محاظرات دينية



الحمد للة نحمده، و نستعين بة و نسترشده، و نعوذ بة من شرور انفسنا و سيئات اعمالنا، من يهدة الله فلا مضل له، و من يضلل فلن تجد له و ليا مرشدا.


واشهد ان لا الة الا الله و حدة و لا شريك له، اقرارا بربوبيتة و ارغاما لمن جحد بة و كفر.


واشهد ان سيدنا محمدا صلي الله علية و سلم رسول الله سيد الخلق و البشر، ما اتصلت عين بنظر او سمعت اذن بخبر.


اللهم صل و سلم و بارك علي سيدنا محمد و علي الة و اصحابة و علي ذريتة و من و الاة و من تبعة الي يوم الدين.


اللهم لا علم لنا الا ما علمتنا انك انت العليم الحكيم، اللهم علمنا ما ينفعنا و انفعنا بما علمتنا و زدنا علما، و ارنا الحق حقا و ارزقنا اتباعة و ارنا الباطل باطلا و ارزقنا اجتنابه، و اجعلنا ممن يستمعون القول فيتبعون احسنه، و ادخلنا برحمتك فعبادك الصالحين.


ايها الاخوه الكرام:


اى انسان كائنا من كان، بايه صفة، و باى مكان، و بايه مكانه مطلوب من قبل الله عز و جل، مطلوب ليسعدة فالدنيا و الاخرة، قال تعالى:


﴿ الا من رحم ربك و لذا خلقهم﴾[سوره هود من الايه 119]

فكل الفئات، و جميع الطبقات ان صح التعبير، و فكل الظروف، و فكل الاحوال، و فكل المناسبات، انت مطلوب من قبل الله عز و جل ان كنت مريدا لله، انعم و اكرم بهذا الطلب العظيم، و ان لم تكن فانت مراد من قبل الله..


هذة الخطبة، تتوجة الي فئه من المجتمع، الي فئه الناجحين فالحياة الذين حققوا اهدافهم كاملة، ربما تكون هذة الاهداف ما ديه ؛ كالذى و صل الي حجم ما لى كبير، و ربما تكون هذة الاهداف علميه ؛ كالذى و صل الي درجه علميه عاليه جدا، و ربما تكون هذة الاهداف من حيث القوه و الشان. هؤلاء الذين و صلوا الي قمم المجد، و صلوا الي اهدافهم كاملة، هؤلاء معرضون لمرض خطير، هؤلاء معرضون لمرض الغرور، لمرض ان يتوهموا ان ذلك الذي حصلوة بقوتهم، و سعيهم و جدهم، و نشاطهم و خبراتهم.


حينما تعزو النعمه اليك و قعت فمطب كبير، حينما تعزو هذة النعم التي هى بقدر الله، و بعلم الله، و بقوه الله، و بتوفيق الله و بفضل الله حينما تعزو هذة النعم اليك، و قعت فمطب كبير و عندئذ يستحق الانسان التاديب.


هؤلاء الاعلام، هؤلاء اللامعون، هؤلاء المتفوقون، هؤلاء النجوم بكلمه و اسعة، نجوم المجتمع، هؤلاء المتالقون، هذة الخطبه لهم اليوم ذلك التالق، و ذاك النجاح، و ذاك التفوق، ربما يعزية الانسان الي ذاتة فيقول: انما حصلتة بخبرتي، بعلم مني، بكد و سعي، لذا كان الدرس الثالث من دروس سوره الكهف، قصه صاحب الجنتين:


﴿ و اضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب و حففناهما بنخل و جعلنا بينهما زرعا (32) كلتا الجنتين اتت اكلها و لم تظلم منة شيئا و فجرنا خلالهما نهرا (33) و كان له ثمر فقال لصاحبة و هو يحاورة انا اكثر منك ما لا و اعز نفرا (34) و دخل جنتة و هو ظالم لنفسة قال ما اظن ان تبيد هذة ابدا (35) و ما اظن الساعه قائمه و لئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا (36) قال له صاحبة و هو يحاورة اكفرت بالذى خلقك من تراب بعدها من نطفه بعدها سواك رجلا (37) لكنا هو الله ربى و لا اشرك بربى احدا (38) و لولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوه الا بالله ان ترن انا اقل منك ما لا و ولدا (39) فعسي ربى ان يؤتين خيرا من جنتك و يرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا (40) او يكون ما ؤها غورا فلن تستطيع له طلبا (41) و احيط بثمرة فاصبح يقلب كفية علي ما انفق بها و هى خاويه علي عروشها و يقول يا ليتنى لم اشرك بربى احدا (42) و لم تكن له فئه ينصرونة من دون الله و ما كان منتصرا (43) هناك الولايه للة الحق هو خير ثوابا و خير عقبا (44) ﴾[سوره الكهف]

