اجمل كلمات احلى صور حلوة عليها كلام

دروس دينية لمحمد العريفي

دروس دينية لمحمد العريفي Hqdefault 6

دروس دينية لمحمد العريفي 20160107 115

المشتاقون
الى الجنة

الحمد لله الذي جعل جنة الفردوس
لعباده المؤمنين نزلا
ويسرهم للاعمال الصالحة الموصلة اليها فلم
يتخذوا سواها شغلا
وسهل لهم طرقها فسلكوا السبيل الموصلة اليها
ذللا
وكمل لهم البشرى بكونهم خالدين فيها لا
يبغون عنها حولا.
الحمد لله فاطر السموات والارض جاعل
الملائكة رسلا
وباعث الرسل مبشرين ومنذرين لئلا يكون للناس
على الله حجة بعد الرسل

والحمد لله الذي رضى من عباده باليسير من
العمل
وتجاوز لهم عن الكثير من الزلل
وافاض عليهم النعمة، وكتب على نفسه الرحمة
وضمن الكتاب الذي كتبه ان رحمته سبقت غضبه
واشهد ان لا اله الا الله وحده لا شريك له
واشهد ان محمدا عبده ورسوله
اما بعد :
فان الله سبحانه وتعالى لم يخلق خلقه عبثا ،
ولم يتركهم سدى
بل خلقهم لامر عظيم وخطب جسيم
عرض على السموات والارض والجبال فابين
واشفقن منه اشفاقا ووجلا
وحمله الانسان انه كان ظلوما جهولا
والعجب كل العجب من غفلة من لحظاته معدودة
عليه
وكل نفس من انفاسه اذا ذهب لم يرجع اليه
وانما يتبين سفه المفرط يوم الحسرة والندامة
اذا حشر المتقون الى الرحمن وفدا وسيق
المجرمون الى جهنم وردا
فالاولون في روضات الجنة يتقلبون وعلى
اسرتها يجلسون وعلى بطائنها يتكئون
واولئك في اودية جهنم يصطلون ، جزاء بما
كانوا يعملون

