[1] مناظرة بين فقيه ونصراني
قال التوزري:[[ قدم بعض الفقهاء ممن قدم لتوزر من مصر, قال: حضرت سماعا بمصر وحضره
والي البلد واميرها, وكان مع الامير نصراني يخدمه, فقال النصراني: يا مولاي اريد ان اناظر
رجلا من اعيان هؤلاء الفقهاء واعلمهم في هذا الموكب العظيم, فان غلبني اعطيته ثلاثمائة دينار,
وان غلبته دخل في ديني.
فذكر الوالي ذلك لمن حضر.
فخرج له رجل من الفقهاء وقال: انا اناظرك فيما تريد, فقل ما تشاء.
فقال له النصراني: انكم تقولون خزائن الله لا تنفذ ابدا, فاريد منك ان تذكر لي
مثالا يقرب لي الفهم والمثال, ويزيل عني الاشكال, وادركه بحسي.
فقال له الفقيه: نعم, هذه مسالة الصبيان يغلبون بها عندنا, وقام الى وسط المسجد واوقد
شمعة بين يدي الوالي ثم قال:” ناد ايها الامير على من في هذه المدينة كل
يوقد شمعته من هذه الشمعة, وان لم يكفهم فانا اغرم لهم, وكذلك خزائن الملك تكفي
جميع الخلائق ولا ينقص منها شيء, وخزائن الله كل الخلائق تاخذ منها ولا ينقصها شيء”.
قال النصراني: وقولكم في الجنة شجرة تظل اهل الجنة كلهم, وما في الجنة بيت الا
دخله غصن منها, فاريد ان تريني مثالا في هذا المعنى, كيف يكون؟
فقال الفقيه:” نعم, الم تر الى الشمس اذا طلعت وعلت, تدور على الارض كلها, ولا
يبقى بيت ولا محل الا وتدخله”.
فقال النصراني: انكم تقولون ان اهل الجنة ياكلون ويشربون ولا يتغوطون, فارني مثالا من ذلك
في عالمنا.
فقال الفقيه: نعم, الم تر الى الجنين في بطن امه ياكل ويشرب ولا يتغوط ولا
يتبول.
ثم قال له الفقيه: ايها النصراني انكم تقولون ان الجنة لكم, واذا كانت كذلك فهي
داركم, وكل من له دار فهو عارف باوصافها, فاريد ان تعرفني بما هو مكتوب على
باب الجنة.
فامسك النصراني وانقطع, ولم يجد جوابا, فلما انقطع قال له الفقيه:” اما عليها مكتوب لااله
الا الله محمد رسول الله(), وطالبه بالدخول في دين الاسلام, فلم يزل النصراني يرغب حتى
افتدى بمال كثير.]]
نقلا عن كتاب: الترجمانة الكبرى في اخبار المعمور برا وبحرا. تاليف ابي القاسم الزياني[ المغربي]
(1147- 1249ه/ 1734- 1809م). صفحات 524- 525.
- مناظرات دينيه
- مناضرة اسلامية