هذة قصه اغفل الله اسماء اصحابها، و زمانها، و مكانها، و جزئياتها لانها نموذج متكرر، فكل عصر، فكل مصر، هنالك من يقول انا هنالك من يقول: انما اوتيتة علي علم عندى ذلك الذي يري النعمه و لا يري المنعم، القصه اليوم له.. و هو منزلق خطير، ربما تدخل الي المسجد و ربما تصلي، و انت معجب بنفسك، تري انك حصلت شيئا ثمينا بقدراتك الذاتية، و تنسي فضل الله عليك.


هذة القصة، و ذلك التعليق ايها الاخوه قصه الغرور البشرى بالنعمه قصه متكررة، فالمغتر لا ياخذ النعمه بالشكر، بل بالغرور، و يتوهم انه حصل عليها بفكرة و عمله، و انه فيها ربما استغني عن الله، الذي خلقة و خلق له هذة النعمة، و اعطاة القدره علي التمتع بها.. ربما تملك المال و ربما تشترى الطعام، و لا يسمح الله لك ان تستمع بالطعام، ربما تتزوج و تنجب الاولاد، و يصبح الابن عبئا عليك، سببا لشقائك ؛ لان الله جل جلالة بيدة جميع شيء.


ايها الاخوه الكرام:


هذا الذي يتوهم ان هذة النعم جاءتة بذكائه، بقدراتة بسعيه، بكدة و ينسي فضل الله عليه، يحاول ان ينميها، و ان ينمقها، و يحسب انه فمنعه من قضاء الله.. فليدقق فهذة الاية: ﴿ كلا ان الانسان ليطغي (6) ان راة استغني (7)﴾[سوره العلق]

اكبر مطب يقع بة الانسان، ان يتوهم انه مستغن عن الله، ان يتوهم انه و صل الي شيء، او انه يقف علي ارض صلبة:


﴿ كلا ان الانسان ليطغي (6) ان راة استغني (7)﴾


والايه الثانية:


﴿ و اذا انعمنا علي الانسان اعرض و ناي بجانبة و اذا مسة الشر كان يئوسا (83)﴾[سوره الاسراء]

اعرض عن الله، نسى ربه، نسى كتابه، نسى امرة و نهيه، نسى المصير، نسى الجنه و النار.


الغرور البشرى يوهم الانسان انه قادر، و يستطيع ان يفعل ما يريد و ان الارض تعطية من كنوزها، بقدرتة هو، و ينسي ان جميع شيء فالكون خاضع لقدره الله، و ان الحاجات التي تعطية انما سخرها الله له و سمح لها بان تعطيه.. قال تعالى:


﴿ و لا تقولن لشيء انى فاعل هذا غدا (23) الا ان يشاء الله و اذكر ربك اذا نسيت و قل عسي ان يهدين ربى لاقرب من ذلك رشدا (24)﴾[سوره الكهف]

وقد و رد فالجامع الصغير، انه ” من عد غدا من اجلة فقد اساء صحبه الموت “.


من قال بعفوية، غدا سافعل كذا، غدا سادفع فاتوره الهاتف، و نسى ان غدا لا يملكه، ” من عد غدا من اجلة فقد اساء صحبه الموت “.


يا ايها الاخوه الكرام:


يجب ان يعلم الانسان علم اليقين، انه لا يضمن القدره علي الفعل اطلاقا، لانك لا تضمن بقاءك الي الغد، و اذا ضمنت بقاءك الي الغد لا تضمن بقاء الذي تعلق الامل علية الي الغد..


اعرف رجلا و قع فمحنة، و علق املة علي انسان، لينقذة فيوم محدد، و فاليوم الذي سبق ذلك اليوم، و افت المنيه من علق الامل عليه.


لا تملك بقاءك الي اليوم الاتي، كما انك لا تضمن بقاء الذي علقت علية الامل الي اليوم الاتي.


لو ضمنت بقاء الاثنين، انت و الذي علقت الامل عليه، لا تضمن الظروف، فقد تاتى الظروف و تحول بينك و بينما تريد.


﴿ و لا تقولن لشيء انى فاعل هذا غدا (23) الا ان يشاء الله و اذكر ربك اذا نسيت و قل عسي ان يهدين ربى لاقرب من ذلك رشدا (24)﴾


عناصر الفعل ليست بيدك، انما هى فيد الله، فالذى ينسي ان يقول ان شاء الله، فقد و قع فمطب كبير، و قع فالشرك و هو لا يدرى نسب القدره الي ذاته، يظن انه ضمن المستقبل، او ملك المستقبل.