ومن هنا اشتاقت نفوس الصالحين الى الجنة
حتى قدموا في سبيل الوصول اليها كل ما
يملكون
هجروا لذيذ النوم والرقاد ، وبكوا في لاسحار
، وصاموا النهار ، وجاهدوا الكفار ،
فلله كم من صالح وصالحة اشتاقت اليهم الجنة
كما اشتاقوا اليها
من حسن اعمالهم ، وطيب اخبارهم ، ولذة
مناجاتهم ،
وكان لكل واحد منهم ، ولكل واحدة منهن مع
الله جل جلاله اخبار واسرار ، لا يعرفها غيره
ابدا، جعلوها بين ايديهم عددا
لا يطلبون جزاءهم الا منه ، فطريقهم اليه ،
ومعولهم عليه ، ومالهم يكون بين يديه
فلا اله الا الله .. كم بكت عيون في الدنيا
خوفا من الحرمان من النظر الى وجه الله
الكريم
فهو سبحانه اعظم من سجدت الوجوه لعظمته ،
وبكت العيون حياء من مراقبته ، وتقطعت
الاكباد شوقا الى لقائه ورؤيته
فالمشتاقون الى الجنة لهم مع ربهم تعالى
اخبار واسرار
فاليكم شيئا من اخبارهم ، وطرفا من
اسرارهم ..
اول هذه الاخبار
ما اورده ابن الجوزي في صفة الصفوة وابن
النحاس في مشارع الاشواق عن رجل من الصالحين
اسمه ابو قدامة الشامي ..
وكان رجلا قد حبب اليه الجهاد والغزو في
سبيل الله ، فلا يسمع بغزوة في سبيل الله ولا
بقتال بين المسلمين والكفار الا وسارع وقاتل
مع المسلمين فيه ، فجلس مرة في الحرم المدني
فساله سائل فقال :
يا ابا قدامة انت رجل قد حبب اليك الجهاد
والغزو في سبيل الله فحدثنا باعجب ما رايت من
امر الجهاد والغزو
فقال ابو قدامة : اني محدثكم عن ذلك :
خرجت مرة مع اصحاب لي لقتال الصليبيين على
بعض الثغور ( والثغور هي مراكز عسكرية تجعل
على حدود البلاد الاسلامية لصد الكفار عنها )
فمررت في طريقي بمدينة الرقة ( مدينة في
العراق على نهر الفرات ) واشتريت منها جملا
احمل عليه سلاحي ، ووعظت الناس في مساجدها
وحثثتهم على الجهاد والانفاق في سبيل الله ،
فلما جن علي الليل اكتريت منزلا ابيت فيه ،
فلما ذهب بعض الليل فاذا بالباب يطرق علي ،
فلنا فتحت الباب فاذا بامراة متحصنة قد
تلفعت بجلبابها ،
فقلت : ما تريدين ؟
قالت : انت ابو قدامة ؟
قلت : نعم ،
قالت : انت الذي جمعت المال اليوم للثغور ؟
قلت : نعم ، فدفعت الي رقعة وخرقة مشدودة
وانصرفت باكية ،
فنظرت الى الرقعة فاذا فيها : انك دعوتنا الى
الجهاد ولا قدرة لي على ذلك فقطعت احسن ما
في وهما ضفيرتاي وانفذتهما اليك لتجعلهما
قيد فرسك لعل الله يرى شعري قيد فرسك في
سبيله فيغفر لي ،
قال ابو قدامة : فعجبت والله من حرصها وبذلها
، وشدة شوقها الى المغفرة والجنة .
فلما اصبحنا خرجت انا واصحابي من الرقة ،
فلما بلغنا حصن مسلمة بن عبد الملك فاذا
بفارس يصيح وراءنا وينادي يقول : يا ابا
قدامة يا ابا قدامة ، قف علي يرحمك الله ،
قال ابو قدامة : فقلت لاصحابي : تقدموا عني
وانا انظر خبر هذا الفارس ، فلما رجعت اليه ،
بداني بالكلام وقال : الحمد لله الذي لم
يحرمني صحبتك ولم يردني خائبا ،
فقلت له ما تريد : قال اريد الخروج معكم
للقتال .
فقلت له : اسفر عن وجهك انظر اليك فان كنت
كبيرا يلزمك القتال قبلتك ، وان كنت صغيرا
لا يلزمك الجهاد رددتك .
فقال : فكشف اللثام عن وجهه فاذا بوجه مثل
القمر واذا هو غلام عمره سبع عشرة سنة
فقلت له : يا بني ؟ عندك والد ؟ قال : ابي قد
قتله الصليبيون وانا خارج اقاتل الذين قتلوا
ابي .
قلت : اعندك والدة ؟
قال : نعم ، قلت : ارجع الى امك فاحسن صحبتها
فان الجنة تحت قدمها
فقال : اما تعرف امي ؟ قلت : لا ،
قال : امي هي صاحبة الوديعة ، قلت : اي وديعة ؟
قال : هي صاحبة الشكال ، قلت : اي شكال ؟
قال : سبحان الله ما اسرع ما نسيت !! اما تذكر
المراة التي اتتك البارحة واعطتك الكيس
والشكال ؟؟
قلت : بلى ، قال : هي امي ، امرتني ان اخرج الى
الجهاد ، واقسمت علي ان لا ارجع ..
وانها قالت لي : يا بني اذا لقيت الكفار فلا
تولهم الدبر ، وهب نفسك لله واطلب مجاورة
الله ، ومساكنة ابيك واخوالك في الجنة ، فاذا
رزقك الله الشهادة فاشفع في
ثم ضمتني الى صدرها ، ورفعت راسها الى السماء
، وقالت : الهي وسيدي ومولاي ، هذا ولدي ،
وريحانة قلبي ، وثمرة فؤادي ، سلمته اليك
فقربه من ابيه ..
سالتك بالله الا تحرمني الغزو معك في سبيل
الله ، انا ان شاء الله الشهيد ابن الشهيد ،
فاني حافظ لكتاب الله ، عارف بالفروسية
والرمي ، فلا تحقرني لصغر سني ..
قال ابو قدامة : فلما سمعت ذلك منه اخذته معنا
، فوالله ما راينا انشط منه ، ان ركبنا فهو
اسرعنا ، وان نزلنا فهو انشطنا ، وهو في كل
احواله لا يفتر لسانه عن ذكر الله تعالى
ابدا …
………..
اذ رايت قصرا يتلالا انوارا لبنة من ذهب
ولبنة من فضة ، واذا شرفاته من الدر
والياقوت والجوهر ، وابوابه من ذهب ، واذا
ستور مرخية على شرفاته ، واذا جوار يرفعن
الستور ، وجوههن كالاقمار ..
…..
تقدم يرحمك الله فاذا في اعلى القصر غرفة من
الذهب الاحمر عليها سرير من الزبرجد الاخضر
، قوائمه من الفضة البيضاء ، عليه جارية
وجهها كانه الشمس ، لولا ان الله ثبت علي
بصري لذهب وذهب عقلي من حسن الغرفة وبهاء
الجارية ..
فلما راتني الجارية قالت : مرحبا بولي الله
وحبيبه .. انا لك وانت لي
فلما اقتربت منها قالت : .. ..
.. .. ..
فجالت الابطال ، ورميت النبال ، وجردت
السيوف ، وتكسرت الجماجم ، وتطايرت الايدي
والارجل ..
واشتد علينا القتال حتى اشتغل كل بنفسه ،
وقال كل خليل كنت امله ..

