دروس دينية مؤثرة



قال تعالى: كتب عليكم القتال و هو كرة لكم و عسي ان تكرهوا شيئا و هو خير لكم و عسي ان تحبوا شيئا و هو شر لكم و الله يعلم و انتم لا تعلمون [البقرة:216].

سبحان من و سع علمة جميع شيء، سبحان من جعل امر المؤمن كلة خير و لن يصبح العبد مؤمنا حتي يؤمن بقضاء الله و قدرة خيرة و شره، روعة و مره.

فما الايمان بالقضاء و القد؟ و ما هى نوعيات القدر؟ و ما صفات المؤمن بقضاء الله و قدره؟ و ما اثر الايمان بالقضاء و القدر؟

اما القضاء لغه فهو: الحكم، و القدر: هو التقدير.

فالقدر: هو ما قدرة الله سبحانة من امور خلقة فعلمه.

والقضاء: هو ما حكم بة الله سبحانة من امور خلقة و اوجدة فالواقع.

وعلي ذلك فالايمان بالقضاء و القدر معناه: الايمان بعلم الله الازلي، و الايمان بمشيئه الله النافذه و قدرتة الشامله سبحانه.

وينبغى ان تعلم :

ان مراتب الايمان بالقضاء و القدر اربع: العلم، و الكتابة، و المشيئة، و الايجاد.

فالعلم: ان تؤمن بعلم الله سبحانة بالحاجات قبل كونها، قال تعالى: و ما يعزب عن ربك من مثقال ذره [يونس:61].

والكتابة: ان تؤمن انه سبحانة كتب ما علمة بعلمة القديم فاللوح المحفوظ، قال تعالى: ما اصاب من مصيبه فالارض و لا فانفسكم الا فكتاب من قبل ان نبراها ان هذا علي الله يسير [الحديد:22].

والمشيئة: ان تؤمن ان مشيئه الله شامله فما من حركه و لا سكون فالارض و لا فالسماء الا بمشيئته، قال تعالى: و ما تشاءون الا ان يشاء الله [الانسان:30].

الايجاد: ان تؤمن ان الله تعالي خالق جميع شيء، قال تعالى: الله خالق جميع شيء [الرعد:16].

لا يجوز لاحد ان يحتج بقدر الله و مشيئتة علي ما يرتكبة من معصيه او كفر، و ربما اورد رب العزه هذا فكتابة و رد عليهم فقال: سيقول الذين اشركوا لو شاء الله ما اشركنا و لا اباؤنا و لا حرمنا من شى ايضا كذب الذين من قبلهم حتي ذاقوا باسنا قل هل عندكم من علم فتخرجوة لنا ان تتبعون الا الظن و ان انتم الا تخرصون [الانعام:148].

اى هل اطلع المدعى علي علم الله فعلم انه ربما قدر له ان يفعل ففعل، علما ان قدر الله غيب لا يعلمة الا الله سبحانة فلا يصح ان يقول احد : كتب الله على ان اسرق فانا ذاهب لتنفيذ قدره، فهل اطلع علي اللوح المحفوظ فقرا ما فيه.

ان علي العبد المؤمن حقا ان ينفذ اوامر الله و ان يجتنب نواهية و ليس المطلوب ان يبحث عن كنة مشيئه الله و علمة فذلك غيب و لا و سيله اليه.

وعقولنا محدوده و البحث فذلك تكلف لم نؤمر به، بل ربما جاء النهى عنه. يقول الامام الطحاوى رحمة الله: و اصل القدر سر الله تعالي فخلقة لم يطلع علي هذا ملك مقرب و لا نبى مرسل و التعمق و النظر فذلك ذريعه الخذلان. و فالحديث: ((خرج علينا رسول الله ذات يوم و الناس يتكلمون فالقدر، قال: فكانما تقفا فو جهة حب الزمان من الغضب، فقال لهم: ما لكم تضربون كتاب الله بعضة ببعض؟ بهذا هلك من كان قبلكم))([1]).

واما نوعيات الاقدار: فلقد قسم العلماء الاقدار التي تحيط بالعبد الي ثلاثه نوعيات :

الاول: نوع لا قدره علي دفعة او ردة و يدخل فذلك نواميس الكون و قوانين الوجود، و ما يجرى علي العبد من مصائب و ما يتعلق بالرزق و الاجل و الصوره التي عليها و ان يولد لفلان دون فلان.

قال تعالى: و الشمس تجرى لمستقر لها هذا تقدير العزيز العليم [يس:38]. جميع نفس ذائقه الموت [ال عمران:185]. ما اصاب من مصيبه فالارض و لا فانفسكم الا فكتاب من قبل ان نبراها ان هذا علي الله يسير [الحديد:22]. ان ربك يبسط الرزق لمن يشاء و يقدر [الرعد:26]. اذا جاء اجلهم لا يستاخرون ساعه و لا يستقدمون [الاعراف:34]. فاى صوره ما شاء ركبك [الانفطار: 8].