الله جل جلالة ازلى ابدي، دائم الوجود دائم القدرة، فعال لما يريد لا يستطيع احد من خلقة ان يمنع قضاءة و قدره، قال تعالى:


﴿ ما يفتح الله للناس من رحمه فلا ممسك لها و ما يمسك فلا مرسل له من بعدة و هو العزيز الحكيم (2)﴾[سوره فاطر]

﴿ يد الله فوق ايديهم﴾[سوره الفتح الايه 10]

﴿ الله خالق جميع شيء و هو علي جميع شيء و كيل (62)﴾[سوره الزمر]

﴿ الا له الخلق و الامر تبارك الله رب العالمين (54)﴾[سوره الاعراف]

﴿ و للة غيب السماوات و الارض و الية يرجع الامر كلة فاعبدة و توكل علية و ما ربك بغافل عما تعملون (123)﴾[سوره هود]

﴿ و ما رميت اذ رميت و لكن الله رمى﴾[سوره الانفال الايه 17]

وقد و رد فالحديث:


(( عن ابى الدرداء عن النبى صلي اللهم علية و سلم قال لكل شيء حقيقه و ما بلغ عبد حقيقه الايمان حتي يعلم ان ما اصابة لم يكن ليخطئة و ما اخطاة لم يكن ليصيبة )) [انفرد بة احمد]

هذا الخطاب موجة الي المتالقين الي الناجحين، الي الذين و صلوا الي اهدافهم، يجب ان لا تغيب عنك لحظه هذة الحقيقة، انك و صلت الي ما و صلت الية بفضل الله عليك، قال تعالى:


﴿ و انزل الله عليك الكتاب و الحكمه و علمك ما لم تكن تعلم و كان فضل الله عليك عظيما (113)﴾[سوره النساء]

﴿ و انه هو اضحك و ابكي (43)﴾[سوره النجم]

حينما تجلس فالبيت، و تضحك مع اهلك، سمح الله لك ان تضحك و لو ان هنالك خبرا سيئا، يذهب الضحك كليا من و جة الانسان، سمح لك ان تضحك، طمانك، سمح لك ان تكون مسرورا.


الانسان الغافل ينسب الافعال و النعم الي ذاته، و ينسي الله عز و جل ما ذا يفعل الله معة ؟ حرصا عليه، رحمه به، تقريبا له، انقاذا له من ذلك الشرك، يؤدبة كيف يؤدبة ؟ يؤدبة و يؤدب الناس من حوله، فياخذ النعمه منة فجاة، او ياخذها لسبب صغير، خطا صغير.. ترتب علية مئتا مليون مثلا، يجب ان يدفعها فورا، خطا صغير ياخذ النعمه منة او ياخذ صاحب النعمة، ليصبح عبره لمن حوله، جميع ذلك ليلفتنا الي ان جميع شيء بيد الله، و ان الاسباب التي تعطي انما تعطي بقدره الله انظروا الي قول قارون، و دققوا فيه:


﴿ قال انما اوتيتة علي علم عندى اولم يعلم ان الله ربما اهلك من قبلة من القرون من هو اشد منة قوه و اكثر جمعا و لا يسال عن ذنوبهم المجرمون (78)﴾[سوره القصص]

الايه الثانية:


﴿ فخسفنا بة و بدارة الارض فما كان له من فئه ينصرونة من دون الله و ما كان من المنتصرين (81)﴾[سوره القصص]

قد يرتكب الانسان معصيه كبيره يستغفر الله و يتوب، اما حينما يشرك يقصمة الله عز و جل.


لو كان قارون صادقا فيما يقول: انما اوتيتة علي علم عندى ينبغى ان يحفظ هذة النعمة، لانها ملكه، لو كان قارون صادقا فيما يقول يجب ان يحفظ حياته، قال تعالى: ﴿ فلولا اذا بلغت الحلقوم (83) و انتم حينئذ تنظرون (84) و نحن اقرب الية منكم و لكن لا تبصرون (85) فلولا ان كنتم غير مدينين (86) ترجعونها ان كنتم صادقين (87)﴾[سوره الواقعة]

من يملك حياتة بعد ساعة، من يملك ان يشفى نفسة من مرض عضال و لو كان يملك الملايين، و لو كان يملك الارض كلها.


قارون لم يقدر علي ابقاء النعمة، كما انه لم يقدر علي ابقاء حياتة قال تعالى:


﴿ فخسفنا بة و بدارة الارض فما كان له من فئه ينصرونة من دون الله و ما كان من المنتصرين (81)﴾[سوره القصص]

اذا: احد سبب زوال النعم، ان تعزوها الي قدراتك، ان تعزوها الي ذكائك، ان تعزوها الي علمك، ان تعزوها الي خبرتك، ان تعزوها الي ظروف تملكها، ذلك اسباب اول من سبب زوال النعم..