.. .. .. .. ..
فالتفت ابو قدامة الى مصدر الصوت فاذا الجسد
جسد الغلام
واذا الرماح قد تسابقت اليه ، والخيل قد
وطئت عليه
فمزقت اللحمان ، وادمت اللسان
وفرقت الاعضاء ، وكسرت العظام ..
واذا هو يتيم ملقى في الصحراء
قال ابو قدامة : فاقبلت اليه ، وانطرحت بين
يديه ، وصرخت : هاانا ابو قدامة .. هاانا ابو
قدامة ..
فقال : الحمد لله الذي احياني الى ان اوصي
اليك ، فاسمع وصيتي
قال ابو قدامة : فبكيت والله على محاسنه
وجماله ، ورحمة بامه ، واخذت طرف ثوبي امسح
الدم عن وجهه
فقال : تمسح الدم عن وجهي بثوبك !! بل امسح
الدم بثوبي لا بثوبك ، فثوبي احق بالوسخ من
ثوبك ..
قال ابو قدامة : فبكيت والله ولم احر جوابا ..
فقال : يا عم ، اقسمت عليك اذا انا مت ان ترجع
الى الرقة ، ثم تبشر امي بان الله قد تقبل
هديتها اليه ، وان ولدها قد قتل في سبيل الله
مقبلا غير مدبر ، وان الله ان كتبني في
الشهداء فاني ساوصل سلامها الى ابي واخوالي
في الجنة ، ..
ثم قال : يا عم اني اخاف الا تصدق امي كلامك
فخذ معك بعض ثيابي التي فيها الدم ، فان امي
اذا راتها صدقت اني مقتول ، وان الموعد الجنة
ان شاء الله ..
يا عم : انك اذا اتيت الى بيتنا ستجد اختا لي
صغيرة عمرها تسع سنوات .. ما دخلت المنزل الا
استبشرت وفرحت ، ولا خرجت الا بكت وحزنت ،
وقد فجعت بمقتل ابي عام اول وفجعت بمقتلي
اليوم ، وانها قالت لي عندما رات علي ثياب
السفر :
يا اخي لا تبطئ علينا وعجل الرجوع الينا ،
فاذا رايتها فطيب صدرها بكلمات ..
ثم تحامل الغلام على نفسه وقال : يا عم صدقت
الرؤيا ورب الكعبة ، والله اني لارى المرضية
الان عند راسي واشم ريحها ..ثم انتفض وشهق
شهقتين ، ثم مات ..
قال ابو قدامة : فلما دفناه لم يكن عندي هم
اعظم من ان ارجع الى الرقة وابلغ رسالته
لامه ..
.. .. .. .. .. .. ..
قدمت هذه المراة الصالحة كل ذلك في سبيل ان
تدخل الدار التي اشتد شوقها اليها ،
وقدم ولدها نفسه رخيصة لله ، وتناسى
لذاته وشبابه ، فليت شعري ماذا قدم للجنة
المفرطون امثالنا ؟!
رحم الله فتى هذب الدين شبابه
ومضى يزجي الى العلياء في عزم ركابه
مخبتا لله صير الزاد كتابه
واردا من منهل الهادي ومن نبع الصحابة
ان طلبت الجود منه فهو دوما كالسحابة
او نشدت العزم فيه فهو ضرغام بغابة
جاذبته النفس للشر فلم يبد استجابة
متق لله تعلو من يلاقيه المهابة
رق منه القلب لكن زاد في الدين صلابة
بلسم للارض يمحو عن محياها الكابة
ثابت الخطو فلم تطف الاعاصير شهابه
جربته صولة الدهر فالفت ذا نجابة
ان يقم يوما خطيبا يسمع الصم خطابه
او يسر في الدرب يوما ابصر الاعمى جنابه
مسلم يكفيه فخرا ان للدين انتسابه

المشتاقون الى الجنة ، ارتفع قدرها عندهم ،
حتى لم يرضوا لها ثمنا الا ارواحهم التي
بين جنوبهم ..
ولماذا لا يبذلون للجنة ذلك واكثر
وهي الدار التي اخبر النبي صلى الله عليه
وسلم باقل اهلها نعيما ، وادناهم ملكا
فكان له في ذلك نبا عجيب ..
ففي صحيح مسلم عن عبد الله بن مسعود والمغيرة
بن شعبة رضي الله عنهما ان رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال :
” اخر من يدخل الجنة : رجل فهو يمشي على
الصراط مرة ، ويكبو مرة ، وتسفعه النار مرة ،
فاذا جاوزها التفت اليها ، فقال : تبارك الذي
نجاني منك ، لقد اعطاني الله شيئا ما اعطاه
احدا من الاولين والاخرين .
فترتفع له شجرة فيقول : اي رب ادنني من هذه
الشجرة استظل بظلها واشرب من مائها
فيقول الله تبارك وتعالى: يا ابن ادم لعلي ان
اعطيتكها سالتني غيرها ؟
فيقول : لا يا رب ، ويعاهده ان لا يساله غيرها
وربه يعذره ، لانه يرى مالا صبر له عليه ،
فيدنيه منها فيستظل بظلها ، ويشرب من مائها .
ثم ترفع له شجرة هي احسن من الاولى ، فيقول:
يا رب ادنني من هذه لاشرب من مائها ، واستظل
بظلها لا اسالك غيرها
فيقول : يا ابن ادم الم تعاهدني انك لا تسالني
غيرها ؟
فيقول : لعلي ان ادنيتك منها ان تسالني غيرها
، فيعاهده ان لا يساله غيرها وربه يعذره لانه
يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها ، فيستظل
بظلها ، ويشرب من مائها
ثم ترفع له شجرة عند باب الجنة هي احسن من
الاوليين
فيقول : اي رب ادنني من هذه الشجرة لاستظل
بظلها واشرب من مائها لا اسالك غيرها
فيقول : يا ابن ادم الم تعاهدني ان لا تسالني
غيرها ؟
قال : بلى يا رب ، هذه لا اسالك غيرها وربه
يعذره لانه يرى مالا صبر له عليه فيدنيه منها
، فاذا ادناه منها سمع اصوات اهل الجنة
فيقول: يا رب ادخلنيها
فيقال له : ادخل الجنة فيقول : رب كيف وقد نزل
الناس منازلهم واخذوا اخذاتهم
فيقول الله : يا ابن ادم ما يرضيك مني ؟!
اترضى ان يكون لك مثل ملك من ملوك الدنيا ؟
فيقول : رضيت رب
فيقول : لك ذلك ومثله ، ومثله ، ومثله ، ومثله
فيقول في الخامسة : رضيت رب
فيقول الله تعالى : لك ذلك وعشرة امثاله ، ولك
ما اشتهت نفسك ولذت عينك
ثم يقول الله تعالى له : تمن ، فيتمنى ،
ويذكره الله : سل كذا وكذا ، فاذا انقطعت به
الاماني
ثم يدخل بيته ويدخل عليه زوجتاه من الحور
العين، فيقولان : الحمد لله الذي احياك لنا
واحيانا لك
فيقول: ما اعطى احد مثل ما اعطيت .
قال ( يعني موسى عليه السلام ) : رب فاعلاهم
منزلة ؟
قال : اولئك الذين اردت غرس كرامتهم بيدي
وختمت عليها فلم تر عين ولم تسمع اذن ولم
يخطر على قلب بشر ) ف
سبحان من غرست يداه جنة الفردوس عند تكامل
البنيان
ويداه ايضا اتقنت لبنائها فتبارك الرحمن
اعظم بان
لما قضى رب العباد العرش قا * ل تكلمي فتكلمت
ببيان
قد افلح العبد الذي هو مؤمن * ماذا ادخرت له
من الاحسان
فيها الذي والله لا عين رات * كلا ولا سمعت به
الاذنان
كلا ولا قلب به خطر المثا * ل له تعالى الله ذو
السلطان
هي جنة طابت وطاب نعيمها * فنعيمها باق وليس
بفان
دار السلام وجنة الماوى ومنزل عسكر الايمان
والقران
امشاطهم ذهب ورشحهم فمسك خالص ياذلة الحرمان
*
هذا وسنهم ثلاث مع ثلا * ثين التي هي قوة
الشبان
وبناؤها اللبنات من ذهب واخ رى فضة نوعان
مختلفان *
وقصورها من لؤلؤ وزبرجد او فضة او خالص
العقيان *
وكذاك من در وياقوت به * نظم البناء بغاية
الاتقان
والطين مسك خالص او زعفرا * ن جابذا اثران
مقبولان
حصباؤها در وياقوت كذا ك لاليء نثرت كنثر
جمان
وترابها من زعفران او من المسك الذي ما استل
من غزلان
انهارها في غير اخدود جرت * سبحان ممسكها عن
الفيضان
من تحتهم تجري كما شاؤوا مفجرة وما للنهر من
نقصان
عسل مصفى ثم خمر ثم انهار من الالبان

