينة المساجد، المولعين بصخب الدنيا..

وهذا المعنى الذي تواردت عليه معاني القران -كما راينا نماذجه سابقا- هو خاصة التوحيد الذي
دارت عليه عبارات متالهي السلف وربانييهم، وما احسن قول ابي العباس ابن تيمية رحمه الله:

(والمقصود هنا ان الخليلين –محمد وابراهيم- هما اكمل خاصة الخاصة توحيدا..، وكمال توحيدهما بتحقيق افراد
الالوهية، وهو ان لا يبقى في القلب شيء لغير الله اصلا)[ابن تيمية، منهاج السنة، 5/355].

يا الله .. ما اجمل هذا المعنى .. اللهم لا تجعل في قلبي وقلوب اخواني
شيء لغيرك اصلا..

لقد جبلت النفوس البشرية على التعلق بالدنيا، والغفلة عن الاخرة، لذلك جاءت ايات القران فجعلت
الاصل في الخطاب الدعوي ربط الناس بالاخرة، والتبع هو التاكيد على اهمية اعداد القوة، هذه
نزعة ظاهرة في القران والسنة ووصايا السلف.. ولكن للاسف جاءتنا خطابات دعوية مادية ارهقتها مواجهة
التغريب فانكسرت وتشربت ثقافة الخصم ذاته، وصارت منهمكة في تذكير الناس بالدنيا، وجعلت التبع هو
الاخرة.. خطابات لم تعد تستحي ان تقول مشكلة المسلمين في نقص دنياهم لا نقص دينهم!
ولكن لا يزال –ولله الحمد- من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه، فمنهم من
قضى نحبه، ومنهم من ينتظر، وما بدلوا تبديلا..

ان الدعاة الى الله الذي يحاولون دوما توظيف الاحداث للتذكير بالله هؤلاء اعلم الناس بحقائق
كتاب الله، وان اولئك المفتونين الذين يسخرون من ربط الاحداث بالله، ويسمون ذلك (المبالغة في
تديين الحياة العامة) تشويها لهذا الدور النبيل؛ هؤلاء هم اجهل الناس بدين الله الذي وضحه
في كتابه ببيان هو في غاية البيان..

واذا تشبع قلب متدبر القران بهذه الحقيقة الكبرى الناظمة للالئ القران اثمرت له في نفسه
عجائب الايمان.. واصبح لا يساكن قلبه غير الله جل جلاله.. وبرا قلبه من الحول والقوة
الا بالله سبحانه.. وصار ينزل حاجاته بالله.. واصبح يشعر برياح القوة والامداد الالهي كما نقل
الامام ابن تيمية (ولهذا قال بعض السلف “من سره ان يكون اقوى الناس فليتوكل على
الله”)[الفتاوى، 10/33].

فلا يلتفت القلب للاسباب في طلب الرزق، او البحث عن مسكن، او البحث عن وظيفة،
او طلب العلم ،او طلب الايمان، او طلب الصحة والعافية، او طلب الافراج من اعتقال،
او طلب نجاح ثورة.. بل يصعد القلب الى الله، ويجتهد في عمل القلب، ويقتصد في
الاسباب بالقدر الشرعي..

لم اعد اشك ان اقوى الثورات هي ثورة توكل مناضلوها على الله.. واضعف الثورات هي
ثورة تعلقت قلوب مناضليها بالبيت الابيض.. حتى لو كانت الحسابات المادية تعطي خلاف ذلك، فاهل
الايمان لهم معايير صادقة زكاها القران.. والله يقول في ثلاث مواضع من كتابه في الاعراف
والقصص وهود: (والعاقبة للمتقين).

وهل يشك من قارن بين مطالب القران، والكتب الفكرية المعاصرة التي تتحدث عن النهضة والتقدم؛
اننا لا زلنا بعيدين عن النهضة والحضارة بحجم بعد هذه الكتب الفكرية النهضوية عن اهداف
وغايات ومطالب القران..
بالله عليك هل رايت كتابا فكريا نهضويا ينطلق في نظريته للنهضة من (ايات التمكين والاستخلاف)؟

على اية حال .. لقد بين الله لنا مراده في القران غاية البيان، واوضح لنا
مطالبه الكبرى في كتابه بصنوف البينات، والعمر يركض على شفير القبر، فما اقرب الساعة التي
سيسالنا الله جميعا عن تحقيق مراده، وسيكون السؤال حينها على (اساس القران) يقول الله: (قد
كانت اياتي تتلى عليكم فكنتم على اعقابكم تنكصون)[المؤمنون، 66]

ويقول سبحانه (الم تكن اياتي تتلى عليكم فكنتم بها تكذبون)[المؤمنون، 105]
ويقول ايضا (افلم تكن اياتي تتلى عليكم فاستكبرتم وكنتم قوما مجرمين)[الجاثية، 31]
فتامل كيف ستنظم الحياة المستقبلية على اساس القران.. ولينظر كل منا ما هو اساس حياته؟!

والله اعلم، وصلى الله وسلم على نبينا محمد، واله وصحبه.

  • مقالات اسلامية رائعة
  • صوره مقالت رائعه
  • مقالات اسلامية
  • قصص إسلامية للأطفال الله غفور رحيم
  • عبارات جميله تبارك لرجل عن رحلته
  • هذه ليست ورقة بحثية ولا مقالة منظمة
  • بدي صور فيها كلام عن تبدل الاحوال الى احسن حال
  • الكتب التي تقوي العلاقة بالله
  • الصورة التي نمر بها وأعد قراءة
  • اسماء جديد للفيس اسلاميه وفي حب رسول الله
السابق
ادعية وخلفيات اسلامية
التالي
دينية اغاني mp3