كنت اقول سابقا: طريق القمه طريق صعب جدا، طرقات صاعده و ملتوية، بها الاكمات، و بها العثرات، و بها الحفر، و بها الوحوش و لكنك اذا و صلت الي قمه اي شيء بجهد جهيد، هنالك طريق زلق تهبط بة الي القاع فثانيه و احدة، انه طريق الغرور، المطب الكبير الذي ينتظر جميع ناجح فالحياة هو الغرور.


ايها الاخوه الكرام، قال تعالى:


﴿ و قل رب ادخلنى مدخل صدق و اخرجنى مخرج صدق و اجعل لى من لدنك سلطانا نصيرا (80)﴾[سوره الاسراء]

لم لم يقل ربنا جل جلاله، رب اجعلنى صادقا، اليس فهذا ايجازا؟ ربما تدخل مدخلا صادقا، و لا تظهر منة صادقا، ربما تنشئ مشروعا خيريا و انت فو سط المشروع تري الاموال بين يديك، فيقسو قلبك فيتحول ذلك المستشفي الخيرى الي مستشفي ابتزازي، ربما تدعو الي الله و فخلال الدعوه تقصر فمتابعه رسول الله صلي الله علية و سلم تزل القدم، لا تظهر من هذة الدعوه صادقا، تدخلها صادقا و لا تظهر منها صادقا، مطب الغرور اكبر مطب يصيب الناجحين، فكل الحقول اطلاقا.


سبب احدث لزوال النعم، ان تمنع حق الفقير، ان تمنع اصحاب الحقوق من حقوقهم، قال تعالى:


اصحاب البساتين و المزارع، مشاريع ضخمه جدا..


﴿ انا بلوناهم كما بلونا اصحاب الجنه اذ اقسموا ليصرمنها مصبحين (17) و لا يستثنون (18) فطاف عليها طائف من ربك و هم نائمون (19) فاصبحت كالصريم (20)﴾ [سوره القلم]

احيانا يتلف الصقيع محاصيل كثيره باهظه الثمن. قال تعالى:


﴿ فطاف عليها طائف من ربك و هم نائمون (19) فاصبحت كالصريم (20) فتنادوا مصبحين (21) ان اغدوا علي حرثكم ان كنتم صارمين (22) فانطلقوا و هم يتخافتون (23) ان لا يدخلنها اليوم عليكم مسكين (24) و غدوا علي حرد قادرين (25) فلما راوها قالوا انا لضالون (26) بل نحن محرومون (27)﴾


دهشوا، صعقوا، ليست هذة بساتيننا، بعدها تاكدوا انها بساتينهم..


﴿ فلما راوها قالوا انا لضالون (26) بل نحن محرومون (27) قال اوسطهم الم اقل لكم لولا تسبحون (28) قالوا سبحان ربنا انا كنا ظالمين (29) فاقبل بعضهم علي بعض يتلاومون (30) قالوا يا و يلنا انا كنا طاغين (31) عسي ربنا ان يبدلنا خيرا منها انا الي ربنا راغبون (32) ايضا العذاب و لعذاب الاخره اكبر لو كانوا يعلمون (33)﴾[سوره القلم]

احلى تعقيب علي هذة القصه هو قولة تعالى:﴿ايضا العذاب و لعذاب الاخره اكبر لو كانوا يعلمون (33)﴾


كل نوعيات العذاب التي يسوقها الله لعباده، من ذلك النوع، ليدفعهم الي العبوديه الصادقة، ليدفعهم الي بابه، ليسعدهم، لذا قال بعض علماء التوحيد: لا ينبغى ان تقول ( الله الضار) الضار من اسمائه، ينبغى ان تقول (الضار النافع) يبغى ان تقول (الخافض الرافع) ؛ لانة يخفض ليرفع يبغى ان تقول (المذل المعز) ؛ لانة يذل ليعز، يبغى ان تقول (المانع المعطي) لانة يمنع ليعطي..


يقول الله جل جلاله، كما قلت فاول درس من دروس الكهف:


﴿ و عسي ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسي ان تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و انتم لا تعلمون (216)﴾[سوره البقرة]

فاحد سبب زوال النعم، ان تمنع حق الفقير..