سبحان ذي الجبروت والملكوت وال * اجلال
والاكرام والسبحان
والله اكبر عالم الاسرار والاعلان واللحظات
بالاجفان *
والحمد لله السميع لسائر الاصوات من سر ومن
اعلان *
وهو الموحد والمسبح والممجد والحميد ومنزل
القران *
والامر من قبل ومن بعد له * سبحانك اللهم ذا
السلطان

 

المشتاقون الى الجنة لهم مع ربهم اخبار
واسرار بل كانوا اذا حصلوا الجنة لم
يلتفتوا الى غيرها ابدا
حارثة بن سراقة غلام من الانصار .. له حادثة
عجب ذكرها اصحاب السير واصلها في صحيح
البخاري
دعا النبي صلى الله عليه وسلم الناس للخروج
الى بدر ..
فلما اقبلت جموع المسلمين كانت النساء ..
وكان من بين هؤلاء الحاضرين عجوز ثكلى ،
كبدها حرى تنتظر مقدم ولدها ..
فلما دخل المسلمون المدينة بدا الاطفال
يتسابقون الى ابائهم ، والنساء تسرع الى
ازواجها ، والعجائز يسرعن الى اولادهن ، ..
واقبلت الجموع تتتابع ..
جاء الاول .. ثم الثاني .. والثالث والعاشر
والمائة ..ولم يحضر حارثة بن سراقة ..
وام حارثة تنظر وتنتظر تحت حر الشمس ، تترقب
اقبال فلذة كبدها ، وثمرة فؤادها ،
كانت تعد في غيابه الايام بل الساعات ،
وتتلمس عنه الاخبار ، تصبح وتمسي وذكره على
لسانها ..
تسائل عنه كل غاد ورائح وتوميء الى
اصحابه وتسلم
فلله كم من عبرة مهراقة واخرى على
اثارها لا تقدم
وقد شرقت عين العجوز بدمعها فتنظر من
بين الجموع وتكتم

تفصم
تذكر نفسا بالتلاقي وقربه وتوهمها
لكنها لا توهم
وكم يصبر المشتاق عمن يحبه وفي قلبه
نار الاسى تتضرم
ترقبت العجوز وترقبت فلم تر ولدها ..
فتحركت الام الثكلى تجر خطاها الى النبي صلى
الله عليه وسلم ، ودموعها .. ..
فنظر الرحيم الشفيق اليها فاذا هي عجوز قد
هدها الهرم والكبر ، واضناها التعب وقل
الصبر ، وقد طال شوقها الى ولدها ، تتمنى لو
انه بين يديها تضمه ضمة ، وتشمه شمة ولو
كلفها ذلك حياتها ..
اضطربت القدمان ، وانعقد اللسان ، وجرت
بالدموع العينان ..
كبر سنها ، واحدودب ظهرها ، ورق عظمها ، ويبس
جلدها ، واحتبس صوتها في حلقها ..
وقد رفعت بصرها تنتظر ما يجيبها الذي لا ينطق
عن الهوى ..
فلما راى النبي صلى الله عليه وسلم ذلها
وانكسارها ، وفجيعتها بولدها ، التفت اليها
وقال :
ويحك يا ام حارثة اهبلت ؟! اوجنة واحدة ؟!
انها جنان ، وان حارثة قد اصاب الفردوس لاعلى
..
فلما سمعت العجوز الحرى هذا الجواب : جف
دمعها ، وعاد صوابها ، وقالت : في الجنة ؟ قال
: نعم .
فقالت : الله اكبر .. ثم رجعت الام الجريحة الى
بيتها ..
رجعت تنتظر ان ينزل بها هادم اللذات ..ليجمعها
مع ولدها في الجنة ..
لم تطلب غنيمة ولا مالا ، ولم تلتمس شهرة
ولا حالا ، وانما رضيت بالجنة ..
ما دام انه في الجنة ياكل من ثمارها الطاهرة
، تحت اشجارها الوافرة ، مع قوم وجوههم ناضرة
، وعيونهم الى ربهم ناظرة ، فهي راضية ،
ولماذا لا يكون جزاؤهم كذلك ..
وهم طالما يبست بالصيام حناجرهم ، وغرقت
بالدموع محاجرهم ..
طالما غضوا ابصارهم عن الحرام ، واشتغلوا
بخدمة العزيز العلام ..
فهم في جنة ربهم يتنعمون ] على سرر موضونة *
متكئين عليها متقابلين * يطوف عليهم ولدان
مخلدون * باكواب واباريق وكاس من معين * لا
يصدعون عنها ولا ينزفون * وفاكهة مما
يتخيرون * ولحم طير مما يشتهون * وحور عين *
كامثال اللؤلؤ المكنون * جزاء بما كانوا
يعملون * لا يسمعون فيها لغوا ولا تاثيما *
الا قيلا سلاما سلاما [