ومن بعدها فهذا النوع من الاقدار لا يحاسب علية العبد لانة خارج عن ارادتة و قدرتة فدفعة او رده.

الثاني: نوع لا قدره للعبد علي الغائة و لكن فامكانة تخفيف حدته، و توجيهة و يدخل فذلك الغرائز و الصحبة، و البيئة، و الوراثة.

فالغريزه لا ممكن الغاءها و لم نؤمر بذلك و انما جاء الامر بتوجيهها الي الموضع الحلال، الذي اذن الشرع بة و حث علية و كتب بذلك الاجر للحديث: ((وفى بضع احدكم اجر))([2]).

والصحبه لا بد منها فالانسان مدنى بطبعه، و انما جاء الامر بتوجية ذلك الطبع الي ما ينفع: يا ايها الذين امنوا اتقوا الله و كونوا مع الصادقين [التوبة:119].

والبيئه التي يولد بها الانسان و يعيش، لا ممكن اعتزالها و لم نؤمر بذلك و انما يقع فالقدره التغير و الانتقال الي بيئه اكرم و اطهر، و الرجل الذي قتل تسعه و تسعين نفسا اوصاة العالم حتي تصح توبتة ان يترك البيئه السيئه الي بيئه اكرم فقال له: انطلق الي ارض هكذا و هكذا فان بها اناسا يعبدون الله تعالي فاعبد الله معهم، و لا ترجع الي ارضك فانها ارض سوء([3]).

وهنا لا يصبح الحساب علي و جود ما ذكرناة من غريزه و صحبه و بيئه و انما علي طريقة تصريفها و توجيهها.

الثالث: نوع للعبد القدره علي دفعها و ردها، فهى اقدار متصله بالاعمال الاختياريه و التكاليف الشرعيه فهذة يتعلق فيها ثواب و عقاب و تستطيع و يدخل فقدرتك الفعل و عدم الفعل معا، و تجد انك مخير ابتداء و انتهاء.

فالصلاه و الصيام باستطاعتك فعلها و عدم فعلها، فاذا اقمتها اثابك الله و اذا تركتها عاقبك، و البر بالوالدين باستطاعتك فعلة باكرامهما و باستطاعتك عدم فعلة بايذائهما.

وكذا يدخل فذلك رد الاقدار بالاقدار.

فالجوع قدر و ندفعة بقدر الطعام.

والمرض قدر و نردة بقدر التداوي، و ربما قيل: ((يا رسول الله ارايت ادويه نتداوي فيها و رقي نسترقى فيها اترد من قدر الله شيئا؟ فقال رسول الله : هى من قدر الله))([4]).

وهذا النوع الثالث هو الذي يدخل دائره الطاقه و الاستطاعة، و هنا يصبح الحساب حيث يصبح السؤال: اعطيتك القدره علي الفعل و عدم الفعل، فلم فعلت (فى المعصية) و لم لم تفعل (فى الطاعة) كما يدخل الجانب الثاني من النوع الثاني فتوجية الاقدار كما ذكرنا فالنوع السابق فانتبه.

واما صفات المؤمن بقضاء الله و قدره: فهنالك صفات لابد للمؤمن بقضاء الله و قدرة منها:

ا- الايمان بالله و اسمائة و صفاتة و هذا بان الله سبحانة لا شيء مثله، قال تعالى: ليس كمثلة شيء [الشورى:11]. لا فذاتة و لا فافعالة و لا فصفاتة و ربما قال العلماء: ما خطر ببالك فهو علي خلاف هذا فلا تشبية و لا تعطيل، اي لا نشبة الله باحد من خلقة و لا ننفى صفات الله تعالى.

ب- الايمان بان الله تعالي موصوف بالكمال فاسمائة و صفاته. و فسر ابن عباس قولة تعالى: انما يخشي الله من عبادة العلماء [فاطر:28]. حيث قال: الذين يقولون: ان الله علي جميع شيء قدير.

ج- الحرص: و هو بذل الجهد و استفراغ الوسع و عدم الكسل و التوانى فعمله.

د- علي ما ينفع: حرص المؤمن يصبح علي ما ينفعة فانة عباده للة سبحانه.

ه- الاستعانه بالله: لان الحرص علي ما ينفع لا يتم الا بمعونتة و توفيقة و تسديدة سبحانه.

و- عدم العجز: لان العجز ينافى الحرص و الاستعانة.

ز- فان غلبة امر فعلية ان يعلق نظرة بالله و قدرة و الاطمئنان الي مشيئه الله النافذه و قدرتة الغالبه و ان الله سبحانة اعلم بما يصلحه، احكم بما ينفعه، ارحم بة من نفسه، و ان الله لا يقدر لعبدة المؤمن الا الخير.