ايها الاخوه الكرام:


فكره فاتتنى فالمقال الاول ؛ اصحاب النبى و هم علي ما هم علية من رفعه الشان و القرب من الله، قالوا كلمه قبيل غزوه حنين قالوا: لن نغلب من قلة، اصبحنا اقوياء، بعدها جاءهم من الله التاديب قال تعالى:


﴿ لقد نصركم الله فمواطن كثيره و يوم حنين اذ اعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئا و ضاقت عليكم الارض بما رحبت بعدها و ليتم مدبرين (25)﴾[سوره التوبة]

ايها الاخوه الكرام:


بدر و حنين، فحياة جميع مؤمن فاليوم ما ئه مرة، اذا قلت الله تولاك الله، انت موحد، و ما تعلمت العبيد اروع من التوحيد، و اذا قلت انا تخلي عنك، من اتكل علي نفسة اوكلة الله اياها، فرق بين الايمان و الشرك، ان تقول الله، او تقول انا، فاذا قلت انا تخلي الله عنك فانت بين التولى و التخلي، و الامر اليك، اذا و حدت تولاك، اذا اشركت تخلي عنك، ذلك درس بليغ، لم ينج اصحاب رسول الله من التاديب.


ايها الاخوه الكرام:


صاحب الجنتين، اخذ بالاسباب، و اعطتة هذة الاسباب هاتين الجنتين و لكن نسى اراده المسبب، نسى ان هذة الاسباب لا تعطى الا بامر الله نسى ان هذة الاسباب لا تعطى الا اذا سمح الله لها ان تعطي، لذلك:


من اخذ بالاسباب و اعتمد عليها و الهها فقد اشرك، و من لم ياخذ فيها فقد عصى.. يجب ان تاخذ بالاسباب، و يجب ان تتوكل علي الله، يجب ان تاخذ بالاسباب و كانها جميع شيء، و يجب ان تتوكل علي الله و كانها ليست بشيء، ذلك الموقف الدقيق و قفة النبى علية الصلاه و السلام فالهجرة، اخذ بكل الاسباب، اختار مصاحبا، اختبا فغار ثور، عين من ياتية بالاخبار، عين من يمحو له الاثار، اختار دليلا و رجح فية الخبره علي الولاء، فعل جميع شيء، و لما و صل المشركون الي باب الغار، قال له الصديق يا رسول الله، و لو نظر احدهم الي موطئ قدمة لرانا، قال: يا ابا بكر، ما ظنك باثنين الله ثالثهما..


لو انه اخذ بالاسباب و اعتمد عليها، ينبغى ان ينهار فهذة اللحظه اخذ بالاسباب طاعه لله، و اعتمادة علي الله دائما، و ذلك منزلق خطير احيانا الناجح فحياته، ياخذ بالاسباب، و هذة الاسباب تعطيه، و لكن ينسي ان الله سمح لها ان تعطيه، و قع فالشرك، يؤدب باحباط عملة يؤدب لان هذة الاسباب التي ياخذ فيها لا تعطية ما يريد فبعض الاحيان هنا يدهش، انك اعتمدت عليها و لم تعتمد علي الله عز و جل لذا اما ان يعطلها، او ان يلغى نتائجها، و ذلك تاديب من الله عز و جل.


يعنى بكلمه جامعه ما نعه ؛ الغرب اخذ بالاسباب، الة الاسباب و المسلمون تركوا الاسباب، و كلاهما فخطا كبير، يجب ان ناخذ فيها و كانها جميع شيء و يجب ان نتوكل علي الله و كانها ليست بشيء..


قد يسال سائل: لماذا يؤدبنا ربنا عز و جل اذا اشركنا ؟.. لانة يريدنا له ؛ لان السعاده كلها عنده، لان السلامه عنده، لان الجنه و النار عندة فحينما يؤدبنا فلكى ندع الشرك، كى نلتفت اليه، كى نسعد بقربه، و الله عز و جل كما و رد فالحديث القدسى الصحيح:


((يا عبادى لو ان اولكم و اخركم و انسكم و جنكم كانوا علي اتقي قلب رجل و احد منكم ما زاد هذا فملكى شيئا يا عبادى لو ان اولكم و اخركم و انسكم و جنكم كانوا علي افجر قلب رجل و احد ما نقص هذا من ملكى شيئا يا عبادى لو ان اولكم و اخركم و انسكم و جنكم قاموا فصعيد و احد فسالونى فاعطيت جميع انسان مسالتة ما نقص هذا مما عندى الا كما ينقص المخيط اذا ادخل البحر يا عبادى انما هى اعمالكم احصيها لكم بعدها اوفيكم اياها فمن و جد خيرا فليحمد الله و من و جد غير هذا فلا يلومن الا نفسة ))


[اخرجة مسلم و الترمذى و ابن ما جة و احمد و الدرامى من حديث ابى ذر عن النبى صلي اللهم علية و سلم فيما روي عن الله تبارك و تعالي انه قال: يا عبادى انى حرمت الظلم علي نفسى و جعلتة بينكم محرما فلا تظالموا.. ]

كلمه جافية، قاسية، بشعه ان يقول: انا اكثر منك ما لا و اعز نفرا..