واينما سرت في ركب الصالحين لتجدن طلب الجنة
يملا قلوبهم ويشغل نفوسهم .. قد تعلقت بها
ارواحهم حتى لم تقم لغيرها وزنا .. فهان عليهم
كل شيء في سبيل الوصول اليها ..
ابو الدحداح ثابت بن الدحداح .. كان له نبا
عجب ..
روى البخاري ومسلم عن انس y : ان غلاما
يتيما من الانصار كان له بستان ملاصق
لبستان رجل منذ سنين ، فاراد الغلام ان يبني
جدارا يفصل بستانه عن بستان صاحبه ..
نعم خرجت ام الدحداح وخرج ابو الدحداح
وتركوا البستان والاشجار ، وفارقوا الظلال
والثمار
نقلوا عيش دنياهم من الحدائق الى المضائق ،
تركوا الشهوات ، واشتغلوا بالقربات ، عطشوا
في دنياهم وجاعوا ، وذلوا لربهم واطاعوا ،
فارقوا في طلب رضاه كل شيء وباعوا
فعل ذلك ابو الدحداح حتى يكون هو وزوجته مع
اولادهما في ظلال على الارائك يتكئون ] “ان
اصحاب الجنة اليوم في شغل فاكهون * هم
وازواجهم في ظلال على الارائك متكئون * لهم
فيها فاكهة ولهم ما يدعون * سلام قولا من رب
رحيم [
ولا يزالون في مزيد فهو سبحانه البر الرؤوف
الرحيم
] “ان المتقين في جنات ونعيم * فاكهين بما
اتاهم ربهم ووقاهم ربهم عذاب الجحيم * كلوا
واشربوا هنيئا بما كنتم تعملون * متكئين على
سرر مصفوفة وزوجناهم بحور عين * “والذين
امنوا واتبعتهم ذريتهم بايمان الحقنا بهم
ذريتهم وما التناهم من عملهم من شيء كل امرئ
بما كسب رهين * وامددناهم بفاكهة ولحم مما
يشتهون * يتنازعون فيها كاسا لا لغو فيها ولا
تاثيم * ويطوف عليهم غلمان لهم كانهم لؤلؤ
مكنون * واقبل بعضهم على بعض يتساءلون * قالوا
انا كنا قبل في اهلنا مشفقين * فمن الله علينا
ووقانا عذاب السموم * انا كنا من قبل ندعوه
انه هو البر الرحيم [

المشتاقون الى الجنة : لم يكتفوا بقيام الليل
وصيام النهار ، والعفة عن النظر الى
المحرمات ، والاشتغال بالطاعات ، بل نظروا
الى اعز ما يملكون ، الى انفسهم التي بها
قوام حياتهم ، ثم قدموها في سبيل رضا العزيز
الحكيم ..

في معركة بدر .. اشتد البلاء على المسلمين ..
اذ قد خرج المسلمون لا لاجل القتال وانما
خرجوا لاخذ قافلة لقريش كانت قادمة من الشام
، ففوجئوا بان القافلة قد فاتتهم وان قريشا
قد جاءت بجيش من مكة كثير العدد والعدة
لحربهم ..
فلما راى الرسول صلى الله عليه وسلم ضعف
اصحابه وقلة عددهم وضعف عتادهم ..
فاستغاث بربه ، وانزل به ضره ومسكنته ، ثم
خرج الى اصحابه فاذا هم قد لبسوا للحرب
لامتها ، واصطفوا للموت كانما هم في صلاة ،
تركوا في المدينة اولادهم ، وهجروا بيوتهم
واموالهم ، شعثا رؤوسهم ، غبرا اقدامهم ،
ضعيفة عدتهم وعتادهم .
فلنا راى النبي صلى الله عليه وسلم ذلك ، صاح
بهم وقال :
قوموا الى جنة عرضها السموات والارض والذي
نفس محمد بيده لا يقاتلهم اليوم رجل فيقتل
صابرا محتسبا مقبلا غير مدبر ، الا ادخله
الله الجنة ..
فقام عمير بن الحمام ..
نعم رحل عمير من دار الاشرار ونزل في جوار
الملك الجبار ، انتفع بما قدم من صيام النهار
، ورفعه بكاء الاسحار ، وسكن في جنات تجري من
تحته الانهار ..برحمة العزيز الحكيم ..
الذي اجزل لهم الثواب ، وسماهم الاحباب ،
وامنهم من العذاب ، الملائكة يدخلون عليهم
من كل باب ،
لهم فيها ما تشتهي انفسهم ، ولا يزالون في
مزيد
] في سدر مخضود * وطلح منضود * وظل ممدود * وماء
مسكوب * وفاكهة كثيرة * لا مقطوعة ولا ممنوعة *
وفرش مرفوعة * انا انشاناهن انشاء * فجعلناهن
ابكارا * عربا اترابا * لاصحاب اليمين [