وذلك مصداق قول النبى : ((المؤمن القوى احب الي الله من المؤمن الضعيف و فكل خير احرص علي ما ينفعك، و استعن بالله و لا تعجز، و ان اصابك شيء فلا تقل: لو انى فعلت هكذا لكان هكذا و لكن قل: قدر الله و ما شاء فعل فان لو تفتح عمل الشيطان))([5]).

واما اثر الايمان بالقضاء و القدر: فان الايمان بالقضاء و القدر له اثار كريمه منها:

الاول: القوة: و هذا سر انتصار المسلمين فمعاركهم مع اعداء الله، و معظمها كانوا بها قله و لكنهم اقوياء بعقيده الايمان بالقضاء و القدر حيث تربوا علي قولة تعالى: قل لن يصيبنا الا ما كتب الله لنا [التوبة:51]، و للحديث: ((من سرة ان يصبح اقوي الناس فليتوكل علي الله))([6]).

يقول ابو بكر لخالد بن الوليد : (احرص علي الموت توهب لك الحياة).

ويبعث خالد بن الوليد الي رستم يقول له: (لقد جئتك بقوم يحبون الموت كما تحبون الحياة).

ثانيا: العزة: فالمؤمن عزيز بايمانة بالله و قدرة فلا يذل لاحد الا للة سبحانة لانة علم و تيقن ان النافع الضار هو الله، و ان الذي بيدة ملكوت جميع شيء هو الله.

وانة لا شيء يحدث الا بامر الله: الا له الخلق و الامر [الاعراف:54]. فالخلق خلقه، و الامر امره، فهل بقى لاحد شيء بعد ذلك؟

ثالثا: الرضي و الاطمئنان: فنفس المؤمنه راضيه مطمئنه لعدل الله و حكمتة و رحمتة و يقول عمر : (والله لا ابالى علي خير اصبحت ام علي شر لانى لا اعلم ما هو الخير لى و لا ما هو الشر لي).

وعندما ما ت و لد للفضيل بن عياض رحمة الله: ضحك، فقيل له: اتضحك و ربما ما ت و لدك؟ فقال: الا ارضي بما رضية الله لي.

وقد ميز الله بين المؤمنين و المنافقين فغزوه احد، فالاطمئنان علامة، و القلق و سوء الظن بالله علامه النفاق، قال تعالى: بعدها انزل عليكم من بعد الغم امنه نعاسا يغشي طائفه منكم و طائفه ربما اهمتهم انفسهم يظنون بالله غير الحق ظن الجاهليه [ال عمران:154].

رابعا: التماسك و عدم الانهيار للمصيبه او الحدث الجلل، قال تعالى: ما اصاب من مصيبه الا باذن الله و من يؤمن بالله يهد قلبة و الله بكل شيء عليم [التغابن:11]. قال علقمه رحمة الله: هو الرجل تصيبة المصيبه فيعلم انها من عند الله فيرضي و يسلم. و قال ابن عباس: (يهدى قلبة لليقين فيعلم ان ما اصابة لم يكن ليخطئة و ما اخطاة لم يكن ليصيبه).

فلطم الوجوه، و شق الجيوب، و ضرب الفخذ، و اهمال العبد لنظافه الجسد، و انصرافة عن الاكل حتي يبلغ حد التلف، جميع ذلك منهى عنة و مناف لعقيده الايمان بالقضاء و القدر.

وللة در الشاعر:

اذا ابتليت فثق بالله و ارض بة ان الذي يكشف البلوي هو الله

اذا قضي الله فاستسلم لقدرتة ما لامري حيله فيما قضي الله

الياس يقطع احيانا بصاحبة لا تياسن فنعم القادر الله

خامسا: اليقين بان العاقبه للمتقين: و ذلك ما يجزم بة قلب المؤمن بالله و قدرة ان العاقبه للمتقين، و ان النصر مع الصبر و ان مع العسر يسرا، و ان دوام الحال من المحال، و ان المصائب لا تعد الا ان تكون سحابه صيف لابد ان تنقشع و ان ليل الظالم لابد ان يولي، و ان الحق لابد ان يخرج، لذلك جاء النهى عن الياس و القنوط: و لا تياسوا من روح الله انه لا يياس من روح الا القوم الكافرون [يوسف:87]. لا تدرى لعل الله يحدث بعد هذا امرا [الطلاق:1]. كتب الله لاغلبن انا و رسلى ان الله قوى عزيز [المجادلة:21].

 

  • دروس دينيه
  • دروس دينبيه
  • دروس مؤثرة
  • كتب عليكم القتال و هو كره لكم


دروس دينية مؤثرة