قصه رمزيه سمعتها ؛ رجل يجلس مع زوجتة ياكل دجاجة، طرق طارق فتحت الباب فاذا بالباب سائل، قال لها: من ما ل الله، فهمت ان تعطية قطعه من هذة الدجاجه لياكلها فنهرها زوجها، و قال: اطردية فطردته. بعد حين ساءت العلاقه بينهما فطلقها، و بعد حين احدث خطبها رجل ميسور، و كانت تجلس معة علي الاكل و ياكلون دجاجة، طرق الباب ذهبت لتفتح الباب فاذا بالباب سائل، فاضطربت، قال: ما لك اضطربت ؟ قالت: ان بالباب سائلا، قال: هنالك شيء اخر، قالت: اتدرى من هو السائل؟ انه زوجى الاول، قال اتدرين من انا ؟ انا السائل الاول !..


حينما تعزو النعم اليك، و تبخل بها، تحرم منها تاديبا:


﴿ فان كذبوك فقل ربكم ذو رحمه و اسعه و لا يرد باسة عن القوم المجرمين (147)﴾[سوره الانعام]

الشيء الاخطر ان صاحب الجنتين قال لصاحبه:


﴿ و كان له ثمر فقال لصاحبة و هو يحاورة انا اكثر منك ما لا و اعز نفرا (34)﴾[سوره الكهف]

كلمه جافية، قاسية.. رجل اظن بة الصلاح و الايمان، قال خطا فسهره مع اصدقائه: انا لن اموت قريبا، قيل له لماذا ؟ قال لاننى طعام قليلا و امشى كثيرا، و لا ادخن، و لا احمل الحاجات فوق ما اطيق.. و ذلك كلام علمى هذة سبب طول العمر تكلم ذلك يوم السبت، فكان فالسبت القادم تحت اطباق الثرى..


اياك ان تحكم علي الله، اياك ان تتقمص دور الاله، اياك ان تحكم علي المستقبل، اياك ان تقول انا.. ﴿ انا اكثر منك ما لا و اعز نفرا (34)﴾


ويا ليتة بقى عند ذلك الحد و لكنة قال:


﴿ و دخل جنتة و هو ظالم لنفسة قال ما اظن ان تبيد هذة ابدا (35) و ما اظن الساعه قائمه و لئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا (36)﴾[سوره الكهف]

الان حكم علي المستقبل، ارتكب حماقه فالحاضر قال: انا اكثر منك ما لا و اعز نفرا، و الان حكم علي المستقبل، قال: و ما اظن ان تبيد هذة ابدا انتقل الي اصعب، قال: و ما اظن الساعه قائمة، نفي قيام القيامة، نفي البعث، نفي الاخرة، و فرضا لو كان هنالك يوم اخر: ﴿ و لئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا﴾


علي ما ذا اعتمد، اعتمد علي فكره يعتنقها معظم الاغنياء، يعنى اذا احب الله عز و جل انسانا جعلة غنيا، و اذا احب انسانا اطلعة علي ملكة فكل انسان اغتنى، و سافر الي اطراف الدنيا، يتوهم فسذاجه ان الله يحبه، فحينما اغناة قال: ﴿ولئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا﴾


مع ان الله عز و جل يقول:


﴿ فاما الانسان اذا ما ابتلاة ربة فاكرمة و نعمة فيقول ربى اكرمن (15) و اما اذا ما ابتلاة فقدر علية رزقة فيقول ربى اهانن (16)﴾[سوره الفجر]

سيقول هو ربى اكرمني


كلا.. هذة اداه ردع و نفي، ذلك كلام غير صحيح، ذلك كلامكم هذة مقولتكم، ليس عطائى اكراما، و لا منعى حرمانا، عطائى ابتلاء و حرمانى دواء..


اى شيء تملكة اياك ان تسمية نعمة، بل هو ابتلاء، فاذا و ظفتة فطاعه الله فهو نعمه و رب الكعبة، و اذا و ظفتة فالمعاصى و الاثام فهو نقمه و رب الكعبة، اياك ان تسمى المال عطاء، المال الذي انفق فطاعه الله هو العطاء، اما اذا انفق علي الملذات و المعاصى و الاثام هو الغني المطغي، و هو احد اكبر المصائب فالدنيا، الغني المطغي.. الصحة، اذا استعملتها فطاعه الله كانت نعمة، و اذا استعملتها فالمعاصى و الاثام كانت نقمة، اي حظوظ الدنيا، نعمه او نقمة، نعمه اذا و ظفت فطاعه الله، و نقمه اذا و ظفت المعاصى و الاثام..