المشتاقون الى الجنة لهم مع ربهم تعالى
اخبار واسرار
كلما زاد ربهم في بلائهم وامتحانهم ،
ازدادوا صبرا واحتسابا
فهو سبحانه اكبر المنعمين ، ولا يقبل ان
يعامله عباده بالمجان بل يعظم لهم الاجور
وما يصيب المؤمن من نصب ولا وصب حتى الشوكة
يشاكها ..
استمع الى هذا الخبر العجيب
روى البخاري عن عطاء بن ابي رباح
الامة السوداء :
جاءت اليه صلى الله عليه وسلم تلتمس منه ان
يغير مجرى حياتها فقد تعذبت فيها اشد العذاب
..لا احد يتزوجها .. ولا يجلس معها .. الناس
يخافون منها .. والاطفال يضحكون منها .. تصرع
بين الناس في اسواقهم .. وفي بيوتهم .. وفي
مجالسهم .. حتى استوحشوا من مخالطتها .. ملت من
هذه الحياة فجاءت الى الرحيم الشفيق .. ثم
صرخت من حر ما تجد :
اني اصرع .. فادع الله تعالى ان يشفيني ..
فلما انتهى النبي صلى الله عليه وسلم من
كلامه ..
نظرت المراة وتاملت في حالها ومرضها .. ورددت
كلامه صلى الله عليه وسلم في عقلها ..
فاذا هو يخيرها بين المتعة في دنيا فانية
يمرض ساكنها ، ويجوع طاعمها ، ويباس مسرورها
، وبين دار ليس فيها ما يشينها ، ولا يزول
عزها وتمكينها ،
دار قد اشرقت حلاها ، وعزت علاها ،
دار جل من بناها ، وطاب للابرار سكناها ،
وتبلغ النفوس فيها مناها
فقالت الامة المريضة يا رسول الله : بل اصبر ..
اصبر يا رسول الله ..
وصبرت حتى ماتت .. وليتعب جسدها ..ولتحزن
نفسها ..ما دام ان الجنة جزاؤها ..
الله اكبر .. زال نصبهم ، وارتفع تعبهم ، وحصل
مقصودهم ، ورضي معبودهم ..ما اتم نعيمهم ،
واعز تكريمهم ، يتقون في الدنيا .. ليفوزوا
يوم القيامة ..
] ان للمتقين مفازا * حدائق واعنابا * وكواعب
اترابا * وكاسا دهاقا * لا يسمعون فيها لغوا
ولا كذابا * جزاء من ربك عطاء حسابا”[
في الجنة :
اعد الله لهم القصور والارائك ، واخدمهم
الغلمان والملائك ، واباحهم الجنان
والممالك ، وسلم عليهم الرب العظيم المالك ]
سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار [
قال الله ] والذين صبروا ابتغاء وجه ربهم
صبروا —— على الامراض والاسقام ، وعلى
الادواء والاورام ،
صبروا —— على الفقر واللاواء ، والضيق
والبلاء ..
صبروا —— على حفظ الفروج ، وغض الابصار ،
ومناجاة ربهم في الاسحار ..
] صبروا ابتغاء وجه ربهم واقاموا الصلاة
وانفقوا مما رزقناهم سرا وعلانية ويدرؤون
بالحسنة السيئة اولئك لهم عقبى الدار * جنات
عدن يدخلونها ومن صلح من ابائهم وازواجهم
وذرياتهم والملائكة يدخلون عليهم من كل باب *
سلام عليكم بما صبرتم فنعم عقبى الدار” [
اولئك الصابرون الذين اشتاقوا الى الجنات ،
واستبشروا فتحملوا مرضهم ، وكتموا انينهم ،
وسكبوا في المحراب دموعهم ، فما مضى الا قليل
حتى فرحوا بجنات النعيم
واذا راى اهل العافية يوم القيامة ما يؤتيه
الله تعالى من الاجور لاهل البلاء ودوا لو ان
جلودهم قرضت بالمقاريض ..
[ “جنات عدن يدخلونها يحلون فيها من اساور
من ذهب ولؤلؤا ولباسهم فيها حرير * وقالوا
الحمد لله الذي اذهب عنا الحزن ان ربنا لغفور
شكور * الذي احلنا دار المقامة من فضله لا
يمسنا فيها نصب ولا يمسنا فيها لغوب ]

بل استمع الى هذا الامتحان الصعب الذي اثبت
فيه المحبون انهم الى ربهم مشتاقون ، وفي
رضاه راغبون ، ولسان حالهم :
فليتك تحلوا والحياة مريرة . .

