29 سنة امضيتها على هذه الارض. وبعد طرح 11 سنة من الطفولة اكون قد امضيت/ضيعت
18 عاما الاحق الخشوع واحاول ان اصطاده. جربت كافة انواع العصي والرماح والمصائد والفخاخ التقليدية
والمحدثة، واعترف اني فشلت. كنت ادفن راسي بعد الصلاة في سجادتي خوفا من عودة صلاتي
في وجهي في خرقة بالية!
18 عاما من الشرود، حتى اني خشيت ان يطالب شرودي بحقه في الحصول على رخصة
قيادة رسمية حتى يصير تجواله في قلبي وتعكيره صفو صلاتي قانونيا! وحمدا لله ان شرودي
ليس ضليعا في القانون.
قبل اقل من شهر، اكتشفت ان الخشوع عنود منوع، وان له طريقة تعامل خاصة. فهو
كسائر الاشياء التي حين نركض وراءها تختفي وتتمنع، وحين نتجاهلها وننشغل بما هو اهم منها
وافضل، تاتينا حبوا. لقد تعلمت الدرس متاخرا لكن ليس متاخرا جدا! لقد توقفت عن توجيه
وجهي للخشوع، لقد توقفت عن محاولات التركيز الدؤوب التي كنت ارجو فيها الخشوع قبل الصلاة
ان يهبط علي والا يغادر وكاني في جلسة “يوگا”، توقفت عن تقطيب حاجبي -الذين نما
بينهما سيفان مسلولان- تسولا للتركيز. باختصار، لقد توقفت عن الصلاة من اجل الخشوع!
وجهت وجهي لرب الخشوع، واكتشفت ان الخشوع ثمر لا بذر؛ هو ثمر قطع صغيرة من
الاتقان والاحسان تستجلب الخشوع زاحفا على ركبتيه. حين يرانا الخشوع نصلي كما رئي النبي -صلوات
ربي وسلامه عليه- يصلي، سياتي هرولة.
قبل اقل من شهر، بدات صلاتي تصبح لذيذة. لم اكن اتخيل اني سادفع ثمن مقاطعتي
للتلفاز في رمضان غاليا! سمعت وقرات اكثر من مرة عن ندوات وبرنامج “كيف تتلذذ بصلاتك”
بجزايه للشيخ مشاري الخراز، ولم يكتب الله لي –لسوء حظي- ان اتابع ايا منها. جائزة
الله لي في هذا العيد كانت ان دلني على هذا البرنامج، ومنئذ تغيرت في صلاتي
امور، وامور، وامور.
الشيخ مشاري -وانا هنا اصر على وصفه بشيخ لاني لاحظت انه يتعمد الا يضع كلمة
شيخ قبل اسمه في اي من برامجه، وهذا من تواضعه الذي يؤهله فعلا للقب شيخ
وان لم يسع اليه. كنت اقول ان الشيخ مشاري الخراز علمنا كيف نحيا في الصلاة
لا كيف نعيش وحسب، بطريقة سلسة ومقنعة وعملية جدا. فالمعلومات لم تكن تنقصني، لكن روح
الاستحضار كانت حتما غائبة. وتلك اللفتات اللطيفة والذكية المستمدة من حياتنا ليومية صنعت فارقا كبيرا.
فحين ذكر مرة ان المذيع حين يبدا البث ينتفض ويرتبك رغم انه لا يرى الجمهور،
هذا لانه يعلم يقينا ان الجمهور يراه. تخيلت في اول صلاة بعدما سمعت هذا، ان
ثمة كاميرا امامي تنقل في بث مباشر صلاتي الى الله، فلم اتمالك نفسي، وكدت ان
اسلم بعد التكبير بثوان. الهذا الحد نحتاج نحن البشر الى امثلة مادية حتى نستوعب؟ صدق
الشافعي حين قال “كلما ادبي الدهر اراني ضعف عقلي”.
وحين ضرب لنا مثلا باختلاف طريقة كلامنا عندما يرد علينا شخص مباشرة، وحين نسجل اصواتنا
على الة الرد الالي، اكتشفت اني ولسنوات كنت كببغاء يحسب انه يحسن صنعا.
صلاتي اليوم صارت لذيذة، فوقها رشات من السكر، وحبة كرز. وهذه دعوة لذوي الحظ السيئ
مثلي، ممن لم يتابعوا البرنامج من قبل ان يفعلوا ذلك عاجلا.
وللشيخ مشاري دعاء وفير بظهر الغيب، وفي العلن.
- أجمل مقال ديني توعيه للشباب
- مقالات دينيه عن البس