فهذا صاحب الجنتين توهم ان الله يحبة لانة اغناه، فاذا كان هنالك جدلا يوم قيامه ؛ و لئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا، ذلك الوهم الرابع..


الذى يقلق الناس، اما ان تزول النعمه عنهم، او ان يزولوا عنها، لو شققت علي صدر خمسه الاف بليون انسان فالارض هنالك قلقان ان تزول هذة النعمة، او ان يزول هو عنها بالموت، لذا يحرص الناس علي ارزاقهم، و علي النعم التي بين ايديهم و علي حياتهم حرصا لا حدود له، لكن المؤمن معافي من هذين المرضين، قال تعالى:


ان الذين قالوا ربنا الله بعدها استقاموا تتنزل عليهم الملائكه الا تخافوا و لا تحزنوا و ابشروا بالجنه التي كنتم توعدون (30)﴾[سوره فصلت]

الماضى مغطي بعدم الحزن علي ما فاتك منه، و المستقبل مغطي بعدم القلق و الخوف:


﴿ قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا هو مولانا و علي الله فليتوكل المؤمنون (51)﴾[سوره التوبة]

هنالك اغنياء مؤمنون تتمني الغني من تواضعهم، و سخائهم، و حبهم للخير، و انفاقهم المعتدل انا لا اعمم ابدا ان الغنى الشارد عن الله عز و جل، اما الغنى المؤمن تتمني ان تكون مثلة غنيا، بهذا التواضع و ذاك السخاء، و هذة الرحمه و ذلك الانفاق المدروس، دون زيادة، و دون تبذير، و دون اسراف.


يقول الله عز و جل ردا علي زعم هؤلاء الاغنياء غير المؤمنين بان الله يحبهم:


﴿ فلا تعجبك اموالهم و لا اولادهم انما يريد الله ليعذبهم فيها فالحياة الدنيا و تزهق انفسهم و هم كافرون (55)﴾[سوره التوبة]

دقق الان ؛ يريد الله ان يعذب الغنى بماله، الغنى الكافر ربما يصبح ما له اسباب قتله، و ربما يصبح ما له اسباب شقائه، و ربما يصبح ما له اسباب سجنه:


انما يريد الله ليعذبهم فيها فالحياة الدنيا و تزهق انفسهم و هم كافرون


يعذبهم الله حتي باولاده، فجور اولادهم، و انحراف اولادهم ربما يصبح سببا فشقائهم.


﴿ افرايت الذي كفر باياتنا و قال لاوتين ما لا و ولدا (77) اطلع الغيب ام اتخذ عند الرحمن عهدا (78) كلا سنكتب ما يقول و نمد له من العذاب مدا (79) و نرثة ما يقول و ياتينا فردا (80)﴾[سوره مريم]

ايها الاخوه الكرام:


المؤمن ينظر الي المنعم، لا الي النعمة، بينما غير المؤمن ينظر الي النعمه لا الي المنعم، المؤمن يعلم ان المنع ربما يصبح اعظم العطاء، قد كان المنع عطاء، و قد كان العطاء منعا، و غير المؤمن يري العكس.


الايمان سعاده كبرى، رؤيه صحيحة، و الايمان مرتبه اخلاقيه و الايمان مرتبه جمالية..


حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا و زنوا اعمالكم قبل ان توزن عليكم و اعلموا ان ملك الموت ربما تخطانا الي غيرنا، و سيتخطي غيرنا الينا فلنتخذ حذرنا، الكيس من دان نفسة و عمل لما بعد الموت و العاجز من اتبع نفسة هواها و تمني علي الله الامانى و الحمد للة رب العالمين.


الخطبه الثانية:


ايها الاخوه الكرام:


اقرا عليكم الايات مره ثانيه كى نربط الشرح بنص الايات:


﴿ و اضرب لهم مثلا رجلين جعلنا لاحدهما جنتين من اعناب و حففناهما بنخل و جعلنا بينهما زرعا (32) كلتا الجنتين اتت اكلها و لم تظلم منة شيئا و فجرنا خلالهما نهرا (33) و كان له ثمر فقال لصاحبة و هو يحاورة انا اكثر منك ما لا و اعز نفرا (34) و دخل جنتة و هو ظالم لنفسة قال ما اظن ان تبيد هذة ابدا (35) و ما اظن الساعه قائمه و لئن رددت الي ربى لاجدن خيرا منها منقلبا (36) قال له صاحبة و هو يحاورة اكفرت بالذى خلقك من تراب بعدها من نطفه بعدها سواك رجلا (37) لكنا هو الله ربى و لا اشرك بربى احدا (38) و لولا اذ دخلت جنتك قلت ما شاء الله لا قوه الا بالله ان ترن انا اقل منك ما لا و ولدا (39) فعسي ربى ان يؤتين خيرا من جنتك و يرسل عليها حسبانا من السماء فتصبح صعيدا زلقا (40) او يكون ما ؤها غورا فلن تستطيع له طلبا (41) و احيط بثمرة فاصبح يقلب كفية علي ما انفق بها و هى خاويه علي عروشها و يقول يا ليتنى لم اشرك بربى احدا (42) و لم تكن له فئه ينصرونة من دون الله و ما كان منتصرا (43) هناك الولايه للة الحق هو خير ثوابا و خير عقبا (44) ﴾[سوره الكهف]

ايها الاخوه الكرام:


هذا هو الدرس الثالث من دروس سوره الكهف، الذي ندبنا النبى ان نقراها جميع يوم جمعة، انها متعلقه بحركتنا فالحياة اليومية، متعلقه بحالتنا النفسية، متعلقه باقبالنا علي ربنا، متعلقه بالشرك و التوحيد فارجو الله سبحانة و تعالي ان يعيننى علي متابعه دروس هذة السوره فالاسابيع القادمة.


الدعاء:


اللهم اهدنا فيمن هديت، و عافنا فيمن عافيت، و تولنا فيمن توليت و بارك لنا فيما اعطيت، و قنا و اصرف عنا شر ما قضيت، فانك تقضى بالحق و لا يقضي عليك، انه لا يذل من و اليت، و لا يعز من عاديت تباركت ربنا و تعاليت، لك الحمد علي ما قضيت، نستغفرك و نتوب اليك


اللهم هب لنا عملا صالحا يقربنا اليك.


اللهم اعطنا و لا تحرمنا، اكرمنا و لا تهنا، اثرنا و لا تؤثر علينا ارضنا و ارض عنا، اقسم لنا من خشيتك، ما تحول بة بيننا و بين معصيتك و من طاعتك ما تبلغنا فيها جنتك، و من اليقين ما تهون علينا مصائب الدنيا و متعنا اللهم باسماعنا، و ابصارنا، و قوتنا ما احييتنا، و اجعلة الوارث منا، و اجعل ثارنا علي من ظلمنا، و انصرنا علي من عادانا و لا تجعل الدنيا اكبر همنا و لا مبلغ علمنا، و لا تسلط علينا من لا يخافك و لا يرحمنا، مولانا رب العالمين.


اللهم اصلح لنا ديننا الذي هو عصمه امرنا، و دنيانا التي بها معاشنا و اصلح لنا اخرتنا التي اليها مردنا، و اجعل الحياة زادا لنا من جميع خير و اجعل الموت راحه لنا من جميع شر، مولانا رب العالمين.


اللهم اكفنا بحلالك عن حرامك، و بطاعتك عن معصيتك، و بفضلك عمن سواك.


اللهم لا تؤمنا مكرك، و لا تهتك عنا سترك، و لا تنسنا ذكرك يا رب العالمين.


اللهم استر عوراتنا، و امن روعاتنا، و امنا فاوطاننا، و اجعل ذلك البلد امنا سخيا رخيا، و سائر بلاد المسلمين.


اللهم انا نعوذ بك من الخوف الا منك، و من الفقر الا اليك، و من الذل الا لك، نعوذ بك من عضال الداء، و من شماته الاعداء، و من السلب بعد العطاء.


اللهم ما رزقتنا مما نحب فاجعلة عونا لنا فيما تحب، و ما زويت عنا ما نحب فاجعلة فراغا لنا فيما تحب.


اللهم صن و جوهنا باليسار، و لا تبذلها بالاقتار، فنسال شر خلقك و نبتلي بحمد من اعطي و ذم من منع، و انت من فوقهم و لى العطاء و بيدك و حدك خزائن الارض و السماء.


اللهم كما اقررت اعين اهل الدنيا بدنياهم فاقرر اعيننا من رضوانك يا رب العالمين.


اللهم بفضلك و برحمتك اعل كلمه الحق و الدين، و انصر الاسلام و المسلمين، و اعز المسلمين، و خذ بيد و لاتهم الي ما تحب و ترضي انك علي ما تشاء قدير و بالاجابه جدير

  • اللهم اقسم لي من خشيتك ماتحول خلفية هاتف
  • سؤال ديني صعب
  • محاظرات دينية


محاظرات دينية