الانصار في العقبة :
عن جابر . قال : مكث رسول الله صلى الله عليه
وسلم بمكة عشر سنين يتبع الناس في منازلهم ،
عكاظ و مجنة ، و في المواسم يقول : من يؤويني ؟
من ينصرني ؟ حتى ابلغ رسالة ربي و له الجنة
فلا يجد احدا يؤويه و لا ينصره ، حتى ان
الرجل ليخرج من اليمن او من مضر كذا قال فيه
فياتيه قومه و ذوو رحمه فيقولون احذر غلام
قريش لا يفتنك ، و يمضي بين رحالهم و هم
يشيرون اليه بالاصابع ..
فرحل اليه منا سبعون رجلا حتى قدموا عليه في
الموسم فواعدناه شعب العقبة ..
فقلنا : يا رسول الله علام نبايعك ؟
قال : تبايعونني على السمع و الطاعة في
النشاط و الكسل ، و النفقة في العسر و اليسر ،
و على الامر بالمعروف و النهي عن المنكر ، و
ان تقولوا في الله لا تخافوا في الله لومة
لائم ، و على ان تنصروني فتمنعوني اذا قدمت
عليكم مما تمنعون منه انفسكم و ازواجكم و
ابناءكم
فقال العباس بن عبادة الانصاري : يا معشر
الخزرج ، هل تدرون علام تبايعون هذا الرجل ؟
قالوا : نعم !
قال : انكم تبايعونه على حرب الاحمر والاسود
من الناس ، فان كنتم ترون انكم وافون له بما
دعوتموه اليه على نهكة الاموال ، و قتل
الاشراف ، فخذوه ، فهو و الله خير الدنيا و
الاخرة .
وقام اسعد بن زرارة فقال : رويدا يا اهل يثرب
، فانا لم نضرب اليه اكباد الابل الا ونحن
نعلم انه رسول الله ، وان اخراجه اليوم
مناواة للعرب كافة و قتل خياركم و تعضكم
السيوف . فاما انتم قوم تصبرون على ذلك فخذوه
واجركم على الله ، واما انتم قوم تخافون من
انفسكم خيفة فذروه . فبيبنوا ذلك فهو اعذر
لكم عند الله .
قالوا : يا رسول الله ان بيننا و بين الرجال
حبالا وانا قاطعوها ، وانا ناخذك على مصيبة
الاموال وقتل الاشراف ، فما لنا بذلك يا رسول
الله ان نحن وفينا ؟
قال : الجنة
قالوا : ابسط يدك ،
فبسط يده فبايعوه ”
فعلوا كل ذلك طمعا في مغفرة الله تعالى ،
وخوفا من شر يوم الحسرة والندامة
[ فوقاهم الله شر ذلك اليوم ولقاهم نضرة
وسرورا * وجزاهم بما صبروا جنة وحريرا *
متكئين فيها على الارائك لا يرون فيها شمسا
ولا زمهريرا * ودانية عليهم ظلالها وذللت
قطوفها تذليلا * ويطاف عليهم بانية من فضة
واكواب كانت قواريرا * قوارير من فضة قدروها
تقديرا * ويسقون فيها كاسا كان مزاجها
زنجبيلا * عينا فيها تسمى سلسبيلا * ويطوف
عليهم ولدان مخلدون اذا رايتهم حسبتهم لؤلؤا
منثورا * واذا رايت ثم رايت نعيما وملكا
كبيرا * عاليهم ثياب سندس خضر واستبرق وحلوا
اساور من فضة وسقاهم ربهم شرابا طهورا * ان
هذا كان لكم جزاء وكان سعيكم مشكورا ] .

وفي معركة احد : كان للمحبين امتحان اخر ..
روى مسلم في صحيحه : عن انس بن مالك ان
المشركين لما رهقوا النبي وهو في سبعة من
الانصار ورجل من قريش ، قال : من يردهم عنا
وهو رفيقي في الجنة ؟ فجاء رجل من الانصار
فقاتل حتى قتل . فلما رهقوه ايضا قال : من
يردهم عنا وهو رفيقي في الجنة ، حتى قتل
السبعة ، فقال رسول الله : ما انصفنا اصحابنا
..
فهؤلاء السبعة ملوك على الاسرة في الجنة ،
ومن صدق الله صدقه الله
وهم الملوك على الاسرة فوق ها * تيك الرؤوس
مرصع التيجان
ولباسهم من سندس خضور ومن * استبرق نوعان
معروفان
هذا وتصريف الماكل كل منهم * عرق يفيص لهم من
الابدان
كروائح المسك الذي ما فيه خل * ط غيره من
سائر الالوان
فتعود هاتيك البطون ضوامرا * تبغي الطعام على
مدى الازمان
لا غائط فيها ولا بول ولا * مخط ولا بصق من
الانسان
ويرونه سبحانه من فوقهم * رؤيا العيان كما
يرى القمران
او ما سمعت منادي الايمان يخبر عن منادي جنة
الحيوان
يا اهلها لكم لدى الرحمن وعد وهو منجزه لكم
بضمان
قالوا اما بيضت اوجهنا كذا * اعمالنا ثقلت
ففي الميزان
وكذاك قد ادخلتنا الجنات حين اجرتنا من مدخل
النيران
فيقول عندي موعد قد ان ان * اعطيكموه برحمتي
وحناني
فيرونه من بعد كشف حجابه * جهرا روى ذا مسلم
ببيان
والله لولا رؤية الرحمن في الجنات ما
طابت لذي العرفان
والله ما في هذه الدنيا الذ من
اشتياق العبد الرحمن

المشتاقون الى الجنة ، قد يذنبون ويخطئون ،
فكل بني ادم خطاء ، لكنهم يسرعون الى التوبة
والاستغفار ، ويغلبهم الخوف من العزيز
الجبار ..
اولئك الصالحون قد يذنبون لكنهم اذا لاحت
لهم ذنوبهم تجافت عن المضاجع جنوبهم ، واذا
ذكر الله وجلت قلوبهم ..
صفوا اقدامهم في المحراب ، واناخوا مطاياهم
على الباب ، في طلب مغفرة الرحيم التواب ..
فهم في محاريبهم اسعد من اهل اللهو في لهوهم
..
فلو ابصرت عيناك موقفهم بها وقد بسطوا تلك
الاكف ليرحموا
فلا ترى الا خاشعا
متذللا واخر يبكي
ذنبه يترنم
تراهم على المحراب تجري دموعهم بكيا وهم
فيها اسر وانعم
ينادونه يا رب يا رب اننا
عبيدك لا نبغي سواك وتعلم
وهانحن نرجو منك ما انت اهله
فانت الذي تعطي الجزيل وتنعم
فما منكم بد ولا عنكم غنى
وما لنا من صبر فنسلو عنكم
ومن شاء فليغضب سواكم فلا اذا اذا كنتم
عن عبدكم قد رضيتم
فلله ذاك المشهد الاكرم الذي كموقف يوم
العرض بل ذاك اعظم
ويدنوا به الجبار جل جلاله
يباهي بهم املاكه فهو اكرم
يقول عبادي قد اتوني محبة واني بهم
بر اجود واكرم
فاشهدكم اني غفرت ذنوبهم
واعطيتهم ما املوه وانعم
حاسبوا انفسهم اشد المحاسبة ، وصاحوا بها
بالسن المعاتبة ، وبارزوا ابليس بالمحاربة ،
علموا ان عدوهم الاكبر هو ابليس ، تكبر ان
يسجد لابيهم ادم ، ثم كاد له فاخرجه من الجنة
، ثم اقسم ليحتنكن ذريته الا قليلا ،
لم يفرح ابليس منهم بمعصية ، فعجبا لهم من
اقوام :
جن عليهم الليل فسهروا ، وطالعوا صحف الذنوب
فانكسروا ، وطرقوا باب المحبوب واعتذروا ،
واستمع الى قصة من اعجب القصص اوردها ابو
نعيم في حلية الاولياء واشار اليها ابن حجر
في الاصابة وابن حبان في الثقات
وهي عن شاب من الصحابة
غلام لم يتجاوز عمره ست عشرة سنة
ثعلبة بن عبد الرحمن ..
فما زالوا يترقبونه حتى نزل ..فاذا هو كانه
فرخ منتوف بال من شدة البكاء ..
نزل منكس الراس .. كسير الفؤاد .. دامع
العينين .. يجر خطاه على الارض حزنا وذلا ..
ايها الاخوة الكرام
هذه هي الجنة .. وهؤلاء هم المشتاقون اليها
الذين راغموا الشيطان .. وتقربوا الى الرحمن
..
المشتاقون الى الجنة الذين اخلصوا لله تعالى
توحيدهم فلم يدعوا غير الله ، ولم يتوجهوا
الى قبر في طلب حاجة ولم يحلفوا بغير الله
تعالى ، ولم يتدنسوا بسحر ولا شعوذة ..بل
حرصوا على ان تصفو عقائدهم من شوائب الشرك
حتى يلقوا ربهم وهو راض عنهم ..
كيف يكون مشتاقا الى الجنة ..ويرجو دخولها
من يتمسح بالقبور لطلب البركات ؟ او يذبح عند
هذه القبور تقربا الى اهلها ؟ او يعتقد ان
من الاولياء والصالحين من يملك له ضرا او
نفعا فيتبرك به ويعظمه طلبا لهذا النفع او
دفعا لذلك الضر ؟
المشتاقون الى الجنة الذين حفظوا نساءهم ،
واحسنوا تربية اولادهم فعلموهم الصلاة
وحفظوهم القران ، واخلصوا في عبادة ربهم ..
المشتاقون الى الجنة الذين عزموا على الرجوع
اليها اذ هي منازلهم الاولى قبل ان يكيد لهم
ابليس مكائده ..
فان تكن اشتقت الى الجنة فهي قريبة ..
فحي على جنات عدن فانها منازلنا الاولى
وفيها المخيم
ولكننا سبي العدو فهل ترى نعود الى
اوطاننا ونسلم
وحي على السوق الذي فيه يلتقي المح بون ذاك
السوق للقوم يعلم
وحي على روضاتها وخيامها وحي على عيش بها ليس
يسام
وحي على يوم المزيد الذي به زيارة رب العرش
فاليوم موسم
فلله برد العيش بين خيامها وروضاتها والثغر
في الروض يبسم
ولله واديها الذي هو موعد المز يد لوفد
الحب لو كنت منهم
بذيالك الوادي يهيم صبابة محب يرى ان
الصبابة مغنم
ولله افراح المحبين عندما يخاطبهم من
فوقهم ويسلم
ولله ابصار ترى الله جهرة فلا الضيم
يغشاها ولا هي تسام
فيا ساهيا في غفلة الجهل والهوى صريع
الاماني عن قريب سيندم
افق قد دنى الوقت الذي ليس بعده سوى جنة او حر
نار تضرم
وهيئ جوابا عندما تسمع الندا من الله يوم
العرض ماذا اجبتموا ؟
به رسلي لما اتوكم فمن يكن اجاب سواهم سوف
يخزى ويندم
وخذ من تقى الرحمن اعظم جنة ليوم به تبدوا
عيانا جهنم
وينصب ذاك الجسر من فوق متنها فهاو ومخدوش
وناج مسلم
وتشهد اعضاء المسيء بما جنى كذاك على فيه
المهيمن يختم
فيا ليت شعري كيف حالك عندما تطاير كتب
العالمين وتقسم
اتاخذ باليمنى كتابك ام تكن بالاخرى وراء
الظهر منك تسلم
وتقرا فيه كل ما قد عملته فيشرق منك الوجه او
هو يظلم
فبادر اذا ما دام في العمر فسحة وعدلك مقبول
وصرفك قيم
فهن المنايا اي واد نزلنه عليها القدوم او
عليك ستقدم

اللهم اجعلنا من المتقين الابرار ، واسكنا
معهم في دار القرار ، ولا تجعلنا من
المخالفين الفجار ، واتنا في الدنيا حسنة
وفي الاخرة حسنة ، وقنا عذاب النار ، يا من لم
يزل ينعم ويجود ، برحمتك …

  • صور العريفي
  • احاديث وخطب العريفي
السابق
مدينة اسلامية في اوروبا
التالي
خلفيات اسلامية رمضانية